المتداول: فيديو يصور، وفقاً للمزاعم، "طقوساً شيطانية أقيمت خلال مراسم تسبق دفن البابا فرنسيس"، المقرّر غداً السبت 26 نيسان 2025. 

الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.

الحقيقة: ما تشاهدونه في الفيديو هو انطلاق موكب الأربعاء المقدس للنساء الأعضاء في أخوية  كاثوليكية إسبانية تحمل اسم القديس بطرس، من كنيسة سانتا ماريا دي غراسيا في مدينة قرطاجنة بجنوب شرق إسبانيا، خلال اسبوع الآلام، على ما قالت سكريتيريا الأخوية لـ"النهار"، شارحة ان الصليب المقلوب والديك الظاهرين على ألبسة الأعضاء يرمزان الى القديس بطرس. وبالتالي لا علاقة لهما بممارسات شيطانية او وثنية... او بدفن البابا فرنسيس. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

39 ثانية. المشاهد تظهر أشخاصاً بأغطية سوداء على الرأس، وسترات بيضاء طويلة فوقها عباءات سوداء ساروا في موكب على وقع قرع طبول، بينما أمسكوا بعصي أضيئت اطرافها كقناديل. وقد أثارت هذه المشاهد اهتمام مستخدمين سألوا عما تعنيه هذه المشاهد وعن هوية هؤلاء الاشخاص. ولفت بعضهم الى صلبان مقلوبة على أوشحة الاشخاص وديوك على عباءاتهم، معلقاً: "كشفت مشاهد قبل دفن البابا فرنسيس ما يبدو أنه طقس شيطاني... تختبئ طائفة الشيطان في الفاتيكان في غرفٍ تحت الأرض في أصغر دولةٍ في العالم". ومن التعليقات ايضا، "جنازة كاثوليكية شيطانية للبابا".  

#BREAKING EYES WIDE OPEN 🩸
Pope Francis Pre Funeral reveal’s visual’s of what seems to be a SATANIC RITUAL instead of a morning

The pope and the devil
Vatican Satanic cult are hidden in the Vatican's underground chambers located in smallest state in the world. pic.twitter.com/sUnbRw42uY

— SANTINO (@MichaelSCollura) April 22, 2025

حقيقة الفيديو 

الا أن هذه المزاعم خاطئة، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي صحتها.

فالبحث عن المقطع، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يوصلنا الى صور شبيهة تقودنا، باستخدام كلمات مفاتيح، الى موقع مجموعة Agrupación de San Pedro Apóstol, Cofradía California, Cartagena الاسبانية الكاثوليكية (مجموعة القديس بطرس الرسول، أخوية كاليفورنيا، قرطاجنة)، حيث عثرنا على الالبسة ذاتها بالرموز عينها معروضة في الصفحة المخصصة لأخوية توبة القديس بطرس للنساء في المجموعة،  Tercio del Arrepentimiento de San Pedro. 

وهنا مقارنة بين لقطتين من الفيديو المتناقل (ادناه الى اليسار)، وصورتين من موقع المجموعة (الى اليمين). 

صليب القديس بطرس

وقد تواصلت "النهار" مع سكريتيريا المجموعة، التي توضح "أننا مجموعة القديس بطرس الرسول، التي تنتمي إلى أخوية كاليفورنيا في مدينة قرطاجنة بإسبانيا. وما تشاهدونه في الفيديو هو انطلاق موكب الاربعاء المقدس (خلال اسبوع آلام السيد المسيح) لأخويتنا النسائية الثالثة من كنيسة سانتا ماريا دي غراسيا".

وفي ما يتعلق بالألبسة والرموز الظاهرة عليها، تشرح السكريتيريا أن "الصليب المقلوب، المعروف أيضًا بصليب القديس بطرس، يرمز الى التواضع، إلى شعور القديس بطرس بأنه لا يستحق أن يموت بالطريقة نفسها مثل الرب يسوع المسيح". وتقول: "كما تعلمون، لقد تمّ صلب القديس بطرس رأساً على عقب. ولهذا السبب، نمثله بهذه الطريقة".

الصليب المقلوب هنا يحمل، إذاً، معنى مسيحياً عميقاً متجذراً في الكتاب المقدس. ولا علاقة له بممارسات عبدة الشيطان. 

كذلك الامر بالنسبة إلى الديك. فهو "يذكّر بتنبؤ يسوع المسيح بإنكار بطرس له (متى 26: 34)، خلال العشاء الأخير، وقوله له: "الحق أقول لك: إنك في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك، تنكرني ثلاث مرات"، وفقاً لما تشرح.

وتقول السكريتيريا: "كما ترون، هذه الرموز  تشير إلى حياة القديس بطرس، الذي نحمله مع العديد من القديسين الآخرين في موكب في قرطاجنة خلال أسبوع الآلام". 

وتنشر هذه المجموعة الكاثوليكية فيديو في يوتيوب يتضمّن صوراً لراياتها ورموزها وألبسة أعضائها، بينها ألبسة الاخوية النسائية، التي طُرّز عليها الصليب المقلوب والديك. 

الأسبوع المقدس في إسبانيا

اذاً، نحن أمام تقاليد كاثوليكية قديمة تعود الى القرن السادس عشر، ويحييها الإسبان في مختلف مدنهم، خلال أسبوع الآلام Semana Santa، لتشكل تجارب ثقافية راسخة الجذور توحّد مجتمعات بأكملها. 

وتشتهر المواكب التي تُنظّمها الأخويات- أو الكوفرادياس cofradías- ويتخللها حمل عروش لتماثيل مقدسة مُزينة بأقمشة فاخرة (تُعرف باسم باسو Paso)، على أكتاف سكان (يسمون الكوستاليروسCostaleros) وظهورهم، إظهارا لإيمانهم والتزامهم الديني وتفانيهم وتوبتهم. ويصل وزن العروش الكبيرة، بعد أن تُحمّل وتُزيّن بالكامل، إلى الفي رطل، وتتبعها فرق موسيقية تعزف الحانا مهيبة. ويشق الموكب طريقه بين حشود تجمعت على جانبي الشوارع، وفقا لتقرير لموقع National Catholic Register. 

ولكل من هذه الاخويات المحلية ملابسها ورموزها وألوانها وراياتها. ويرتدي أعضاؤها المشاركون في مواكب أسبوع الآلام قلنسوات تغطي الرأس وجزءًا من الوجه لتكشف فقط العينين. والأصل يعود إلى "العصور الوسطى، عندما تم استخدامها على أنها كفارة عن الذنوب. وبمرور الوقت، تطورت هذه الممارسة لتصبح تقليداً خلال أسبوع الآلام في إسبانيا، والذي يتم احياؤه كرمز للتواضع والتكفير عن الذنب"، وفقاً لموقع hispania-valencia.com.

وتوثّق مجموعة القديس بطرس الرسول في أخوية كاليفورنيا بقرطاجنة صورا لمواكبها. في مسيرتها الطويلة تاريخان مهمان، "التأسيس أو الظهور الأول في موكب أربعاء الآلام عام 1755، وانطلاق المجموعة عام 1932". أنظمة داخلية معلنة، قواعد للملابس والرموز، عروش للقديس بطرس والمرأة السامرية... ماضي المجموعة وحاضرها يزخران بتاريخ غني. 

وأخوية توبة القديس بطرس للنساء التابعة لها (Tercio del Arrepentimiento de San Pedro)، والتي تظهر نساؤها في المقطع الذي نتقصاه، هي "الفرقة النسائية الثالثة للمجموعة. يعود تاريخها إلى عام 1991، وانطلقت للمرة الأولى في الثلثاء المقدس عام 1992". ومن قواعد اللباس الخاص بها، "سترة صوفية بيضاء. عباءة ساتان سوداء مطرزة بشعار الاخوية باللون الذهبي. قلنسوة ساتان سوداء عالية محددة بحبل قطني أبيض. وشاح مخملي أحمر مطرز باللون الذهبي. صندل أسود بحزام متقاطع. جوارب بيضاء، وقفازات بيضاء بحواف سوداء".

ويتولى الرئاسة الفخرية للمجموعة، منذ عام 1977، أمير أستورياس آنذاك، الملك فيليبي السادس.

وعثرنا لكم على مشاهد عرضتها قناة La Semana Santa de Cartagena TV في يوتيوب في 16 نيسان 2025 لموكب الاربعاء المقدس في قرطاجنة. ويمكن مشاهدة سيدات اخوية القديس بطرس للنساء خلال مشاركتهن فيه (التوقيت 2.17.57). 

بدء الاستعدادات النهائية لجنازة البابا فرنسيس

وينهي الفاتيكان اليوم الجمعة الاستعدادات لجنازة البابا فرنسيس، التي ستقام صباح السبت في ساحة القديس بطرس في روما، حيث يمكن للمصلين والسياح المرور أمام نعشه الذي سيكون مفتوحا لليوم الأخير، على ما أوردت وكالة "فرانس برس". 

ومن المقرر أن يصل إلى روما الجمعة معظم رؤساء الدول الخمسين والملوك العشرة الذين أكدوا حتى الآن حضورهم جنازة البابا، وبينهم الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في حين قدّر الدفاع المدني الإيطالي أن عدد المشاركين سيكون "مئات آلاف".

ووضعت السلطات الإيطالية والفاتيكان المنطقة المحيطة ببازيليك القديس بطرس تحت إجراءات أمنية مشددة، مع نشر آلاف المتطوعين وعناصر إنفاذ القانون، ونظام مضاد للطائرات المسيّرة، وقناصة على أسطح المنازل، وطائرات مقاتلة جاهزة للإقلاع.

واصطف عشرات آلاف الأشخاص لساعات طويلة لإلقاء نظرة أخيرة على جثمان البابا فرنسيس الذي سيغلق نعشه الجمعة في الساعة الثامنة مساء، في مراسم سيحضرها الكرادلة.

وسيترأس الكاردينال كيفن فاريل الذي يدير شؤون الفاتيكان اليومية حتى انتخاب بابا جديد، "طقوس إغلاق التابوت".

وتوفي أول بابا للكنيسة الكاثوليكية من أميركا الجنوبية الاثنين 21 نيسان في عيد الفصح عن 88 عاما، بعد أقل من شهر من خروجه من المستشفى في روما حيث كان يتلقى العلاج من التهاب رئوي حاد.

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان المقطع المتناقل يظهر "طقوساً شيطانية أقيمت خلال مراسم تسبق دفن البابا فرنسيس"، المقرّر السبت 26 نيسان 2025. في الحقيقة، ما تشاهدونه في الفيديو هو انطلاق موكب الأربعاء المقدس للنساء الأعضاء في أخوية كاثوليكية اسبانية، من كنيسة سانتا ماريا دي غراسيا في مدينة قرطاجنة بجنوب شرق إسبانيا، على ما قالت سكريتيريا الأخوية لـ"النهار"، شارحة أن الصليب المقلوب والديك الظاهرين على ألبسة الأعضاء يرمزان الى القديس بطرس. وبالتالي لا علاقة لهما بممارسات شيطانية او وثنية... او بدفن البابا فرنسيس.