نشرت حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يدعي ان مجلس الوزراء المصري أعلن أخيراً في بيان أن 40% من الشعب المصري يعاني فقر الدم. في الواقع، هذا الاعلان ليس حديثاً، وسبق أن أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري في آذار 2025. FactCheck# 

"النّهار" دقّقت من أجلكم

بكثافة، ينتشر الخبر مع صورة لرئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي. وجاء فيه: "مجلس الوزراء: 40% من المصريين يعانون من فقر الدم، مما يقلل من إنتاجية الفرد، وهذا يمثل عبئا اقتصاديا على الدولة".

الخبر المتداول (فايسبوك)

ولكن ما حقيقة الامر؟ 

في الواقع، لم تصدر الحكومة المصرية بياناً مماثلاً أخيراً، وفقاً لما نتوصل اليه.

في المقابل، يقودنا البحث الى موقع "عين مصر" الذي نشر القالب الاخباري المتداول على حسابه في انستغرام في 26 آذار/مارس 2025.

وكتب معه: "أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إلى أن 40% من المصريين يعانون فقر الدم، مما يسبب انخفاضًا في الطاقة الإنتاجية للفرد ويمثل عبئًا اقتصاديًا على الدولة (المصرية)".

القالب الاخباري منشورا في حساب

واستند هذا الخبر إلى إنفوغراف وزّعه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء عبر صفحته في فايسبوك بالتاريخ ذاته. وكتب: "شهد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، احتفالية إطلاق البرنامج القومي لتعزيز الخبز البلدي التمويني للوقاية من أنيميا نقص الحديد".

الانفوغراف الذي نشره مركز المعلومات واتخاذ القرار في صفحته في الفايسبوك، في 26 آذار 2025

وأطلقت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ووزارة الصحة والسكان، البرنامج القومي لتعزيز الخبز البلدي المدعم للوقاية من أنيميا نقص الحديد، في احتفالية اقيمت في أحد الفنادق الكبيرة بالقاهرة في 10 آذار 2025، وشارك فيها عدد من المسؤولين الكبار والخبراء.

وكان من المتكلمين، وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبدالغفار، الذي كشف أن 40% من المصريين يعانون من فقر الدم وفق المسح السكاني.

وقال إن "مبادرة 100 مليون صحة كشفت أرقاما صادمة في ما يتعلق بسوء التغذية في مصر، إذ تعد الأنيميا، والتقزم، والسمنة من أبرز المشكلات الصحية المنتشرة بين المواطنين"، موضحا أن "الغذاء هو بالفعل بيت الداء، والدول التي تمتلك نظمًا غذائية متطورة تحقق معدلات صحة أفضل، مما يستدعي وضع سياسات غذائية أكثر كفاءة تتناسب مع احتياجات المجتمع".

وأشار إلى أن 40% من المصريين يعانون من فقر الدم، وفقًا لبيانات المسح السكاني، مؤكدا أن تداعيات سوء التغذية لا تقتصر على الصحة العامة، إنما ايضاً تمتد لتؤثر على الاقتصاد والمجتمع ككل.

تقرير أممي: 33 مليون مصري يعانون انعدام الأمن الغذائي و9 ملايين مصابون بسوء التغذية

وكان تقرير للأمم المتحدة يعود الى كانون الأول 2024 حذّر من ان نسب من يعانون سوء التغذية في مصر ارتفعت تدريجيًا من 4.8% عام 2002، لتصل إلى 5.2% عام 2011. ومع بداية برنامج "الإصلاح الاقتصادي" بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في 2016، قفزت النسبة إلى 6.3%، حتى وصلت إلى 8.5% في 2023. والنتيجة ارتفاع عدد السكان الذي يعانون من سوء التغذية من 6.2 ملايين في 2016 إلى 9.4 ملايين في 2023.

وجاء في التقرير الذي نشره موقع "مدى" أن معدلات انعدام الأمن الغذائي المعتدل ارتفعت أيضا لتطال نحو 33.1 مليون مصري/ة في 2023، مقارنة بـ27.1 مليون في 2016. وبين هؤلاء، ارتفعت نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد من 8.2 ملايين في 2016 (8.4% من السكان) لتصل إلى 11.5 مليون مواطن (10.4%).

وفي ما يتعلق بالأطفال، وبالرغم من انخفاض نسبة التقزم بينهم من 22.5% في 2015 إلى 20.4% في 2020، تصاعدت السمنة في الفئة الأقل من سن الخامسة، نتيجة سوء التغذية وغياب الطعام الصحي، لتحل مصر في المرتبة الثالثة عربيا في الوزن الزائد للأطفال أقل من سن الخامسة، بعد ليبيا وتونس.

وارتفعت معدلات الوزن الزائد بين الأطفال من 16.2% في 2015، لتصل إلى 18.8% عام 2022، ما يُمثل ثلاثة أضعاف النسبة العالمية التي قدرها التقرير بـ5.6%، وضعفي الرقم لمتوسط النسبة في الدول العربية.

وسجلت مصر أعلى معدل في العالم العربي في معدلات السمنة المفرطة عند البالغين بنسبة تصل إلى 44.3% عام 2022، في حين يعاني نحو 28.3% من النساء في سن الإنجاب (15-49 عاماً) الأنيميا. 

وقد تفسر معدلات الأنيميا المنتشرة بين المصريات تراجع معدلات الرضاعة الطبيعية، خط الدفاع الأول لصحة الأطفال، في 2022، إذ بلغت نسبتها في مصر 40.2%، مقارنة بـ41.1% عام 2005.