في 21 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، أعلنت "تريدويب ماركتس" (Tradeweb Markets) إطلاق أول منصة رقمية منظمة لتداول السندات المحلية في السعودية، بعدما حصلت على ترخيص من هيئة السوق المالية السعودية، وأجرت أول صفقاتها مع "بلاك روك" (BlackRock)، و"بي إن بي باريبا" (BNP Paribas)، تلتها صفقة أخرى بين "بلاك روك" (BlackRock) و"غولدمان ساكس" (Goldman Sachs). 

منصة"تريدويب" هي أول نظام تداول بديل (ATS) منظم إلكترونياً لتداول الصكوك والأدوات المالية المقومة بالريال السعودي في السعودية، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومنافسة المراكز المالية العالمية. وهي تتبع منصة "تريدويب" العالمية متعددة الأصول للأسواق الناشئة، والتي تدعم أكثر من 20 عملة عبر أسواق الدخل الثابت النقدية والمشتقات.

وتُعدّ "تريدويب" السعودية جزءاً من الخطة الاستراتيجية 2024-2026 لهيئة السوق المالية لزيادة حجم سوق أدوات الدين إلى 24.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويأتي إطلاق المنصة بعد إضافة المملكة إلى قائمة المراقبة لمؤشر "جيه بي مورغان تشيس آند كو" (JPMorgan Chase & Co) لسندات الأسواق الناشئة في أيلول/سبتمبر 2025، ومتوقع أن تجذب تدفقات أجنبية أولية بقيمة 5 مليارات دولار.

ويذكر أن "تريدويب ماركتس" مملوكة لشركة "ريفينيتيف" (Refinitiv)، التي استحوذت عليها مجموعة بورصة لندن (London Stock Exchange Group Plc) في 2021.

لافتة تحمل شعار شركة تريدويب ماركتس (وكالات)

لماذا منصة "تريدويب"؟
يقول خبير أسواق المال العالمية ياسر غريب لـ"النهار" إن السعودية لجأت لهذا النوع من أنظمة تداول الأصول المالية بهدف تنويع مصادر التمويل لديها، خصوصاً بعدما تواجه البنوك المحلية خطر تراجع معدلات الإقراض في ظل شُح السيولة، ما دفع السُلطات السعودية إلى تعزيز أهمية أسواق الدين والدخل الثابت للشركات التي تبحث عن تمويل للتوسع في داخل المملكة.

ويضيف: "ثمة 4 مزايا رئيسية للمنصة الجديدة. الأولى هي الشفافية وسهولة الوصول إلى الأسعار العادلة؛ والثانية هي تقليل أخطار التشغيل في ظل نظام تداول رقمي مُنظم؛ والثالثة هي تعزيز السيولة المالية من خلال ربط المشترين والبائعين إلكترونياً؛ وأخيراً تعزيز الكفاءة وتوفير الوقت والمجهود وتسهيل المنافسة بين صانعي السوق".

أما التحدّيات التي قد تواجهها منصة "تريدويب" السعودية، فيقول غريب إن سوق الصكوك الثانوية ضعيفة عالمياً، وتعاني فقراً في الوعي بها، وذلك هو التحدّي الأعظم؛ والتحدي الثاني هو اقتصار طرح الصكوك على الحكومات، أما صكوك الشركات فلا تزال محدودة؛ والتحدّي الثالث هو ضعف التداول، لأن أغلب المستثمرين لا يرغبون في تداول السندات، بل يفضّلون الاحتفاظ بها حتى انتهاء أجلها.

سوق الدين السعودي تنتعش في 2025
بلغ إجمالي إصدارات أدوات الدين من المؤسسات المالية السعودية 9,4 مليارات دولار بنهاية آب/أغسطس 2025، بزيادة 77% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، كما سجلت قيمة الصكوك والسندات المتداولة في السوق السعودية 183 مليار دولار، مع زيادة 25% في الاستثمار الأجنبي خلال الربع الثاني من 2025.

ويلفت خبير أسواق المال العالمية إلى أن المنطقة تسعى لتطوير حلول مبتكرة لتوسيع وصول المستثمرين الأفراد إلى سوق الصكوك، مشيراً إلى الإمارات، حيث يختبر بنك أبوظبي الإسلامي نظام الصكوك الجزئية (Fractional Sukuk) بالتعاون مع هيئة الأوراق المالية والسلع، والذي يسمح للمستثمرين الأفراد بالاستثمار بمبالغ صغيرة تصل إلى 1000 دولار فقط، بدلاً من الحد الأدنى الحالي البالغ 200 ألف دولار.

وبحسبه، دخول الأفراد في سوق الصكوك الإسلامية والسندات مؤشر جيد إلى قوة الاقتصاد المحلي وثقة المستثمرين فيه، وخطوة استباقية نفذتها السوق المالية السعودية لتعزيز سوق الدين لديها، حيث أطلقت برنامج الصكوك الادخارية "صاح" الموجه إلى الأفراد، بحدّ أدنى للاشتراك 1000 ريال، وحدّ أقصى 200 ألف ريال للفرد الواحد؛ بهدف زيادة معدل الادخار الوطني إلى 10% بحلول 2030.