شراكة روسيّة - صينيّة تقود "محور الاضطرابات" نحو نظام عالمي جديد

دوليات 05-09-2025 | 05:10

شراكة روسيّة - صينيّة تقود "محور الاضطرابات" نحو نظام عالمي جديد

أحيت الصين مناسبة انتصارها على اليابان في ميدان "تيان آن من" وسط بكين، فقدمت عرضاً عسكرياً عدّ الأكبر في تاريخ البلاد، عرضت فيه - لمن يعنيهم الأمر - أسلحة تدخل الخدمة أول مرّة.
شراكة روسيّة - صينيّة تقود "محور الاضطرابات" نحو نظام عالمي جديد
غواصة مسيّرة شاركت في عرض بكين العسكري (رويترز)
Smaller Bigger

جاءت الذكرى الثمانون لانتهاء الحرب العالمية الثانية في شرق آسيا في ظلّ ظروف دولية معقدة ومتشابكة، دفعت القوى العالمية إلى العودة لسياسة الأحلاف والتكتلات، في وضع يشبه الذي نشأ قبل الحرب الكبرى.

فقد أحيت الصين مناسبة انتصارها على اليابان في ميدان  تيان آن مين  وسط بكين بعرض عسكري عدّ الأكبر في تاريخ البلاد، عرضت فيه - لمن يعنيهم الأمر - أسلحة تدخل الخدمة - أو يعلن عنها - للمرّة الأولى، تحديداً في المجالين التقني والسيبراني، وغيرها من الأسلحة البحرية. لكن المشهد العسكري المهيب الذي استمر أكثر من ساعة، رافقه عرض سياسيّ لا يقل أهمية، وربما حمل رسالة أهم من العرض العسكري نفسه.

رباعي قوي
ولد رباعي آسيوي متمثل في الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ضمن مجموعة من القادة الآسيويين والأفارقة ممن شاركوا في أعمال قمة "منظمة شنغهاي للتعاون". وهذا برأي أحد الباحثين الروس المخضرمين يدل على أن "روسيا والصين تواجهان خطط دول غربية في عسكرة آسيا". وذهب في حديثه مع "النهار" إلى ما هو أبعد بالقول: "بكين تقود تحالفاً دولياً آسيوياً جديداً بالشراكة مع روسيا، وهذا التحالف يؤدي دوراً كبيراً في تصحيح أخطاء دول غربية في المنطقة".

صورة الحضور في العرض العسكري دفعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى القول إن هدفها "التآمر على الولايات المتحدة". والردّ عليه لم يتأخر، إذ علّق الرئيس الروسي: "رئيس الولايات المتحدة يتمتع بحسّ الفكاهة، كل شيء واضح، نعرف هذا جيداً". وبعيداً من التخاطب العلني بين رئيسين لم يمضِ على عقد قمتهما التاريخية في ألاسكا سوى أيام معدودة، حملت زيارة بوتين إلى بكين والتي استمرت أربعة أيام رسائل قويّة إلى الحلفاء والأخصام.

في السياسة، أكدت روسيا أنها والصين في طليعة حلف دولي في مواجهة الغرب. في هذا السياق، يرى أندريه كيرسانوف، الباحث والمتخصص في الشأن الروسي، أن ما شهدته زيارة الصين بالنسبة إلى بوتين "يمكن وصفه بماراثون اللقاءات والمحادثات التي أثمرت نتائج ملموسة على مستويات وقطاعات مختلفة".

وأعرب كيرسانوف في حديث الى "النهار" عن اعتقاده أن محادثات بوتين مع الزعماء الآسيويين هي "محاولة جديدة وجبّارة لمواجهة الهيمنة الأميركية التي كانت العلاقات الدولية المعاصرة تعاني منها منذ سنوات طوال"، مؤكداً أن ما نشاهده اليوم "خطوة جديدة اتخذها شركاء روسيا نحو إنشاء نظام عالمي متعدد القطب".

 

محور الاضطرابات 

 

* في مقال نُشر في مجلة "فورين أفيرز" في نيسان/ أبريل 2024، كتب محللا السياسة الخارجية أندريا كيندال تايلور وريتشارد فونتين من "مركز الأمن الأميركي الجديد"، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، مقالاً بعنوان، "محور الاضطرابات: كيف يتحد أعداء أميركا لقلب النظام العالمي". وقصدا بذلك الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. 
واستخدام مصطلح "محور الاضطرابات" يقصد منه الصين وكوريا الشمالية وإيران إلى جانب روسيا التي تخوض حربها في أوكرانيا وتلقى دعماً عسكرياً من الدول الثلاث. 
وبحسب مقال "فورين أفيرز" فإن هذه الدول الأربع "مدفوعة برغبتها المشتركة في قلب النظام الدولي الذي يقوده الغرب وإضعاف النفوذ الأميركي. ورغم أنه ليس تحالفاً رسمياً، إلّا أن تعاونهم المكثف في مجالات متعددة يُعزز تأثيرهم الجماعي". 

عطفاً على ذلك، أشار بوتين خلال مؤتمره الصحافي الختامي في بكين، إلى أن القوى الكبرى مثل الصين والهند "لا يمكن أن ترضخ لأي تهديدات أو ضغوط خارجية" مشدداً على أن موقع هذه الدول "يفرض عليها دوراً أساسياً في ترسيخ الاستقرار العالمي". 
وترسيخ الاستقرار العالمي يعني حكماً بناء شراكات اقتصادية. وفي هذا السياق أعلن بوتين عن الاتفاقيات المتعلقة بـ"قوة سيبيريا-2" وهو خط الغاز المزمع إنشاؤه بين روسيا والصين والذي يمرّ عبر منغوليا، و التي قال الرئيس الروسي أنها جاءت نتيجة عمل طويل الأمد بين بلاده والصين. 
وفي هذا الإطار يكشف الباحث الروسي أندريه كيرسانوف، أن المباحثات أفضت إلى "زيادة حجم نقل الغاز الروسي عبر مشروعين لبناء خطوط نقل الغاز الروسي "قوة سيبيريا-2" و"سويوز فوستوك" الى مستوى 50 مليار متر مكعب من الغاز سنويا"، وأن هناك توقعات تشير إلى أن حصة روسيا في تلبية احتياجات الصين من الغاز الطبيعي ستصل إلى 40 في المئة بحلول عام 2030.
ويضيف في معرض حديثه مع "النهار" أنه على الصعيد الروسي - الهندي فإن الجانبان ناقشا "رفع حجم نقل موارد الطاقة الروسية إلى الهند، بشكل يسمح للجانبين تجاوز العقوبات الغربية". 
ويستطرد للقول إن ذلك "يوضح نمو دور دول تحالف ‘بريكس‘ ودول أعضاء في منظمة ‘شانغهاي‘ في إدارة الشؤون الدولية".

لكن، ماذا عن المسائل العسكرية، خصوصاً إن كان التحالف الجديد يهدف إلى إقامة نظام عالمي متعدد القطب بحسب ما أعلنه الرئيس الروسيّ، خصوصاً أن بوصلة الأسلحة التي عرضت في العرض العسكري الصيني الضخم تشير إلى بحر الصين الجنوبي وجزيرة تايوان؟

في ما يتعلق بروسيا تحديداً، كان لافتاً ما نشرته صحيفة "تلغراف" في الثالث من أيلول/سبتمبر الجاري تحت عنوان "كيف تقوم الصين بتسليح روسيا سراً؟"، إذ كشفت عن إرسال الصين تقنيات حديثة إلى روسيا لصناعة المسيّرات، مضيفةً: "في أوائل تموز/ يوليو المنصرم، صرّح وزير الخارجية الصيني وانغ يي سراً لمسؤولين أوروبيين بأنه ببساطة لا يستطيع تحمّل خسارة روسيا للحرب، فذلك سيُخاطر بالسماح للولايات المتحدة بتوجيه اهتمامها كاملاً إلى الصين".


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 11/22/2025 12:24:00 PM
حرّر محضر بالواقعة وتولّت النيابة العامة التحقيق.
اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً.