رسوم الأراضي البيضاء تضغط على أرباح شركات التطوير العقاري في السعودية

تشهد سوق العقار السعودية تطوراً محورياً مع دخول أنظمة رسوم الأراضي البيضاء حيّز التنفيذ بشكل أوسع، حيث بدأت الشركات المدرجة في السوق المالية "تاسي" بالإفصاح عن حجم الأراضي الخاضعة لهذه الرسوم. وفي هذا السياق، كشفت شركة العقارية السعودية عن امتلاكها نحو 488 ألف متر مربع من الأراضي غير المطوّرة في مدينة الرياض، ما يجعلها خاضعة للرسوم وفق النظام الجديد، مع تقديرات تشير إلى أن قيمة الرسوم قد تصل إلى 74 مليون ريال، أي ما يعادل 4% من إيرادات الشركة و34% من أرباحها المسجلة في العام الماضي.
انعكاسات مالية على الشركات المدرجة
تمثل هذه الرسوم ضغطاً مباشراً على ربحية الشركات العقارية، إذ تعادل الرسوم المحتملة أكثر من ثلث أرباح العقارية، ما قد يدفعها إلى إعادة النظر في استراتيجية الاحتفاظ بالأراضي غير المطوّرة. ويُذكر أن الأراضي المعلنة تمثل 4.65% فقط من محفظة الشركة في الرياض، البالغة 10.5 ملايين متر مربع، فيما تصل محفظتها العقارية الإجمالية في السعودية إلى نحو 20 مليون متر مربع. هذا يعني أن الرسوم الحالية قد تكون مجرد بداية إذا استمرت الشركة في الاحتفاظ بمساحات شاسعة من الأراضي البيضاء دون تطوير.
مقارنة مع شركات أخرى
العقارية ليست الشركة الوحيدة المتأثرة؛ فقد سبقتها شركة الرياض للتعمير بالكشف عن أراضٍ خاضعة للرسوم بمساحة 852 ألف متر مربع، مع تقديرات لرسوم تصل إلى 85 مليون ريال. وبهذا، فإن إجمالي الرسوم المحتملة على الشركتين يتجاوز 160 مليون ريال، وهو رقم يعكس بداية التحول الكبير الذي يستهدفه النظام في معالجة ملف الأراضي البيضاء.
آلية الرسوم والنطاقات الجغرافية
وفق اللائحة الجديدة التي أعلنتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان الشهر الماضي، تُفرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء داخل النطاقات العمرانية في الرياض وفق 5 شرائح:
الشريحة الأولى (أولوية قصوى): 10% من قيمة الأرض.
الشريحة الثانية (أولوية عالية): 7.5%.
الشريحة الثالثة (أولوية متوسطة): 5%.
الشريحة الرابعة (أولوية منخفضة): 2.5%.
الشريحة الخامسة: خارج نطاق الرسوم.
الأراضي التي أعلنتها شركة العقارية توزعت بين 346.28 ألف متر مربع برسم 2.5%، و141.56 ألف متر مربع برسم 10%، إضافة إلى 18.5 ألف متر مربع في حيّ الديرة برسم 10% وفق النظام الجديد.
أهداف استراتيجية للنظام
يهدف نظام رسوم الأراضي البيضاء إلى تحفيز الشركات العقارية والملاك على استثمار الأراضي غير المطورة عبر البناء أو البيع، بما يسهم في زيادة المعروض العقاري وتقليص فجوة الطلب المتنامي على الوحدات السكنية والتجارية. ومن شأن ذلك أن يحد من ظاهرة احتكار الأراضي التي كانت تعوق تطور القطاع العقاري لعقود.
التأثير على سوق الأسهم والمستثمرين
من الناحية الاستثمارية، من المتوقع أن يراقب المستثمرون في سوق الأسهم السعودية "تاسي" عن كثب تداعيات هذه الرسوم على أداء الشركات العقارية المدرجة. فبينما قد تتأثر ربحية الشركات في المدى القصير، فإن تطوير الأراضي أو بيعها قد يفتح آفاقاً أوسع للنموّ على المدى الطويل، ما يوازن الأثر السلبي للرسوم.
إدخال نظام رسوم الأراضي البيضاء إلى حيّز التنفيذ العملي يضع الشركات العقارية أمام خيارات استراتيجية مصيرية: إما الاستمرار في تحمّل أعباء مالية كبيرة من الرسوم، أو تسريع وتيرة تطوير الأراضي وطرحها في السوق. وفي الحالتين، يبدو أن المستفيد الأكبر سيكون القطاع العقاري السعودي ككل، الذي يسعى لمواءمة عرضه مع الطلب المتنامي، بما ينسجم مع رؤية السعودية 2030 في تعزيز تملك المساكن وتحفيز الاقتصاد غير النفطي.