تشي غيفارا ألقى أقصر خطاب في تاريخ الأمم المتحدة... الحرية أو الموت؟ النهار تتحقق FactCheck

المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، "الثوري تشي غيفارا يلقي أقصر خطاب في تاريخ الأمم المتحدة، تألف من كلمتين فقط، الحرية أو الموت".
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: هذا المقطع مجتزأ في شكل مضلل من فيديو أطول مؤرشف لدى الامم المتحدة. ويظهر تشي غيفارا ملقياً، خلال الجلسة العامة الـ1299 في الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الـ19، في 11 كانون الاول 1964، كلمة طويلة اختتمها بعبارة "الوطن (وليس الحرية) أو الموت". FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
42 ثانية. تظهر المشاهد تشي غيفارا متوجهاً الى منصة الامم المتحدة، على وقع تصفيق في القاعة. واذ يفتح ملفاً وضعه على المنصة، يقول patria o muerte. ثم يقفل الملف، مغادراً المنصة على وقع التصفيق. وقد انتشر هذا الفيديو بكثافة خلال الساعات الماضية، في حسابات كتبت معه، بالعربية والانكليزية (من دون تدخل): أقصر خطاب في تاريخ الأمم المتحدة لتشي غيفارا عام 1964، في كلمتين: الحرية أو الموت".
أقصر خطاب في تاريخ #الأمم_المتحدة لـ "تشي جيفارا" عام ١٩٦٤ في كلمتين: "الحرية أو الموت"!! pic.twitter.com/oRgWA0n904
— عَبْدُالله بن مُحَمّد العَبْري (@alabriamz) October 1, 2025
حقيقة الفيديو
الا أن هذه المزاعم خاطئة.
والدليل العثور على المشاهد الاصلية لتشي غيفارا مؤرشفة في حساب الامم المتحدة في يوتيوب، في 24 كانون الثاني 2009، بعنوان: كلمة تشي غيفارا (كوبا) أمام الجمعية العامة للامم المتحدة (في دورتها الـ19، الجلسة العامة الرقم 1299) في 11 كانون الاول 1964. وبلغت مدة الفيديو 6.20 دقائق.
كذلك، عثرنا على هذا الفيديو الاصلي مؤرشفاً في موقع مكتبة الأمم المتحدة السمعية والبصرية، بعنوان: الجلسة العامة 1299للجمعية العامة: الدورة التاسعة عشرة- 11 كانون الاول 1964. وكتب معه: "تناقش الجمعية العامة كلمة ممثل كوبا في الجلسة الـ1299 من الدورة التاسعة عشرة.
مدة الفيديو: 6.23 دقائق.
ويتبيّن أنه اقتُطِعت من هذا الفيديو الاصلي، في شكل مضلّل، لقطات محدّدة شُكّل منها المقطع المتناقل، ليبدو ان تشي غيفارا تلا خطاباً مؤلفاً من كلمتين فقط.
ويمكنكم الاطلاع على كلمة تشي غيفارا، كما وردت في الفيديو أعلاه، مؤرشفة بالاسبانية في موقع الامم المتحدة. وبلغ عدد كلماتها، وفقاً لتعداد وورد، 565 كلمة.
ومما قاله تشي غيفارا في تلك الكلمة (ترجمة من الاسبانية): "يسرّ الوفد الكوبي، أمام هذه الجمعية، أن يبادر أولاً بالواجب النبيل المتمثل في الترحيب بانضمام ثلاث دول جديدة إلى هذا العدد الكبير من الدول التي تناقش قضايا العالم هنا. لذا، نحيّي، من خلال رؤساء وزرائها، شعوب زامبيا وملاوي ومالطا، ونأمل أن تنضم هذه الدول، من البداية، إلى مجموعة دول عدم الانحياز، التي تُناضل ضد الإمبريالية والاستعمار والاستعمار الجديد".
وأشار إلى أنه "بعد الاضطرابات المعروفة بأزمة الكاريبي، قدّمت الولايات المتحدة التزاماتٍ مُعيّنة للاتحاد السوفياتي، تُوّجت بسحب أنواعٍ مُعيّنة من الأسلحة التي أجبرتنا الاعتداءات المستمرة لذلك البلد، مثل هجوم المرتزقة على شط جيرون والتهديدات بغزو وطننا، على نشرها في كوبا".
وذكر أن "الأميركيين سعوا أيضًا إلى أن تفتش الأمم المتحدة أراضينا، وهو ما نرفضه رفضًا قاطعًا، إذ لا تعترف كوبا بحق الولايات المتحدة أو أي جهة أخرى في العالم في تحديد أنواع الأسلحة التي قد توجد داخل حدودها. وفي هذا الصدد، لن نلتزم إلا الاتفاقيات متعددة الأطراف التي تُلزم جميع الأطراف التزامات متساوية".
وهاجم ما سمّاه "سعي الولايات المتحدة إلى إرساء امتياز جديد تعسفي وغير قانوني، ويتمثل في انتهاك المجال الجوي لأي دولة صغيرة". وقال: "هكذا حلقت طائرات يو-2 وأنواع أخرى من أجهزة التجسس في المجال الجوي لبلادنا من دون أي عقاب. وقد أصدرنا جميع التحذيرات اللازمة لوقف هذه الانتهاكات الجوية والاستفزازات، لكن البحارة الأميركيين يفعلون ذلك ضد مراكز المراقبة التابعة لنا في منطقة غوانتانامو...".
وأضاف: "لقد أعلنّا انتماءنا لمن يناضل من أجل السلام. وأعلنّا انتماءنا لمجموعة دول عدم الانحياز، رغم كوننا ماركسيين لينينيين، لأن دولاً مثلنا تحارب الإمبريالية". وختم: "نريد السلام. وهذا التوجه الجديد للقارة الأميركية يتلخّص في الهتاف الذي تُطلقه جماهيرنا يوماً بعد يوم، تعبيراً عن عزمها على النضال، مُشلّةً بذلك يد الغزاة المسلحة. وهو إعلان يحظى بتفهم ودعم جميع شعوب العالم، بخاصةً الكتلة الاشتراكية، بقيادة الاتحاد السوفياتي. وهذا الإعلان هو الوطن أو الموت".
ملاحظة: ما قاله غيفارا، في ختام كلمته تلك بالاسبانية، هو Patria o muerte، اي الوطن او الموت، وليس الحرية او الموت، كما زعمت المنشورات خطأ.
وأصل هذه العبارة يعود الى خطاب ألقاه الزعيم الكوبي الثوري فيدل كاسترو في مأتم أقيم في 5 آذار 1960 لضحايا انفجار سفينة الشحن "لا كوبر" الفرنسية في ميناء هافانا، في 4 منه.
وكُتب الشعار في الأصل Patria o Muerte (الوطن أو الموت)، ثم أضيفت كلمة Venceremos (اي سننتصر) في تموز 1960، خلال مؤتمر الاتحاد الوطني لعمال الحلاقة وتصفيف الشعر. وأصبحت هذه العبارة من العبارات المعتادة التي رددها كاسترو في نهاية خطاباته.
وعلى غراره، فعل إرنستو تشي غيفارا امام الجمعية العامة للامم المتحدة الـ19 عام 1964. هذا الثوري الكوبي الماركسي الارجنتيني المولد، ولد في 14 حزيران 1928، وكان طبيبا وكاتبا وزعيما ثوريا وقائدا عسكريا ورجل دولة عالميا وشخصية رئيسية في الثورة الكوبية. وأعدم في بوليفيا في 9 تشرين الاول 1967، بعدما ألقت وكالة الاستخبارات المركزية القبض عليه، بمساعدة القوات البوليفية.
تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان "الثوري تشي غيفارا ألقى أقصر خطاب في تاريخ الأمم المتحدة، تألف من كلمتين فقط، الحرية أو الموت"، وفقاً لما يشاهد في الفيديو المتناقل. في الحقيقة، هذا المقطع مجتزأ في شكل مضلل من فيديو أطول مؤرشف لدى الامم المتحدة. ويظهر تشي غيفارا ملقياً، خلال الجلسة العامة الـ1299 في الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الـ19، في 11 كانون الاول 1964، كلمة طويلة اختتمها بعبارة "الوطن (وليس الحرية) أو الموت".