استقالة لوكورنو تعمق أزمة ماكرون: هل يخرج على طريقة ديغول؟

للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة يستقيل رئيس الحكومة قبل أن يتسلم وزراؤه الذين تم تعيينهم بعد أقل من شهر من تعيينه رئيساً للوزراء مهماتهم. فقد استقال سيبستيان لوكورنو بعد ساعات من إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون تشكيلة الحكومة الجديدة. وبذلك دخل ماكرون في أزمة سياسية يصعب التكهن في كيفية خروجه منها، هو الذي أكد مراراً أنه لن يستقيل وسيبقى في منصبه إلى نهاية عهده الثاني في 2027. فماذا يبقى لماكرون بعد استقالة رئيس وزرائه الثالث بعد حله المجلس في حزيران/ يونيو 2024 الذي تلته انتخابات تشريعية لم تعط أكثرية لأي من الأحزاب التقليدية الفرنسية في المجلس الذي يضم 577 نائباً.
وشرح لوكورنو سبب استقالته بقوله: "لم تعد الشروط متوافرة لأقوم بمهمة رئيس الوزراء وإتاحة الفرصة للحكومة لأن تتقدم أمام الجمعية الوطنية"، منتقداً تصرف الأحزاب السياسية التي "تعمل وكانّها تملك الأكثرية".
والسؤال المطروح اليوم هو هل يدعو ماكرون إلى حل البرلمان مجدداً؟
يقول ديبلوماسي فرنسي مطلع ، لـ"النهار"، إنه يبقى لماكرون خياران، إما أن يعين رئيس وزراء من اليسار الاشتراكي إذا وجد من يقبل بذلك، وهذا قد يكرر ما حصل مع لوكورنو، إذ إن قرار اليسار المتوقع فرض ضرائب على الأثرياء والتراجع عن التشدد إزاء الهجرة سيعارضه اليمين فوراً. وقد يضطر ماكرون إلى حل المجلس مجدداً مع خطر عودة السيناريو نفسه بعدم حصول أي حزب على الأغلبية. أما الخيار الثاني، بحسب هذا الديبلوماسي، فهو أن يقرر تنظيم استطلاع شعبي حيال تغيير مؤسساتي عميق مثل تغيير القانون الانتخابي إلى النسبية وتقليص عدد النواب من 577 إلى 400، وأيضاً تعديل فترة ولاية الرئيس إلى ست سنوات لمرة واحدة.
ويضيف الديبلوماسي أن على ماكرون إذا نظم استفتاء referendum ألا يكون استفتاء على شخصه، لأن شعبيته متدهورة بشكل كبير. وعليه أن يعلن قبل الاستفتاء أنه سيرحل بعده ليخرج من الحكم من الباب العريض مثلما فعل الرئيس شارل ديغول عام 1968وليس مطروداً من الشعب. لكن من غير المعروف ماذا سيفعل ماكرون أمام هذه الأزمة العميقة التي أثرت بشكل كبير على فرنسا. ففور استقالة لوكورنو تراجعت الأسواق مع تراجع CAC 40 بـ 1,5 في المئة وتراجع اليورو مقابل الدولار بـ0،7 .
من جهة ثانية، إذا قرر ماكرون حل المجلس لا يمكن لزعيمة حزب "التجمع الوطني" اليميني المتشدد مارين لوبن أن تشارك في الانتخابات التشريعية لأنها تحت حكم قضائي بمنعها الترشح لأي انتخاب، وقد يدير رئيس الحزب الحالي جوردان برديلا، وهو شاب من دون خبرة سياسية كبيرة، انتخابات الحزب من دون أي تأكيد لحصوله على أغلبية على غرار ما حصل السنة الماضية.
إذن، الغموض وعدم اليقين يخيمان على ما سيفعله ماكرون بعد استقالة رئيس حكومته الذي كان وزيراً للدفاع وبقي وزيراً في كل حكوماته قبل هذه الاستقالة.