
على هامش قمّة الأمم المتحدة التي تُعقَد في نيويورك، يتساءل المتابعون عن سبب إلقاء البرازيل الخطاب الأوّل بعد الكلمة الافتتاحية للأمين العام للأمم المتحدة؟
من المعروف أن التقليد يقول إن البرازيل تتولّى إلقاء الكلمة الأولى في الجلسة العامة للأمم المتحدة، فما السبب؟
السبب يعود إلى أن دولاً عدة في بدايات الأمم المتحدة لم تكن ترغب في البدء بإلقاء الكلمات، فبادرت البرازيل الى أن تكون الدولة التي تتطوع دائماً لتكون أول المتحدّثين، وحصلت بذلك على هذه الميّزة بالتقليد المؤسسي.
يعود هذا التقليد الى عام 1947. إذ خلال دورة للجمعية العامة، برز الديبلوماسي البرازيلي أوزفالدو أرانيا الذي كان يترأس آنذاك تلك الدورة، واستطاع كسب احترام وتقدير واسعي النطاق بفضل مهاراته الديبلوماسية.
في الدورات التالية، بدءاً من عام 1949، أصبح موقف أرانيا معروفاً باستعداده الدائم ليكون أوّل المتحدثين، مما رسّخ هذا التقليد تدريجاً. وبعده، استمر ممثلو البرازيل في الحفاظ على هذا الدور.
التقليد له معنى رمزي وديبلوماسي كبير، إذ يمنح البرازيل موقعاً بارزاً يعكس استعداداً للمبادرة والمسؤولية في الحوارات الدولية، ويسمح ببدء الجلسة الأولى بصوت دولة غير منخرطة في التصادم المباشر في كثير من النزاعات الكبرى، مما يسهل فتح النقاش بطريقة أكثر حيادية.
مرتان يتيمتان تخلّفت البرازيل عن تولّي الكلمة الأولى في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد الكلمة الافتتاحية، في دورتين متتاليتين عامي 1983 و1984، وذلك بسبب ظروف بروتوكولية أو الوصول المتأخر للوفد.
بعد ذلك، يحين دور الدولة المضيفة، أي الولايات المتحدة الأميركية، فيتكلم المندوب الأميركي ثانياً، كون مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
اما بقية الدول، فتتخذ مواعيدها في القائمة بناء على معايير عدة: مستوى التمثيل (رئيس الدولة، رئيس الحكومة، وزير...) إذ يتحدث رؤساء الدول أولاً، يليهم نواب رؤساء الدول وأولياء العهود، ثم رؤساء الحكومات والوزراء، ثم رؤساء الوفود من ذوي الرتب الأدنى ، طلب الدولة، التوازن السياسي والانتشار الجغرافي، وعادةً ما تُعطى الأولوية لمن يصل أولاً.
يذكر أن وقت الخطاب يبلغ 15 دقيقة لكل زعيم سياسي، ولكن في كثير من الأحيان، لا يلتزم القادة هذا الحد، وفي هذا السياق، تعود كلمة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو عام 1960 إلى الواجهة، إذ استمر خطابه حوالى 4 ساعات ونصف ساعة.