العلاقات الإيرانية - الباكستانية: بين التجارة والأمن... والتعاون النووي؟

تكتسب العلاقات الإيرانية – الباكستانية اهتماماً متزايداً ونشاطاً ملحوظاً لتطويرها على أكثر من مستوى، خصوصاً بعدما تبيّن أن إسلام أباد كانت بين خمس عواصم أبلغت طهران معلومات عن هجوم إسرائيلي وشيك قبل حرب الـ12 يوماً، وقد زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان باكستان في زيارة لافتة هي الأولى له خارج البلاد بعد الحرب.
"النهار" تواصلت مع المدير الإقليمي لصحيفة "عرب نيوز" في آسيا بكر عطياني، المقيم في إسلام أباد، للحديث أكثر عن العلاقات وتطورها في ضوء زيارة بزشكيان، والملفات التي طرحت، وبتقديره، فإن الزيارة جاءت "استكمالاً" لواحدة سابقة بدأها الرئيس السابق ابراهيم رئيسي، والتركيز خلال الزيارتين ينصبّ على ملفي "العلاقات الاقتصادية والتجارية، والحدود حيث تنشط جماعات مسلّحة".
العلاقات الاقتصادية البلدين متطورة، ووفق عطياني، فإن المساعي تنصبّ على تطوير التجارة البينية لتصل إلى 10 مليارات دولار، لكن "لا إطار زمنياً" تم التوصّل إليه خلال زيارة بزشكيان لكيفية الوصول للهدف، والأمر نفسه حصل خلال زيارة رئيسي، إلّا أن اتفاقيات عدّة وُقّعت من أجل الوصول إلى هذا المستوى.
إقليم بلوشستان حاضر دائماً في إطار الحديث عن العلاقات الإيرانية الباكستانية، حيث تنشط جماعات إسلامية سنية مسلّحة في الطرف الباكستاني، وتشن أعمالاً ضد إيران، أبرزها جماعة جيش العدل، وعلى الطرف الإيراني، تنشط جماعات مسلّحة كجيش تحرير بلوشستان ضد باكستان، وبالتالي زيارة بزشيكان تطرّقت إلى هذا الملف الأمني أيضاً وضرورة ضبط الحدود من الجهتين، وفق عطياني.
جماعة "زينبيون"
ملف جماعة "زينبيون" أيضاً ملف حساس بين إيران وباكستان، وهذه الجماعة شيعية مسلّحة باكستانية تقاتل مع فيلق القدس الإيراني، ونشطت في سوريا خلال فترة حكم بشّار الأسد، وفي هذا السياق، يلفت المدير الإقليمي لصحيفة "عرب نيوز" في آسيا إلى أن باكستان تصنّف الجماعة "إرهابية وخارجة عن القانون"، وبالتالي ملفهم أيضاً جدي ويطرح خلال اللقاءات الثنائية.
الحرب الإسرائيلية – الإيرانية
العلاقة الباكستانية – الإيرانية جدلية في ظل الحرب الإيرانية مع إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، وعلاقة باكستان المتقدمة والاستراتيجية مع المعسكرين الشرقي والغربي، وفي هذا السياق، يقول عطياني إن توطيد العلاقات بين طهران وإسلام أباد يعكس حرص إيران على تحسين علاقاتها مع باكستان وألا تستخدم الأخيرة في أي مواجهة مستقبلية.
عطياني يفصّل علاقات باكستان مع الشرق والغرب، فيقول إن باكستان حليف لروسيا والصين، وثمة علاقات استراتيجية تجمع إسلام أباد مع موسكو وبيجينغ، ولكن باكستان كمنظومة ومؤسسة سياسية وعسكرية تميل للغرب وأقرب إليه، وبرأيه، فإن إسلام أباد قد تكون أقرب لواشنطن من أن تكون للشرق، وطهران تعي هذا البعد وحريصة على تقوية العلاقات مع إسلام أباد.
تعاون نووي؟
باكستان إحدى القوى النووية العالمية، وثمّة من يطرح تساؤلاً عن احتمال تعاون نووي مع إيران الساعية لتطوير هذا السلاح، خصوصاً بعد الضربات القاسية التي تلقتها خلال الحرب، لكن عطياني يستبعد هذا الأمر ويقول إنّه "غير ممكن" رغم التعاون الذي حصل خلال التسعينيات حينما سرّبت باكستان بعض التكنولوجيا النووية لإيران وليبيا وكوريا الشمالية.
في المحصلة، فإن جملة ملفات استراتيجية بين إيران وباكستان، منها ما هو ثنائي اقتصادي، ومنها ما هو مرتبط بالأمن الإقليمي، وما هو مؤكّد أن طهران تسعى لتحسين علاقاتها مع جوارها بعد تراجع نفوذها في الشرق الأوسط، فأي مستقبل للعلاقات الإيرانية – الباكستانية؟