كلا، البابا فرنسيس لن يفتح خمس بوابات شيطانية ليلة عيد الميلاد FactCheck#
المتداول: فيديوات يدعي ناشروها ان البابا فرنسيس يفتح، ليلة عيد الميلاد في 24 كانون الاول 2024، "خمس بوابات شيطانية"، في طقوس "تقام للمرة الأولى"، وتؤدي الى "فتح أبواب الجحيم" و"استحضار الملائكة الساقطين".
الا أن هذه الادعاءات لا صحة لها.
الحقيقة: ما يحتفل به البابا فرنسيس في تلك الليلة هو افتتاح يوبيل 2025 بعنوان: "حجاج الرجاء"، بفتح باب مقدس واحد هو باب كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، في 24 منه، للإشارة إلى بداية السنة المقدسة، وذلك في تقليد يعود الى قرون عدة. كذلك ستفتح اربعة أبواب مقدسة أخرى تباعا في الايام اللاحقة. ولهذه الأبواب معنى ديني خاص. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
منذ أيام قليلة، تضجّ وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات عن "بوابات خمس سيفتحها البابا فرنسيس ليلة عيد الميلاد، في طقوس غير مسبوقة". وذهب مستخدمون الى الادعاء ان هذه المراسم "ستستحضر الملائكة الساقطين"، والبابا "سيفتح خمس بوابات شيطانية"، وايضا "أبواب الجحيم". وقد أبرز عدد منهم صورة لمقالة نشرها موقع "نيويورك بوست" الاميركي، بعنوان: Pope Francis to open 5 sacred portals on Christmas Eve - for a ritual that’s never been done before، اي البابا فرنسيس يفتح خمس بوابات مقدسة عشية عيد الميلاد في طقوس لم يتم إجراؤها من قبل. وقد حصدت هذه المنشورات مشاركات كبيرة وتفاعلا واسعا، لا سيما في تيك توك.



مزاعم خاطئة
الا ان هذه الادعاءات غير صحيحة.
- أولا، البابا فرنسيس لن يفتح "خمس بوابات مقدسة" (Sacred Portals) دفعة واحدة ليلة عيد الميلاد، كما يتم زعمه، بل بابا مقدسا واحدا (Holy Door)، هو الباب المقدس لبازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.
وبترؤس البابا فرنسيس رتبة فتح باب البازيليك هذا، يفتتح رسميا يوبيل 2025 بعنوان: "حجاج الرجاء"، في 24 كانون الأول 2024، عند الساعة 7.00 مساء. ويحتفل بعد ذلك بالقداس الإلهي في ليلة ميلاد المسيح، داخل البازيليك، على ما جاء في الموقع الرسمي ليوبيل 2025iubilaeum 2025.
وبعد فتح أول باب مقدس في 24 منه، يفتح البابا فرنسيس في 26 منه، "يوم عيد استشهاد القديس اسطفانوس، الباب المقدس في سجن ربيبيا في روما، ممثلا لحظة تاريخية في تاريخ اليوبيلات العادية، اذ ستكون هذه المرة الأولى التي يُفتَح فيها فتح باب مقدس في سجن إصلاحي".
وستفتح الابواب المقدسة الثلاثة الأخرى تباعا كالآتي:
*بازيليك القديس يوحنا في اللاتران في 29 كانون الاول، عيد العائلة المقدسة ليسوع ومريم ويوسف.
*بازيليك القديسة مريم الكبرى في عيد مريم العذراء والدة الإله، في 1 كانون الثاني 2025.
* بازيليك القديس بولس خارج الأسوار، في 5 كانون الثاني 2025.

- ثانيا، لا تقام رتبة فتح الابواب المقدسة في الفاتيكان للمرة الاولى، كما يتم زعمه خطأ، بل هي قديمة العهد.
في الشرح كما يسهب فيه موقع يوبيل 2025، "يوبيل هو الاسم المُعطى لسنة خاصّة: قد يكون مشتقًّا من الأداة المُستخدمة لإعلان بدايته؛ إنه اليوبيل، قرن الكبش، الَّذي يُعلِن صوته عن يوم الكفّارة (يوم الغفران). ويقام هذا العيد كلّ عام، لكنه يكتسب أهميَّة خاصَّة عندما يتزامن مع بداية سنة اليوبيل. نجد فكرة أولى عنه في الكتاب المُقدَّس: يجب أن يُعقَد كلَ 50 عاما، لأنها كانت السَّنة "الإضافية"، الَّتي يجب أن تُعاش كلّ سبعة أسابيع من السنوات (راجع أح 25، 8-13). حتّى لو كان من الصّعب تحقيقها، فقد تمّ تقديمها كمناسبة لاستعادة العلاقة الصحيحة مع الله، بين البشر ومع المخلوقات، وتضمّنت إلغاء الديون، واستعادة الأراضي المنفصلة وإراحة الأرض".
ويقول التاريخ كلمته بهذا الشأن. "في العصر المسيحي، وبعد اليوبيل الأوّل عام 1300، حدَّد البابا بونيفاسيوس الثَّامن المواعيد الثَّابتة للاحتفال باليوبيل، مرّة كلّ 100 عام. بعدها تقدَّم الرُّومانيُّون بالتماسٍ إلى البابا إكليمنضوس السَّادس (1342) ليتمّ تقليص المدَّة إلى 50 عامًا.
عام 1389، وتخليدًا لذكرى عدد سنين حياة المسيح، قرَّر البابا أوربانوس السَّادس تحديد دورة اليوبيل مرّة كلّ 33 عامًا، وأَعلَن يوبيل عام 1390 الَّذي، بعد مماته، احتَفَلَ به البابا بونيفاسيوس التَّاسع.
ولكن عام 1400، ومع انتهاء الخمسين عامًا الّتي حُدِّدَت سابقًا، ثبَّت البابا بونيفاسيوس التَّاسع الغفران للحُجَّاج الَّذين توافدوا إلى روما.
عام 1425، احتفَلَ البابا مارتينوس الخامس بيوبيل جديد، فاتحًا الباب المُقدَّس، للمرّة الأولى، في بازيليك القدِّيس يوحنّا اللاتران.
وآخِر من احَتفَلَ باليوبيل الخمسينيّ كان البابا نيقولاوس الخامس عام 1450. في الواقع، منذ البابا بولس الثَّاني، عُدِّلَت الفترة اليوبيليَّة لتُصبِحَ مرَّةً كلّ 25 عامًا.
عام 1475 احتفَلَ البابا سيستوس الرَّابع بسنة مُقدَّسة جديدة. ومنذ ذلك الحين، أصبَحَ يُحتَفَل باليوبيلات العاديَّة بانتظام. ولسوء الحظ، حالت الحروب النابوليونيَّة دون احتفالات يوبيليّة من عام 1800 الى عام 1850.
وعادت واستؤنِفَت عام 1875، بعدما ضُمَّت روما إلى مملكة إيطاليا، لكن من دون الاحتفال بالاحتفالات التقليديّة.
وهناك أيضًا أوقات "إستثنائيَّة": على سبيل المثال، عام 1933، أراد بيوس الحادي عشر الاحتفال بذكرى الخلاص. وعام 2015 أعلن البابا فرنسيس سنة الرحمة. وكانت طريقة الاحتفال بهذا العام مختلفة أيضًا: فقد تزامنت بداية مع زيارة البازيليكات الرومانيَّة للقدّيس بطرس والقدّيس بولس، ثمّ مع الحجّ، ثم أضيفت رموز أخرى مثل تلك الخاصّة بالباب المقدس. من خلال المشاركة في السَّنة المُقدَّسة يحصل المؤمن على الغفران الكامل.
ماذا عن الأبواب المقدسة؟
من وجهة نظر رمزيَّة، "يأخذ الباب المقدس معنى خاصّا. إنه أكثر العلامات ميزة، لأنّ الهدف هو القدرة على عبوره. ويشكِّل افتتاح البابا له البداية الرسميّة للسَّنة المُقدَّسة"، على ما يشرح موقع اليوبيل.
ويقول جرجي أبي نادر، الشماس الدائم في النيابة الرسولية اللاتينية في لبنان لـ"النهار"، ان "الباب المقدس يرمز الى المسيح الذي قال انه الباب. وبعبور الحجاج هذا الباب، يعبرون الى المسيح ومعه وفيه".
في الأصل، لم يكن هناك سوى باب واحد في بازيليك القدّيس يوحنَّا اللاتران، والَّتي هي كاتدرائيّة أسقف روما، على ما يوضح موقع اليوبيل. "ومن أجل السَّماح للحُجَّاج الكثيرين بالقيام بهذه الخطوة، قدَّمت البازيليكات الرُّومانيَّة الأخرى أيضًا هذه الإمكانية".
في المعنى اللاهوتي، "عند تجاوز هذه العتبة، يتذكر الحاجَّ نَصّ الفصل 10 من إنجيل القدّيس يوحنَّا: "أنا هو الباب. فَمَنْ يدخل منّي يَخْلُصْ، يدخل ويخرج ويَجِدْ مرعًى" (يو 10: 9). يُعبِّر هذا الفعل عن قرار اتّباع يسوع، الراعي الصَّالح، ويكون هو مرشدنا. الباب هو أيضًا ممر يؤدي إلى داخل الكنيسة. وبالنسبة للجماعة المسيحيَّة، ليست الكنيسة فحسب المكان المقدَّس، والذي ندخله باحترام، بسلوك وملابس مناسبين، إنما أيضًا علامة على الشركة التي تربط كل مؤمن بالمسيح: إنها مكان اللقاء والحوار، مكان المصالحة والسلام الَّذي ينتظر زيارة كل حاجّ، فالكنيسة هي جماعة المؤمنين.
وكان فتح الابواب المقدسة تحت عدسات المصورين على مر الاعوام، ونشرت وسائل اعلام ووكالات انباء عالمية تقارير عنه، خلال السنوات الماضية.
يشار الى ان الابواب المقدسة لبازيليك القديس يوحنا في اللاتران وبازيليك القديسة مريم الكبرى وبازيليك القديس بولس خارج الأسوار ستقفل في 28 كانون الاول 2025، على ان يقفل الباب المقدس لبازيليك القديس بطرس في 6 كانون الثاني 2026، ايذانا بانتهاء السنة المقدسة.
البابا فرنسيس
في تأمل حول يوبيل 2025 نشر في 18 كانون الاول 2024، قال البابا فرنسيس: "في تاريخ شعب إسرائيل، كان صدى صوت قرن الكبش المسمى "Yobel" - الذي يشتقُّ منه مصطلح "يوبيل" - يتردد في كل قرية، معلنًا بداية سنة خاصة، وفقًا لأحكام شريعة موسى. لقد كانت سنة اليوبيل زمن افتداء وولادة جديد، تتخلله خيارات معينة ذات طابع رمزي قوي، لا تزال آنية حتى في يومنا هذا: الراحة من زراعة الأرض، لكي نتذكر بأن لا أحد يمتلكها ويمكنه استغلالها، لأنها لله وقد وهبها لنا كعطيّة لكي نحرسها؛ الإعفاء من الديون، الذي كان يهدف إلى إعادة إحلال دوري، أي كل خمسين سنة، لعدالة اجتماعية ضد عدم المساواة؛ تحرير العبيد، من أجل تعزيز حلم جماعة بشرية خالية من التفرقة والتمييز، أشبه بشعب الخروج الذي أراده الله كعائلة واحدة في مسيرة.
في بداية كرازته، في مجمع الناصرة، أخذ يسوع هذا الأفق اليهودي لليوبيل وأعطاه معنى جديدًا ونهائيًا: هو نفسه وجه الله الذي نزل إلى الأرض لكي يفتدي المساكين ويحرر الأسرى، وقد جاء ليظهر شفقة الآب تجاه الذين جُرحوا وسقطوا وفقدوا الرجاء. في الواقع، يأتي يسوع لكي يحرّر من جميع أشكال العبودية ويفتح عيون العميان ويطلق سراح المظلومين. في برنامج مسيحاني كهذا، يتسع اليوبيل لكي يشمل جميع أشكال الظلم والاضطهاد في حياة الإنسان، فيصبح هكذا فرصة نعمة لتحرير القابعين في سجن الخطيئة والاستسلام واليأس، وللشفاء من جميع أشكال العمى الداخلي الذي لا يسمح لنا بأن نلتقي بالله ونرى القريب، ولإيقاظ فرح اللقاء مع الرب من جديد، فنتمكن هكذا من استئناف مسيرة الحياة تحت شعار الرجاء".
نبض