رؤوس سياسيين وفنانين بين أيدي مصففي الشعر: ذكريات وأسرار لم تُروَ (فيديو)

تحقيقات 06-09-2025 | 20:11

رؤوس سياسيين وفنانين بين أيدي مصففي الشعر: ذكريات وأسرار لم تُروَ (فيديو)

 كانت مورغان أورتاغوس سعيدة بتسريحتها الجديدة، حتى إنها سألت "ما الذي يليق بي كقصّة شعر؟". وأجابها طوني مندلق "القصير سيبدو رائعاً عليك".
رؤوس سياسيين وفنانين بين أيدي مصففي الشعر: ذكريات وأسرار لم تُروَ  (فيديو)
صورة مركبة تجمع بين مصففي الشعر العم فيليب سفر وطوني مندلق ومراون خداج(النهار)
Smaller Bigger

بين مقصّات الشعر ومرايا الصالونات، تُنسَج حكايات لا تقلّ إثارة عن عناوين الصفحات الأولى. فالعلاقة التي تجمع مصفّفي الشعر والشخصيات العامة – من سياسيين وديبلوماسيين إلى نجوم الفن – تحمل سحراً خاصاً يكشف وجهاً آخر بعيداً عن الرسميات.

 

من إطلالة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي أشعلت مواقع التواصل بعد ظهورها بتسريحة جديدة في صالون طوني مندلق، إلى ذكريات "صالون سفر" الذي ورث المهنة أباً عن جد، وروى محطات مبكرة مع نواف سلام، رئيس الحكومة الحالي، يوم كان أباً شاباً يحمل طفله بين ذراعيه، مروراً بوليد جنبلاط وريمون إدّه وغيرهما ممّن عرفهم عن قرب في لحظات بعيدة عن صخب السياسة.

 

 

 

 

 

ولا تقف القصص عند حدود السياسة، بل تمتد إلى النجوم والفنانين، حيث وثّق مصففو الشعر لحظات استثنائية على مقاعد التزيين مع أسماء بارزة في أجواء امتزجت فيها الضحكات بالهفوات وبالذكريات التي بقيت محفورة في الذاكرة.

 

ومع كل هذه الحكايات المتراكمة، يظل السؤال مطروحاً: هل فكر أحدهم في تحويل كل هذه الحكايات إلى كتاب يُدوّن أسرار الصالونات ومحطاتها التي لم تُروَ بعد؟

 

 

 

 

أحدثت تسريحة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس ضجّة لم تقلّ وقعاً عن تصريحات المبعوث الأميركي توم براك. لم تكن السياسة هذه المرّة محور الاهتمام، بل لمسة مصفف الشعر اللبناني طوني مندلق، التي خطفت الأنظار ونقلت النقاش من أروقة السياسة إلى عالم الجمال. 

 

من واشنطن إلى بيروت، التقت أورتاغوس بنساء تميّزن بتسريحات وألوان شعر لافتة حملت جميعها توقيع طوني مندلق. ويعترف الأخير بأن تلك الإطلالات كانت الشرارة التي دفعت إلى التواصل معه لحجز موعد خاص لها. 

 

 

المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس
المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس

 

خفايا تسريحة موغان أورتاغوس

من ضبية إلى عوكر، قصد طوني مندلق مقرّ السفارة الأميركية حيث كانت مورغان أورتاغوس بانتظاره. يصفها "شخصية جميلة وجذابة، كما أنها سياسية بارزة، وهذا ما جعل فيديو تسريحتها الأخيرة ينتشر على نطاق واسع".

 

لكن ما التقطته عدسات الكاميرات لم يتجاوز مشهد قصّ الشعر وتصفيفه، فيما ظلّ السؤال الذي تردّد كثيراً: هل تطرّق الحديث بينهما إلى الوضع في لبنان؟

 

يجيب مندلق بحسم "لم نتحدث بالسياسة، بل عن الموضة ولون شعرها وقصتها الجديدة. كان لقاءً جميلاً ومختلفاً، وبينما كنت أسرّح شعرها كانت منشغلة بالعمل على حاسوبها. شعرت فقط بالسعادة لتصفيف شعر شخصية بارزة ومؤثرة مثلها".

 

غادر طوني مندلق السفارة الأميركية حاملاً حقيبته، ومحتفظاً بكلمات مورغان أورتاغوس التي ودّعته بها "سألقاك مجدداً". كانت راضية وسعيدة بتسريحتها الجديدة، حتى إنها سألته "ما الذي يليق بي كقصة شعر؟" ليجيبها مبتسماً "القصير سيبدو رائعاً عليك". فوعدته بأنها ستخوض تجربة القَصّ القصير في المرة المقبلة.

 

 

الفيديو الذي أحدث ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي لتسريحة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس
الفيديو الذي أحدث ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي لتسريحة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس

 

الزيارة الأولى كسرت الجليد، ويعوّل مندلق على أن تسنح له الفرصة في المرة المقبلة ليسألها عن الوضع في لبنان، كما يقول "أحب أن أعرف ما ينتظرنا فعلياً". وهو يستعيد ما اعتاد سماعه من السياسيين "إن شاء الله إيجابي". حتى جواب السفيرة الأميركية في لبنان له لم يخرج عن هذا الإطار "إن شاء الله الوضع إيجابي، نحن نعمل على ذلك". 

 


السيدة الأولى وحلم جنيفر لوبيز

التقى طوني مندلق خلال مسيرته وجوهاً سياسية وفنية متعددة، ولكل منها أسلوبها الخاص في اختيار التسريحات؛ فبينما يفضّل البعض المغامرة والتجديد، يتمسّك آخرون بالكلاسيكية. ويعترف مندلق بأن اللقاءات مع شخصيات متفاعلة مثل المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس تمنحه حافزاً إضافياً للإبداع والتجديد.

 

مصفف الشعر طوني مندلق (تصوير النهار)
مصفف الشعر طوني مندلق (تصوير النهار)

 

ومن بين الأسماء التي يتمنى العمل معها، تبرز نعمت عون، السيدة الأولى زوجة رئيس الجمهورية، إذ يرى فيها مساحة لتجربة تسريحة مختلفة. ويضيف بابتسامة "أنا أحب أن أبتكر تسريحات فيها لمسة خاصة ومميزة". أما الحلم الأكبر بالنسبة إليه، فهو أن يصفف شعر النجمة العالمية جينيفر لوبيز، قائلاً بثقة: "بشوف ستايلي على شعرها".

 


الأميرة ديانا والسرّ وراء تسريحات شعرها

بعد 27 عاماً على رحيل الأميرة ديانا، يعود مصفف شعرها السابق ريتشارد دالتون ليسرد عقداً من الذكريات التي جمعتها بها في كتابه الجديد "It’s All About the Hair- My Decade with Diana".

 

 

في صفحاته، يوثّق دالتون رحلته مع "أميرة القلوب"، كاشفاً مواقف خاصة ولحظات إنسانية لم تُروَ من قبل، من جرأتها في تجربة تسريحات جديدة إلى اعترافاتها العفوية. ويتوقف عند واحدة من أكثر اللحظات رسوخاً في ذاكرته حين قالت له ديانا بصراحة: "تسريحة زفافي كانت كارثة، وكنت أتمنى لو أستطيع إعادة الحفل فقط للحصول على التسريحة الصحيحة".

 

رغم أنّه كان يحصل أحياناً على 15 دقيقة فقط لتصفيف شعر أشهر امرأة في العالم – سواء في حمام الطائرة أو فوق حوض المطبخ في منزله – يؤكد دالتون في حديثه إلى مجلة people "لم أشعر بالضغط أبداً".

 

 

إطلالة بساتين الأوركيد في تايلاند للأميرة ديانا
إطلالة بساتين الأوركيد في تايلاند للأميرة ديانا

 

كانت الأميرة ديانا ودالتون يحبان تجربة أساليب جديدة وخارجة عن المألوف في تصفيف شعرها. ولا يُخفي قوله "كنت أعشق المخاطرة مع ديانا عبر تجربة أمور جديدة، مثل إطلالة بساتين الأوركيد في تايلاند"، التي يعتبرها المناسبة المفضلة لديه في تصفيف شعر الأميرة. 

 

في كتابه، يشارك دالتون لحظاته ومحطاته مع الأميرة، يقول "بعض الأيام كانت سعيدة، وأخرى هادئة، وأحياناً كانت كثيرة الكلام أو حزينة… عشت كل هذه الحالات مع ديانا. ولكن الأهم كانت تصر دائماً على أن لا يطغى مظهر شعرها على القضية الخيرية التي تُمثلها".

 

 

صالون سفر وذكريات البلد
من مذكرات مصفف شعر الأميرة ديانا إلى صالون "سفر" في الحمرا، تتنقل الحكايات بين عوالم مختلفة يجمعها خيط واحد: الشعر بوصفه مدخلاً إلى وجوه وأسرار. العم فيليب، الذي بلغ التسعين وما زال يستقبل زبائنه بابتسامة لا تفارقه، يأخذنا في رحلة خاصة إلى شخصيات سياسية تركت بصمتها في صالونه كما في تاريخ لبنان.

 

الصالون الذي ورثه عن والده الراحل إلياس سفر ليس مجرد مكان لقصّ الشعر؛ جدرانه المزيّنة بالصور تشهد على محطات ومناسبات لا تُحصى، ومحادثات بقيت محفورة داخل هذه الغرفة الصغيرة في شارع بليس. 

 

ما إن تدخل إلى صالونه الصغير حتى يستقبلك "عمو فيليب" بضحكته التي لا تفارق وجهه، ويفرح أكثر عندما يعرف أننا من جريدة "النهار".

 

يستعيد العم فيليب علاقته بالراحل غسان تويني، فيقول مبتسماً "كنتُ أذهب إلى مكتبه في الحمرا لأحلق له ذقنه. كان كثير الكلام، وكلما هممتُ ببدء الحلاقة يسترسل في حديثه، فأضطر إلى التوقف حتى ينهي كي لا أجرحه. كانت الحلاقة تأخذ وقتاً طويلاً، وكان الوزير مروان حمادة يمازحه قائلاً "توقف عن الكلام حتى ينهي فيليب وإلا فسيجرحك".

 

ثم يتوقف قليلاً قبل أن يضيف بجدية: "كانت لغسان تويني مكانة كبيرة في قلبي، أحببت فيه جرأته وصوته الذي كان يعلو فوق كل شيء. لم يكن يخاف من أحد".

 

 

مواقف ورجال

شخصيات عديدة مرّت على صالون "عمو فيليب"، ولكل منها ذكرياته الخاصة. يتوقف عند الرئيس ريمون إدّه، الذي كان يذهب إليه ليقصّ شعره، فيستعيد مشهداً مؤثراً حين سمعه يقول على الهاتف "إن شاء الله، إن شاء الله" لسيدة فقدت زوجها على أحد الحواجز خلال الأحداث اللبنانية. يعترف إدّه لعمو فيليب قائلاً "كيف أقول لها إن زوجها قُتل؟ لا أقدر على فعل ذلك، فأقول لها إننا نبحث عنه".

 

وفي موقف آخر، وبعدما تردّد اسم العميد إدّه لرئاسة الجمهورية، يتذكر "عمو فيليب" أنه بعد إنهاء قص شعره سأله "هل المرة المقبلة أقول لك فخامة الرئيس؟" فأجابه إدّه بصوته النابض "ألست لبنانياً، ألا تعرف أنه في السنة الأولى من انتخابي سيهلل لي الناس، وفي السنة الثانية سينهالون عليّ بالشتائم. لا أريد أن يحبّوني ولا أن يسبّوني".

 

من ريمون إدّه إلى كمال ووليد جنبلاط، مرّت على صالون "عمو فيليب" وجوه سياسية متعددة، وكلّها ارتبطت به بعلاقات قوية وجميلة. كما يوضح "عمو فيليب"، كان كمال جنبلاط "علمانياً وأحببت فكره وثقافته". ويضيف أنه حتى وليد جنبلاط ترك له ذكرى مميزة حين جاء إلى الصالون، حيث ذكرته بحادثة حصلت سابقاً، وتبادلنا الحديث قبل أن نلتقط معاً صورة تذكارية ما زلت أحتفظ بها حتى اليوم.

 

وفي صورة يحتفظ بها، يروي "عمو فيليب" قصة نواف سلام، وكيف حمل ابنه على كتفه ليحصل على قصة شعر جديدة دون خوف.

 

ومن الصورة إلى قصاصة جريدة، يتنقل "عمو فيليب" بين أرجاء صالونه الصغير، حاملاً معه ذكريات كل زاوية. يوضح أنه "في هذه الصورة عبد الله نواف، ابن رئيس الحكومة الحالي نواف سلام، وكنت أنا من صفّف شعره يوم زفافه في بيروت، وكان أول زواج مدني من نوعه في لبنان".

 

يتمنى أن يلتقي الرئيس نواف سلام مجدداً، لكنه يدرك ضيق الوقت وكثرة الانشغالات، ومع ذلك يؤكد أنه "لو أتيحت لي الفرصة، لسألته: شو وضعك؟ فالوقت الراهن صعب جداً".

 

كثيرة هي الحوارات والأحاديث التي ستظل سرية بين المعلم فيليب والشخصيات التي التقاها، وهو ما دفع الكثيرين للقول له "تعرف لماذا يحبك هذا الشخص؟ ليس فقط لأنك معلم، بل لأن لسانك دافئ". ويشير فيليب إلى أن "هناك أموراً لا يمكن البوح بها، وأصبحت جزءاً من حياتي وستبقى معي إلى الأبد".

 

عالم الأضواء مع النجوم

قد لا تكون تجارب كتابة المذكرات في عالم الجمال وتصفيف الشعر كثيرة، ومع ذلك تركت بعض هذه المذكرات بصمة واضحة في الأدب والسرد الشخصي. ومن بين هؤلاء من تشجع على مشاركة تجربته وخبرته، خبير التجميل ومصفف الشعر المصري الراحل محمد الصغير، الذي قدّم في كتابه "محمد الصغير أيام من عمري" لمحة عن مشواره المهني بحلوه ومرّه، والذكريات والمحطات والتحديات التي شكلت مساره وجعلت منه اسماً استثنائياً في عالم تصفيف الشعر والتجميل في العالم العربي.

 

كتاب
كتاب

 

يختار بعض المصففين والكُتّاب مشاركة هذه التجربة، بما فيها الهفوات والمواقف الطريفة أو الشخصيات التي طبعت حياتهم، بينما يفضل آخرون الاحتفاظ بها لأنفسهم وعدم البوح بأيّ سرّ مؤتمن عليه. هذا العالم الذي يمتد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية إلى نجوم الفن، يحمل تحدياته وصيحاته التي قد تغيّر المعايير السائدة، ويظلّ فضاءً مفتوحاً على كل الاحتمالات، حيث قد تتحوّل تسريحة أو قصة شعر إلى تراند "يكسر الدني".

 

هذا ما يؤكده مصفف الشعر مروان خداج في حديثه إلى "النهار"، مشيراً إلى أن "تسريحة الفنان أو الفنانة تعكس بصمة مصفف الشعر، ما يضاعف شعورنا بالضغط والمسؤولية، فالنهاية ستظهر أمام آلاف المعجبين والمتابعين. في كل مرة أصمّم تسريحة لشخصية عامة أشعر بتحدٍّ كبير، لكن عندما أرى النتيجة أشعر بالرضى والفخر".

 

 

ويؤكد خداج أنه كثيراً ما يطلب منه زبائنه تقليد تسريحات نجوم الفن. ويستشهد بأحد الأمثلة "مرة قمت فيها بتسريحة جريئة لمايا دياب بقصة شعر قصيرة ولون جريء، وبقيت هذه التسريحة تراند ومطلوبة لما يقارب السنتين".

 

مع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، بات توثيق اللحظات المهنية والفنية ضرورة ملحّة، بعكس الماضي، عندما لم تكن الهواتف أو المنصّات الرقمية موجودة. يرى خداج أن "هناك من يُظلم رغم موهبته وبراعته لأنه لا يحب 'السوشيال ميديا'، ما يجعل عمله يظلّ مجهولاً".

 

ويؤكد أن العلاقة بين مصفف الشعر والفنانين تختلف من شخص لآخر، إلا أن سنوات العشرة الطويلة والصداقة المتينة تجعل المصمم أقرب إلى الفنانة، حتى يصبح مثل شقيقها. ويؤكد خداج مستنداً إلى تجربته مع الفنانة مايا دياب "اليوم هي مثل أختي وعلاقتنا قوية".

 

خاض خداج تجربة العمل مع نجوم بارزين مثل وائل كفوري ونجوى كرم ونيكول سابا، محافظاً على بعض المواقف والهفوات وجلسات المصارحة الخاصة بهم، لكنه يؤكد "كل ما أعرفه سيبقى ساكناً في قلبي ولن يعرفه أحد".



الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين