تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لرئيس حركة "حقوق"، الجناح السياسي لكتائب حزب الله العراقي، النائب حسين مؤنس، بمزاعم أنَّه دعا فيه أخيراً أبناء الحشد الشعبي إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق. إلّا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، والفيديو قديم. وستشارك حركة حقوق في الانتخابات. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

في الادّعاء المتداول، فيديو للقاء تلفزيوني على قناة "عراق 24" مع مؤنس، وهو يتحدّث عن دعوة جماهير الحشد الشعبي الى مقاطعة الانتخابات في ما لو لم يقرّ البرلمان قانون هيئة الحشد. وأرفق الفيديو بتعليق (من دون تدخّل): "حسين مؤنس يدعو ابناء الحشد الى مقاطعة الانتخابات وعدم الاشتراك فيها. #مقاطعون".

حسين مؤنس يدعو ابناء الحشد الى مقاطعة الانتخابات وعدم الاشتراك فيها ،#مقاطعون pic.twitter.com/rZOQjSoTmB

— جواد كاظم البديري (@Jk_Albdeiri) October 13, 2025

لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)

وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:

1- بالبحث العكسي عبر محرك غوغل، اتضح أنَّ الفيديو يعود إلى 12 مارس/آذار الماضي، يوم ظهر مؤنس في لقاء ضمن برنامج "تجيك السالفة" مع الإعلامي هارون رشيد. وناقش حينها قانون هيئة الحشد الشعبي، مطالباُ بإقراره، انطلاقا من كونه من أبرز المدافعين عن دور الحشد الشعبي. ودعا إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية إذا لم تنجح الكتل السياسية في إقرار القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية.

لقطة شاشة من الفيديو في سياقه الزمني الأصلي (يوتيوب)

2-   مع أنَّ قانون هيئة الحشد الشعبي تمّ سحبه من مجلس النواب ولم يقرّ، وشارفت الدورة البرلمانية على الانتهاء، إلّا أنَّ مؤنس غيّر موقفه من الانتخابات، وأعلن وحركته، "حقوق"، المشاركة فيها.

pic.twitter.com/G53lgEzTI2

— حسين مؤنس (@HussainMouanes) October 2, 2025

3-   عند مراجعة حسابات حركة "حقوق" ورئيسها مؤنس، تبيّن أنَّه ليست هناك أي إشارة أو دعوة إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة. كذلك لم تنقل وسائل إعلام رسمية أو مقربة من الحشد الشعبي أي دعوة مماثلة، لا بل بالعكس تنشط بشكل كبير الحملات الإعلانية الانتخابية لحزب "حقوق" والأحزاب الأخرى، خصوصاً تلك التي تتبع الميليشيات المسلحة كمنظمة "بدر" (الجناح السياسي لفيلق بدر)، وحركة "الصادقون" (الجناح السياسي لعصائب أهل الحق)، بينما لا يزال المقاطع الأبرز للانتخابات، مقتدى الصدر، يصرّ على موقفه. 

قانون الحشد الشعبي

مع اقتراب انتهاء الدورة البرلمانية الحالية وتوجّه الأنظار نحو الانتخابات المقبلة في العراق، ظلّ قانون هيئة الحشد الشعبي حبيس الأدراج، أو أكثر من ذلك، إذ سُحِب من مجلس النواب وتم تأجيل إقراره إلى إشعار آخر، في وقت أشار مراقبون إلى أنَّه تم ترحيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة، ولم يتبقَ وقت لإقراره، حتى لو تم التوافق عليه، خصوصاً أنَّه يواجه رفضاً أميركياً وداخلياً أيضاً من بعض الجهات السياسية.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في مقابلة تلفزيونية على قناة "الشرقية"، يوم 2 سبتمبر/أيلول الماضي، إنَّ مستشارية الأمن الوطني قدّمت مقترحاً لتأجيل إقرار القانون إلى ما بعد الانتخابت، من دون الكشف عن السبب والتفاصيل.

وأوضح أنَّ قانون الحشد يحتاج إلى تسويق داخلي وخارجي، وأي قانون محلي عليه جدل وخلاف، لا بد من أن يكون له تسويق. وأشار إلى أنَّ الحشد الشعبي "مؤسسة وطنية قدم التضحيات، ولن نقبل أن يتحدث أحد معنا في موضوع حلّ الحشد"، مؤكداً أنَّ الحكومة لن تسمح لأي طرف، سواء كان صديقاً أو غير ذلك، بطرح فكرة حلّه.

ويتزامن تداول الفيديو بالمزاعم الخاطئة مع تصاعد المناقشات السياسية والإعلامية بشأن مشاركة الميليشيات المسلحة والأجنحة السياسية التابعة لها في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي من المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، على الرغم من عدم إقرار قانون الحشد.

ويدرج تداول الفيديو المضلل في هذا التوقيت ضمن موجة من المنشورات التي تشير إلى عدم وحدة صف قوى "الإطار التنسيقي"، ووجود انقسامات أو تراجع في دعم الحشد الشعبي.

كذلك ساهمت الحملات الانتخابية المكثفة التي أطلقتها حركة "حقوق" خلال الأسابيع الأخيرة في إثارة الجدل حول تغيّر موقف الحركة ورئيسها، الأمر الذي جعل الفيديو يُعاد تداوله خارج سياقه الأصلي على أنَّه موقف جديد من حسين مؤنس، يدعو فيه إلى المقاطعة، رغم أن الحركة أكدت رسمياً مشاركتها في الانتخابات إلى جانب بقية أحزاب "الإطار التنسيقي".