تتداول صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في العراق، فيديو بمزاعم أنَّه يظهر لوحة إعلانية لنور زهير، المتّهم بما يعرف بـ"سرقة القرن"، لترشّحه للانتخابات البرلمانية العراقية، في قائمة "ائتلاف الإعمار والتنمية"، التي يقودها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. إلّا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، والفيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي. ولم يُرشَّح زهير للانتخابات. FactCheck# 

"النّهار" دقّقت من أجلكم

في الادّعاء المتداول، فيديو قصير يظهر لوحة إعلانية انتخابية تتضمّن صورتين لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ونور زهير جاسم، المتّهم بسرقة الأمانات الضريبية في العراق، مع اسم محافظة "واسط"، وشعار "ائتلاف الإعمار والتنمية" الى جانبه الرقم 207، والتسلسل الى جانبه الرقم 9. وعلّقت حسابات (من دون تدخّل): "وصلت الفكرة. لو يحتاج أشرحلكم شنو القصد؟".

لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)

وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:

1- بالبحث العكسي عن الفيديو، تبيّن أنَّه تزييف أُنجز باستخدام صورة أصلية تعود للمرشّح ضمن "ائتلاف الإعمار والتنمية" الملقّب "سامر جيرمني" في واسط، كانت نُشرت قبل أيام في سياق جدل دار حوله، كونه صانع محتوى متنوع على منصّة يوتيوب.

ويمكن ملاحظة التطابق التام في التفاصيل بين الصورة الأصلية والفيديو المتداول، من خلال الخلفية، والثقوب في اللوحة الإعلانية، والأشجار، والأرضية والظلال. وتم استبدال صورة جيرمني بصورة زهير في الفيديو الزائف المتداول.

تطابق بين الصورتين الأصلية والمتداولة

2- لدى مراجعة قائمة المرشحين المصدق عليهم لخوض الانتخابات، اتّضح أنّها تخلو من اسم نور زهير جاسم.  وتم التأكد من أنَّ سامر جيرمني هو سامر ميثم هادي طاهر اليوسف، صاحب التسلسل الرقم 9، ضمن الائتلاف في محافظة واسط، ورقم اسمه في قائمة مفوضية الانتخابات 7553.

لقطة شاشة لقائمة المرشحين المصادق عليهم (مفوضية الانتخابات)

3- بالتدقيق في تفاصيل الفيديو المتداول، أمكن رؤية كلمة Veo في أسفله الى اليمين، وهي العلامة المائية لنموذج الذكاء الاصطناعي (DeepMind) Veo التابع لشركة غوغل، والمعروف بتخصّصه بتحويل النصوص أو الصور فيديوهات قصيرة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وبدقّة عالية تجعل المحتوى أقرب إلى الحقيقة، خصوصاً اذا استُخدم النموذج المتقدّم Veo3.

شعار VEO اسفل الفيديو

4- إضافة إلى ذلك، راجعنا صفحات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و"ائتلاف الإعمار والتنمية"، وأيضاً الوكالة الرسمية ووسائل الإعلام المحلية، وتبيّن أنَّها لم تشر إلى ترشيح نور زهير للانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق.

سرقة القرن والمتّهم المختفي 

يشار إلى أنَّ نور زهير جاسم هو المتّهم الأبرز في قضية الاستيلاء على 2.5 ملياري دولار من أموال "الأمانات الضريبية"، في واحدة من أكبر فضائح الفساد المالي في العراق، والتي غيّبت كالعديد من حالات الفساد الكبرى. 

وأفرج القضاء العراقي عام 2023 عن نور زهير بعد إلقاء القبض عليه، بقرار من القاضي ضياء جعفر، وبكفالة مالية، قبل أن يظهر لاحقاً قي مقابلة تلفزيونية مع قناة "الشرقية". وبعدها، اختفى أثره وأثر القضية.

ويتزامن تداول هذا الفيديو الزائف مع تصاعد الاهتمام الشعبي والجدل الواسع حول انتخابات مجلس النواب العراقي المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لا سيّما بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قوائم المرشحين النهائية.

ويأتي انتشاره في سياق سياسي حساس في العراق، إذ يستغل ناشروه قضية "سرقة القرن"، التي تُعد من أكثر قضايا الفساد المالي إثارة للجدل، في محاولة للربط بين الحكومة الحالية وملفات الفساد السابقة، سعياً إلى التأثير على الرأي العام في خياراته تجاه "ائتلاف الإعمار والتنمية"، الذي يقوده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ويعكس هذا النوع من المحتوى الزائف تزايد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إنتاج مواد مضلّلة خلال الحملات الانتخابية، الأمر الذي يفاقم التحديات أمام التحقّق الرقمي وما تتطلبه من رفع الوعي حول فبركة الصور والفيديوهات السياسية.