من البنية التحتية إلى الذكاء الاصطناعي.. أبوظبي تعيد تعريف جودة الحياة

ترسخ إمارة أبوظبي مكانتها نموذجاً عالمياً في التخطيط الحضري ورسم مستقبل الحياة العصرية، عبر استراتيجية متكاملة تستثمر في الإنسان والبنية التحتية والتكنولوجيا معاً، لتعيد تعريف مفهوم جودة الحياة بمعناه الشامل الذي يجمع بين رفاهية المواطن وكفاءة الخدمات واستدامة التنمية.
فقد اعتمد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، توسيع نطاق استراتيجية نمط المعيشة بقيمة 42 مليار درهم، ضمن خطة طموحة تهدف إلى تطوير الأحياء السكنية ومرافقها، وتحسين مستوى الخدمات المجتمعية بما يسهل الوصول إلى المرافق الأساسية وفق أعلى معايير الجودة.
وخلال ترؤسه اجتماع المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، تم التأكيد من ولي عهد أبوظبي على أن رفاهية المواطن تظل أولوية قصوى في مسار العمل الحكومي، مشدداً على حرص القيادة على تعزيز جودة حياة الأسر المواطنة، من خلال تطوير منظومة الخدمات المجتمعية والارتقاء بالبنى التحتية ومرافق الأحياء والمجمعات السكنية.
نتائج المرحلة الأولى
هذا وأظهرت نتائج المرحلة الأولى من الاستراتيجية، التي نفذتها دائرة البلديات والنقل، تقدماً كبيراً في تكامل الأحياء السكنية، حيث ارتفعت النسبة من 67% قبل التنفيذ إلى 81% بحلول عام 2025.
بالإضافة إلى إنجاز أكثر من 60 مشروعاً بتكلفة بلغت 12 مليار درهم، شملت بناء 24 مدرسة و21 مسجداً و28 مجلساً مجتمعياً، وإنشاء 200 حديقة وملعب رياضي، إضافة إلى تطوير 120 كيلومتراً من مسارات المشي و283 كيلومتراً من مسارات الدراجات الهوائية و220 كيلومتراً من إنارة الطرق، إلى جانب تنفيذ نحو 200 مشروع لتجميل وتشجير الأحياء، بما يعكس رؤية عمرانية متكاملة تحاكي أعلى معايير المدن الحديثة.
كما شهد الاجتماع استعراض الجهود المشتركة التي تقودها دائرة التمكين الحكومي في أبوظبي بالتعاون مع الجهات والمؤسسات المعنية في القطاعين العام والخاص، بهدف توظيف تقنيات وحلول الذكاء الاصطناعي ضمن مختلف جوانب منظومة العمل الحكومي، بما يسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمجتمع.
جاذبية وميزة تنافسية
وتعليقاً على ذلك، يؤكد الخبير المالي والاقتصادي وضاح الطه، في حديثه لـ"النهار"، أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمثل في جوهره استثماراً مباشراً في تحسين البيئة المعيشية، سواء للمواطنين أو المقيمين، فهو عملية استثمار غير تقليدية تسهم في خلق جاذبية إضافية وميزة تنافسية للدول التي تتبناه مثل الإمارات.
ويوضح أن الاتجاه العالمي اليوم يشهد إعادة رسم لخارطة توزع أصحاب الثروات الكبيرة، الذين باتوا ينتقلون إلى الدول التي توفر بيئة أكثر أمناً وحياة أكثر سهولة، تتميز ببنية تحتية قوية، وأنظمة مصرفية متطورة، وبيئة قانونية مرنة، وهي عناصر تتنافس عليها دول مثل الإمارات وأستراليا وهونغ كونغ وسنغافورة.
ويشير الطه إلى أن هذه المقومات لا تعكس فقط جودة المعيشة، بل تدخل ضمن أكثر من 230 مؤشراً تشكل مجتمعة مؤشر التنافسية الدولية، موضحاً أن ارتفاع ترتيب الدولة في هذا المؤشر يعني تعزيز مكانتها الاقتصادية والاستثمارية على المستوى العالمي وهو ما تقوم به حالياً أبوظبي.
كما يرى أن ارتفاع جودة الحياة يسهم بشكل مباشر في زيادة الجاذبية الاستثمارية، فكلما تحسنت البيئة المعيشية ارتفعت رغبة المستثمرين وأصحاب الثروات في اختيار تلك الدولة كوجهة لهم، إذ إنهم لا يبحثون فقط عن موطن آمن لأموالهم، بل عن موطن يضمن لهم ولأسرهم حياة أفضل.
ويشير إلى أن الإمارات تُعد من أبرز الوجهات العالمية في استقبال أصحاب الثروات، وهو ما يتجلى في القفزة الكبيرة التي شهدها إجمالي أصول المصارف الإماراتية خلال الفترة الأخيرة، نتيجة لثقة المستثمرين في استقرار الاقتصاد الوطني ومرونته العالية، مؤكداً أن القيادة في دولة الإمارات تدرك تماماً أهمية استشراف المتغيرات الدولية والتصرف بمرونة ووعي استراتيجي لمواكبتها، مضيفاً أن قدرة الحكومة على التكيف مع التحولات العالمية تعد من أبرز نقاط قوتها وتميزها.
وتوقع أن يكون عام 2026 عاماً محورياً ومميزاً بالنسبة لمؤشرات التنافسية والاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات، نظراً لارتباط هذه المؤشرات ببعضها، مشيراً إلى أن الارتفاع الكبير في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الإمارات خلال السنوات الأخيرة يعكس نجاح الدولة في تحقيق معادلة فريدة تجمع بين التنمية الاقتصادية ورفاهية الإنسان، وهو ما يجعلها وجهة عالمية نموذجية تجمع بين الأمان، والازدهار، ونمط الحياة العصري المتكامل.