المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان محذرا "الرئيس الاميركي دونالد ترامب من غضب المملكة العربية السعودية"، وذلك على خلفية دعواته المتكررة الى تهجير الفلسطينيين. 

الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح.

الحقيقة: هذا الفيديو تزييف، معدّل رقمياً. والمشاهد الاصلية التي تعود الى 18 ايلول 2024، تظهر الامير محمد بن سلمان ملقيا كلمة خلال افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، أكد فيها أن المملكة العربية السعودية لن تقيم علاقات ديبلوماسية بإسرائيل قبل "قيام دولة فلسطينية"، معربا عن إدانة الرياض لـ"جرائم" الدولة العبرية. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

16 ثانية. تظهر المشاهد الامير محمد بن سلمان قائلا (من دون تدخل): "أقول لترامب إن بلدنا خاض حروبا كثيرة، وآخرها كانت غزوة تبوك. صحيح اننا انهزمنا في بعض المعارك، مثل مؤتة، لكننا انتصرنا في كثير غيرها. انتبه لغضب المملكة... ونواجهك اذا لزم الامر". وقد تكثف التشارك في المقطع خلال الساعات الماضية، عبر حسابات ارفقتها بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "ولي العهد محمد بن سلمان يوجه رسالة الى ترامب". 

ولي العهد للمملكة العربية #السعودية #محمد_بن_سلمان يوجه تهديدا لـ #ترامب قائلا: "انتبه لغضب المملكة، فقد واجهنا أبا لهب وأبا جهل، وسنواجهك إذا لزم الأمر."

لا أدري إن كان الخبر صحيحا، فإن كان كذلك، فإنه يمثل موقفا قويا يليق بمقام المملكة. وإن لم يكن، فأرجو من حكام العرب أن يتخذوا… pic.twitter.com/DxYEZEQrj8

— خالد أنس الأفغاني (@khalidanas41) February 11, 2025

حقيقة الفيديو

الا ان هذه المزاعم لا اساس لها، وفقا لما يتوصل اليه تقصي صحتها. 

فالبحث عن المقطع، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، وباستخدام كلمات مفاتيح، يوصلنا عبر خيوط الى المشاهد الاصلية منشورة في مواقع اخبارية، لا سيما سعودية، في 18 ايلول 2024، بعنوان "ولي العهد: لا علاقات ديبلوماسية بإسرائيل من دون قيام دولة فلسطينية". 

يومذاك، كان الامير محمد بن سلمان يلقي كلمة في افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، في مقر المجلس. ونجد المشاهد الاصلية لكلمته كاملة مؤرشفة في حسابي قناتي "الاخبارية" و"السعودية" في يوتيوب، في 18 ايلول 2024. 

وفي كلمته التي نشرتها "وكالة الانباء السعودية" (واس) كاملة، أكد ولي العهد السعودي رفض بلاده تطبيع العلاقات بإسرائيل من دون قيام الدولة الفلسطينية. وأعرب عن إدانة المملكة لـ"جرائم" الدولة العبرية.

وقال متوجها لمجلس الشورى: "تتصدر القضية الفلسطينية اهتمام بلادكم، ونجدد رفض المملكة وإدانتها الشديدة لجرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، متجاهلة القانون الدولي والإنساني في فصل جديد ومرير من المعاناة".

وأضاف: "لن تتوقف المملكة عن عملها الدؤوب، في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونؤكد أن المملكة لن تقيم علاقات ديبلوماسية بإسرائيل من دون ذلك".

وشكر "الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية تجسيدا للشرعية الدولية، ونحث باقي الدول على القيام بخطوات مماثلة".

كذلك، عرض الامير محمد بن سلمان في كلمته "منجزات جوهرية كثيرة" تحققت في المملكة، منها "تسجيل أعلى إسهام لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ50% في العام الماضي، مما يعزز استدامة النمو وشموليته ويحقق جودة عالية في التنوع الاقتصادي". 

وبالطبع، لم يأت ولي العهد على ذكر الرئيس الاميركي دونالد ترامب او اميركا، او اي من الكلام الذي تضمنه المقطع المتناقل.

والعثور على المشاهد الاصلية ونص كلمة الامير محمد بن سلمان كاملة يعني، اذاً، ان المقطع المتناقل تزييف، معدل رقميا بواسطة الذكاء الاصطناعي، اذ تم اظهار الامير وهو يقول كلاما لم يقله في الاصل. 

العاهل الأردني يؤكد إثر لقائه ترامب "معارضته الشديدة" المقترح الأميركي لغزة

وقد جاء تداول هذا المقطع الزائف في وقت أثار الرئيس الاميركي دونالد ترامب ذهولا عندما أعلن مقترحا الأسبوع الماضي يقضي بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإعادة بناء المناطق المدمرة وتحويلها  "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد ترحيل الفلسطينيين إلى مكان آخر من دون خطة لإعادتهم، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس". 

وجدّد العاهل الأردني عبدالله الثاني تأكيد "معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية" وذلك بعد لقائه، أمس الثلثاء في البيت الأبيض، ترامب، الذي دافع مجددا عن مقترحه لتطوير القطاع بعد نقل سكانه إلى دول أخرى.

وقال الملك عبد الله في تغريدة نشرها عبر منصة إكس إن هذا الموقف "هو الموقف العربي الموحد"، وأن أولوية "الجميع" تتمثل في إعادة إعمار غزة "دون تهجير" أهلها.

وخلال اللقاء، وتعقيباً على سؤال وُجّه لترامب بشأن السبب الذي قد يدفع الملك عبدالله لاستقبال الفلسطينيين، قال العاهل الأردني إن هناك خطة من مصر والدول العربية، وإنه قد تمت دعوتهم من قبل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان لمناقشتها في الرياض.

لكن ترامب عاد ليعلق على خطته بشأن قطاع غزة بالقول إن الأمر "ليس بذلك التعقيد"، وإن سيطرة الولايات المتحدة على "تلك القطعة من الأرض" ستحقق الاستقرار في الشرق الأوسط "للمرة الأولى"، مضيفاً بأن سكّان غزة سيعيشون "حياة جميلة وآمنة" في مكان آخر (بي بي سي). 

من جهتها، أكدت المملكة العربية السعودية، امس الثلثاء، "الرفض القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة" بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه. وأشارت إلى أن السلام الدائم لن يتحقق إلا بقبول مبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين.

وكانت السعودية ردّت، في بيانين للخارجية شديدي اللهجة رافضين التهجير، أكد الأول أن "موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت ولا يتزعزع، وهذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات" ، وأن "المملكة لن تقيم علاقات ديبلوماسية بإسرائيل دون ذلك". أما البيان الآخر، فقد رفض تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، واعتبرها "متطرفة محتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين".

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان المقطع المتناقل يظهر  ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان محذرا الرئيس الاميركي دونالد ترامب "من غضب المملكة العربية السعودية"، على خلفية دعواته المتكررة الى تهجير الفلسطينيين. في الحقيقة، هذا الفيديو تزييف، معدّل رقمياً. والمشاهد الاصلية التي تعود الى 18 ايلول 2024، تظهر الامير محمد بن سلمان ملقيا كلمة خلال افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، أكد فيها أن المملكة العربية السعودية لن تقيم علاقات ديبلوماسية بإسرائيل قبل "قيام دولة فلسطينية"، معربا عن إدانة الرياض لـ"جرائم" الدولة العبرية.