من العقار إلى الاستثمار... كيف تتأثر أسواق الخليج بقرارات الفيدرالي الأميركي؟

بينما تترقب الأسواق حول العالم قرار الفيدرالي الأميركي الأربعاء 17 أيلول/ سبتمبر، تتصاعد التكهنات والتقلبات، ليس في وول ستريت فحسب، بل مباشرة في قلب الخليج، فهل يؤدي خفض الفائدة إلى فتح آفاق استثمارية جديدة؟ أم سيعيد رسم خرائط الأسواق المالية والعقارية في المنطقة؟ وكيف يمكن للسياسات الأميركية أن تهز الأسواق الخليجية وتعيد تشكيل فرص الاستثمار فيها؟
الخلفية الاقتصادية في الولايات المتحدة
ظهرت أخيراً اأهم النتائج للبيانات الاقتصادية لشهر آب/ أغسطس من هذا العام والتي أظهرت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) بنسبة 0.4٪ مقارنة بالشهر السابق، ليبلغ المعدل السنوي للتضخم 2.9٪، وهو الأعلى منذ كانون الثاني/ يناير الماضي وفق بيانات BLS و"رويترز". وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات AP News ارتفاعاً ملحوظاً في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية لتتجاوز 263,000، وهو أعلى مستوى منذ نحو أربع سنوات. كما أشارت "فايننشال تايمز" إلى أن نمو التوظيف تم تعديله بالخفض، لتتضح صورة أضعف لسوق العمل الأميركية مما كان يُعتقد سابقاً. هذه المؤشرات مجتمعة تبرز ضعف الاقتصاد الأميركي مع استمرار الضغوط التضخمية، ما يجعل خفض الفائدة خياراً شبه محسوم. حتى من ناحية فنية، فقد أظهر أن قوه الدولار تراجعت بشكل طفيف ليتم تداوله عند مستويات الـ 97 كما أظهر استطلاع أجرته "رويترز" أن خبراء الاقتصاد يتوقعون خفضاً بمقدار 25 نقطة أساساً في اجتماع أيلول، مع احتمال خفض إضافي في كانون الأول/ ديسمبر وقبل نهاية العام.
توقعات خفض الفائدة على العقار الخليجي..
خفض الفائدة الأميركية عادةً ما يقلل تكلفة الاقتراض عالمياً ويخفض عوائد السندات، ما يجعل التمويل العقاري أكثر جاذبية للمستثمرين. وفي الخليج، حيث ترتبط العملات بالدولار، تصبح قرارات الفيدرالي حاسمة. في السعودية على رغم تقلبات أسعار النفط، تشهد الأسواق العقارية ارتفاعاً ملحوظاً، إذ يرى المستثمرون فرصة للدخول قبل انعكاس خفض الفائدة على تكلفة التمويل. وفي الإمارات على رغم هبوط أسهم بعض شركات البناء مثل "إعمار" و"أدنوك"، تظل الفرص العقارية قوية، خصوصاً في المشاريع الفاخرة والمناطق ذات الطلب المرتفع، ما يشير إلى احتمال ارتفاع الأسعار على المديين المتوسط والبعيد. هذا يجعل القطاع العقاري في الخليج محوراً رئيسيًا للفرص الاستثمارية، حيث يتوقع أن يجذب المستثمرين الباحثين عن تمويل أرخص وعوائد مستقبلية مستقرة.
الأسواق المالية وأسعار الأسهم
وقد تأثرت الأسواق المالية الخليجية بشكل متباين: بعض الأسهم ارتفع بدافع توقعات خفض الفائدة، بخاصة أسهم البنوك وشركات العقار. وفي الولايات المتحدة، سجلت مؤشرات مثل ناسداك وS&P 500 مستويات قياسية، مدفوعة بارتفاع أسهم التكنولوجيا التي تستفيد من انخفاض تكلفة رأس المال، ما يعكس التفاؤل بالنمو والأرباح المستقبلية.
السيناريو المحتمل للأشهر الستة المقبلة..
خلال الفترة القادمة، من المتوقع أن تشهد الأسواق الخليجية تحركات مهمة، بحيث من المرجح أن يرتفع الطلب على العقارات، وخصوصاً المشاريع الفاخرة والمتوسطة، بدعم من انخفاض تكلفة التمويل، ما يعزز نشاط السوق ويحفز عمليات الشراء. كما قد تستفيد البنوك الأكثر مرونة في إدارة أسعار الفائدة، رغم استمرار بعض تحديات السيولة، مع احتمال تحويل جزء من الودائع نحو الأسهم أو السندات ذات العوائد الأعلى. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تزيد جاذبية المنطقة للاستثمارات الأجنبية، مما يفتح المجال لدخول رؤوس أموال جديدة وتعزيز النشاط الاقتصادي.
فهل تمثل هذه الفترة نقطة تحول حقيقية للأسواق الخليجية، أم مجرد تصحيح موقت قبل استقرار التوجهات المالية؟
**محللة أسواق مالية تعمل في شركة ACY Securities Mena