أموال نائب عراقي وابنه يتفاخر بها؟ النهار تتحقق FactCheck

تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق فيديو بمزاعم أنَّه يظهر "أموالاً تفاخر بها ابن أحد أعضاء مجلس النواب العراقي". إلّا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، والفيديو مرتبط بليبيا، وفقاً للعديد من العلامات. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، فيديو يظهر رزماً كثيرة من الأوراق النقدية في غرفة، بينما يسمع في الخلفية صوت رجل يتفاخر بها، قائلا إنَّه دخل غرفة والده ووجد فيها اوراقا نقدية من فئة 50 ألف دينار. وكتبت حسابات مع الفيديو (من دون تدخّل): "شاهد ابن نائب بالبرلمان يتفاخر بأمواله. اذا كان هذا ابن نائب غير معروف، فما بالك بالقادة والرؤساء؟".
وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:
1- بالبحث العكسي عن الفيديو، تبيّن أنَّ نسخته الأصلية نُشرت في 9 سبتمبر/أيلول 2024، في حساب bafra201@/محمد في تيك توك، مرفقة بوسوم عدة تدل على ليبيا. وتُسمَع في الخلفية موسيقى وتعليق من مسلسل، ولم يكن فيها التعليق الصوتي باللهجة العراقية المسموع في المقطع المتناقل. وهذا يعني، اذاً، أنَّ هذا الصوت مركّب. وجذّب الفيديو في هذا الحساب 6.8 ملايين مشاهدة.
@bafra201 #مصراتة #الشعب_الصيني_ماله_حل😂😂 #ليبيا_طرابلس🇱🇾🇱🇾🇱🇾 #بنغازي_طرابلس_ترهونه_رجمة_سرت_طبرق #الزاوية_العنقاء #ترند #دولار_ليبي #ذهب_مجوهرات ♬ الصوت الأصلي - user23553189508
كذلك، نشر الحساب فيديوات أخرى مماثلة لرزم من الاموال داخل حقائب او اكياس في سيارة. وارفقها بوسوم تدل على ليبيا.
2- اتّضح أنَّ مصدر الفيديو المتداول حساب على منصّة إنستغرام، يعود لشخص مجهول الهوية، يدّعي أنَّه "ابن نائب في البرلمان العراقي"، ولكن من دون ان يبرز ما يثبت صحّة ذلك.
3- بالتدقيق في الفيديو المتداول، اتّضح أنَّ الأوراق النقدية ليست عراقية، بل تتطابق مع عملات ليبية، وتحديداً فئة الـ5 دينار ليبي. وأمكن ملاحظة علامات فيها، مثل "برج الساعة" على إحدى جهات العملة، وآثار "شحات" الليبية على الجهة الأخرى. وهذا ينفي ارتباط الفيديو بـ"أموال عراقية"، كما يُزعم.
أرصدة ليبية مجمّدة في الولايات المتحدة الأميركية
وفي سياق الواقع الاقتصادي الليبي، زارت لجنة التحقق من الأموال الليبية بالخارج، في مايو/أيار الماضي، الولايات المتحدة الأميركية، وعقدت اجتماعاً مطولاً في مقر وزارة الخارجية الأميركية ناقش حالة الأرصدة المجمّدة في الولايات المتحدة الأميركية في ضوء قرار مجلس الامن الاخير رقم 2769 لعام 2025، الذي أتاح إمكانية إعادة استثمار هذه الأصول وفقا لمعايير محددة، من خلال لجنة العقوبات الخاصة بليبيا، المنبثقة عن مجلس الأمن.
وأكد الجانب الأميركي التزامه التعامل مع هذه الأرصدة المجمّدة، وفقاً لقرارات مجلس الأمن وبالتنسيق الكامل مع جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
ويأتي تداول هذا الفيديو بالمزاعم الخاطئة، في وقت يشهد العراق حالة غضب شعبي تجاه الفساد والامتيازات المرتبطة بالطبقة السياسية العراقية، وهو ما جعل أي محتوى يوحي بامتلاك مسؤولين أو ذويهم مبالغ طائلة مادة سريعة التداول، خصوصاً مع قرب إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية، إذ بدأ بعض المرشحين الترويج لأنفسهم بطرق مختلفة، مباشرة وغير مباشرة، وبواسطة مبالغ مالية طائلة.
وساهم نشر الفيديو المضلّل باستخدام لهجة عراقية فيه ونص مباشر يربط المشهد بـ"ابن نائب في البرلمان"، في تضليل المتابعين. وتزامن انتشاره مع النقاشات المستمرة بشأن رواتب النواب العراقيين ومخصصاتهم، الامر الذي عزّز تداوله، رغم أن نسخته الأصلية تدل على ليبيا. ويعكس هذا التناقل الخاطئ أسلوباً متكرراً في إعادة تدوير المقاطع القديمة وذات سياق مختلف، وربطها بالساحة العراقية، لاستثمار حالة السخط الشعبي وزيادة التفاعل.