بوتين يدفع ترامب لإبرام "مينسك-3" في أوكرانيا

دوليات 15-03-2025 | 09:20

بوتين يدفع ترامب لإبرام "مينسك-3" في أوكرانيا

هل يكون ذلك إرث ترامب الأوروبي؟
بوتين يدفع ترامب لإبرام "مينسك-3" في أوكرانيا
الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين (2017 - أب)
Smaller Bigger

نعم ولكن. هكذا وافق، أو بالأحرى لم يوافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على العرض الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وأوكرانيا في جدة مطلع هذا الأسبوع. بوتين خبير في شراء الوقت من الغرب، وعادة بمبلغ رمزي. ألم تصبّ اتفاقيتا مينسك (2014-2015) في هذا الاتجاه؟

 

بذور الانهيار

حملت الاتفاقيتان بذور انهيارهما منذ لحظة التوقيع عليهما لأنهما تضمنتا أكثر من تفسير. كانت روسيا تطالب بتنظيم دونيتسك ولوغانسك انتخابات في ظل وجود قوات روسية، بينما أصرت كييف على وجوب الانسحاب الروسي من المنطقتين قبل إجرائها. كان التفسيران غير قابلين للتوفيق.

 

في ذلك الوقت، استفاد بوتين من رغبة واسعة لدى الغرب بعدم الاصطدام معه. قالت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إنها أرادت عبر "مينسك" إكساب أوكرانيا الوقت لتتسلح وتصبح أقوى. يواجه كلامها عائقين على الأقل. أولاً، تَبين أن شركات أوروبية، غالبيتها فرنسية وألمانية، خرقت حظر السلاح المفروض على روسيا بعد ضمها القرم.

 

ثانياً والأهم هو السؤال عن احتمال أن تصبح أوكرانيا أفضل استعداداً إذا كان الدعم الغربي العسكري لها محدوداً بشكل كبير، هذا إذا كان موجوداً في الأساس. ميركل نفسها قالت إنها رفضت تسليح أوكرانيا لحماية الديبلوماسية. أدى ذلك إلى لي ذراع الأوكرانيين لقبول المفاوضات بعد تعرضهم لحصار قاتل في إيلوفايسك (دونيتسك) فقبلوا بـ "مينسك-1" في أيلول (سبتمبر) 2014. بعدها، صعد الروس والمتمردون الموالون الحرب في كانون الثاني (يناير) 2015 في مطار دونيتسك ومنطقة ديبالتسيف مما اضطر أوكرانيا للقبول بـ "مينسك-2" بعد شهر.

 

بين من يقول إن ميركل حققت أفضل المتاح في ذلك الوقت، ومن يشير (حتى من داخل حزبها) إلى أنها اعتمدت سياسة "الاسترضاء"، بقيت النتيجة واحدة: خدمت "مينسك" روسيا. تمكنت أوكرانيا من الصمود في 2022 بفعل ازدياد الوعي القومي الأوكراني المترافق مع امتعاض في مناطق دونباس من حكم الموالين للروس وصولاً إلى أخطاء الجيش الروسي نفسه، إضافة إلى الدعم العسكري الغربي المتأخر. بعبارة أخرى، لم تصمد أوكرانيا بفعل سياسات ميركل وهولاند وأوباما، بل لاعتبارات داخلية في كل من أوكرانيا وروسيا.

 

ظروف مماثلة... نتائج مماثلة

مثل أوباما، يبدو ترامب غير متحمس لمد أوكرانيا بالسلاح. ومثل ميركل وأوباما وبايدن، لا يريد لها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. فرنسا وألمانيا اليوم مختلفتان عما كانتا عليه قبل عشرة أعوام، لكنهما لا تستطيعان وحدهما قلب المعادلة. منطقياً، سيعمد بوتين مجدداً إلى شراء الوقت. لن يصطدم مباشرة بترامب عبر القول إنه يرفض بصراحة اتفاق جدة، لكنه يضع شروطاً تعرقل الاتفاق لأن أوكرانيا لا تستطيع تحملها، ولأن ترامب يظهر سخاء في مجال تلبية المطالب الروسية. 

 

لقد تخلى عن منح كييف الضمانات الأمنية وعضوية الناتو والالتزام الطويل المدى بالمساعدات العسكرية، حتى قبل الجلوس إلى طاولة التفاوض. ورفضت روسيا وجود قوات أوروبية (فرنسية وبريطانية بشكل أساسي) على الأراضي الأوكرانية باعتبارها قوات أطلسية. لم يمانع ترامب وجود هكذا قوات في أوكرانيا لمراقبة وقف إطلاق النار، لكن يتعين انتظار ما إذا كان سيستجيب للمطالب الروسية بالضغط على الأوروبيين لمنع نشر هكذا قوات.

 

ثم هناك "مشكلة" الجيش الأوكراني نفسه. ليس هذا الجيش هو الأكبر والأكثر تمرساً في أوروبا وحسب، بل هو أكبر من جيوش الاتحاد الأوروبي وبريطانيا معاً. يطلب بوتين منع المساعدات العسكرية عن القوات الأوكرانية ثم تقليص عديدها. خلال مفاوضات 2022 في إسطنبول، طالبت روسيا بوضع سقف لعديد الجيش الأوكراني عند 50 ألفاً، بدلاً من المليون في الوقت الراهن.  

 

وبما أن ترامب يرغب بصمود وقف إطلاق النار لفترة طويلة، أي حتى نهاية ولايته بشكل مثالي، يمكن أن ينظر إلى الاستجابة للمطلب الروسي على أنها وسيلة منطقية لإقناع موسكو بالقدوم إلى طاولة التفاوض. لكن مدى قدرة ترامب على فرض خيار كهذا على الأوكرانيين قضية أخرى.


تريد روسيا أيضاً الاعتراف بالمناطق الأربعة في شرق وجنوب أوكرانيا بأنها روسية. مع وضع جانباً أن الدستور الأوكراني يمنع البلاد من التخلي عن سيادتها على تلك المناطق (إضافة إلى القرم)، لا تسيطر روسيا بالكامل على المناطق الأربع. في دونيتسك التي شهدت الحرب الأعنف والأطول منذ 2014 وحتى اليوم، لا تزال أوكرانيا تسيطر على نحو 30 في المئة منها، وتشن هجمات مضادة محدودة بالقرب من بوكروفسك. وباستثناء لوغانسك الواقعة بالكامل تقريباً تحت قبضتها، تسيطر روسيا على نحو 75 في المئة من خيرسون وزابوريجيا. باختصار، تريد روسيا السيطرة على مناطق أوكرانية بمجهود الآخرين، وبشكل مفضل، مجهود الأميركيين.

 

يريد بوتين أيضاً تغيير الرئيس الأوكراني. لكن حتى لو ضغطت أميركا لإجراء انتخابات أوكرانية مبكرة وتدخلت روسيا فيها مع دعم إعلامي من إيلون ماسك، ما من مرشح جدي ليلحق الخسارة بزيلينسكي، باستثناء قائد الجيش الأوكراني السابق فاليري زالوجني، وهو متشدد آخر ضد روسيا.

 

لا يشعر بالضغط

نقلت "فايننشال تايمز" عن الباحثة في "معهد بترسون للاقتصادات الدولية" إلينا ريباكوفا قولها إن بوتين لا يريد أن يلام على الوقوف بوجه اتفاق ترامب، لكنه لا يشعر بالضغط "للتراجع عن مطالبه القصوى". وتقدم واشنطن مقترحاً لإعادة تفعيل "نورد ستريم 2" بدعم مستثمرين أميركيين بحسب الصحيفة نفسها.

 

إلى الآن، يبدو الاحتمال كبيراً في أن يكون ما يشبه "مينسك 3" – اتفاقية "سلام" جديدة تسمح لروسيا بالتقاط الأنفاس وإعادة مهاجمة أوكرانيا – إرث ترامب الأوروبي. قد لا يتحقق هذا التوقع. لكن الضغط غير المتساوي على الطرفين، بما فيه فرض تنازلات إقليمية على طرف واحد وعدم نشر قوات ضامنة، لا يعزز كثيراً من الاحتمالات الأخرى، باستثناء انهيار سريع للهدنة.

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.