الخطة الأميركية مهددة بالتصعيد الإسرائيلي والتفاصيل... نتنياهو يضغط لإلزام "حماس" بها من دون تعديلات
بين شطر الجيش الإسرائيلي قطاع غزة إلى شطرين عبر محور نتساريم، وتوجيه الإنذار الأخير لمن تبقى من سكان غزة بالرحيل عنها تحت طائلة اعتبارهم "أهدافاً مشروعة"، وعملية اعتراض "أسطول الصمود العالمي" الذي يتجه إلى غزة، تكون إسرائيل تتصرف بمعزل عن الخطة الأميركية التي وافقت عليها الاثنين الماضي، وتعتبر نفسها في حلٍ من أية التزامات.
وتستغل إسرائيل تأخر رد "حماس" على الخطة الأميركية، وطلبها إدخال بعض التعديلات عليها، التي تتعلق بضمانات أميركية، وبجدول زمني للانسحاب وببعض الوقت الضروري لمعرفة أماكن رفات عدد من الأسرى الإسرائيليين. لكن الحركة لم ترفض الخطة بالمطلق، وتكثف اتصالاتها مع مصر وقطر وتركيا، لإيجاد المخارج الملائمة.
ومن خلال تكثيف العمليات العسكرية في مدينة غزة، منذ الإعلان عن الموافقة على الخطة الأميركية الاثنين، يظهر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يأمل في إرغام "حماس" على الخطة من دون تعديلات، لأن الالتزام بجدول زمني واضح للانسحاب، يعرض ائتلافه الحاكم للسقوط، في ضوء موقفي الوزيرين المتطرفين إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الرافضين لأي انسحاب.

ويعتقد نتنياهو أنه بموافقته على الخطة ولا سيما القبول بوقف الحرب، قد قدم ما يكفي من التنازلات المطلوبة منه أميركياً وأرضى الرئيس دونالد ترامب. بينما البنود الفضفاضة والتفاصيل المتعلقة بانتقاء إدارة مدنية من التكنوقراط الفلسطينيين واختيار عناصر من الشرطة الفلسطينية الذين يجري تدربيهم في مصر والأردن، وإعادة الإعمار، وتشكيل قوة الاستقرار الدولية، تتيح لإسرائيل البقاء في غزة، ربما لسنوات.
ولذلك، يريد نتنياهو انجاز الجزء الأسهل من الخطة، على غرار استعادة الأسرى الإسرائيليين سريعاً، وموافقة "حماس" على التخلي عن الحكم وعن السلاح، كي يتسنى له الإعلان عن تحقيق أهداف الحرب وخوض انتخابات 2026 على هذا الأساس. ويقول الباحث في معهد سياسة الشعب اليهودي يعقوب كاتس لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، بأنه إذا ذهب نتنياهو إلى الانتخابات بهذا الزخم "فلن يهزمه أحد".
ويتطلب الجزء الصعب من الخطة المتمثل بتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي ضغطاً متواصلاً من ترامب على نتنياهو، لأنه من دون هذا الانسحاب، فمن غير المرجح أن تشارك أية دولة عربية أو مسلمة في قوة الاستقرار المزمع انشاؤها، وتالياً تكون الخطة الأميركية معرضة للتداعي بكاملها. وبذلك تبقى إسرائيل محتلة للقطاع.
لن يتوانى نتنياهو عن تفسير الخطة الأميركية وفق ما يتواءم مع مصالحه السياسية. ومن السهل عليه إلقاء اللوم على "حماس" أو على الوسطاء العرب والأتراك، في عدم قدرتهم على إقناع الحركة بالموافقة على الخطة كما هي. وعليه، سيتهم الآخرين بعدم الوفاء بالتزاماتهم، ويواصل الحرب.
إذا غرقت الخطة الأميركية في تفاصيل البنود الواردة فيها، فإن ذلك من شأنه قطع آخر خيوط الأمل بوقف قريب للحرب التي تقترب من استكمال عامها الثاني.
نبض