اقتصاد وأعمال 12-09-2025 | 14:05

ما وراء قرار أوبك+ والعقوبات الأميركية على روسيا... لماذا عاد النفط إلى النطاق الأخضر؟

جاءت التطورات السياسية لتضيف مزيداً من الدعم للأسعار. فقد هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الدول التي تستورد النفط من روسيا، بالتزامن مع تحركات أوروبية وأميركية لفرض عقوبات جديدة على موسكو.
ما وراء قرار أوبك+ والعقوبات الأميركية على روسيا... لماذا عاد النفط إلى النطاق الأخضر؟
أوبك+ (وكالات)
Smaller Bigger


عاد النفط إلى النطاق الأخضر بعد سلسلة تطورات متشابكة في الأسواق العالمية. فمن جهة، قررت أوبك+ رفع الإنتاج لشهر تشرين الاول/ أكتوبر بمقدار 137 ألف برميل يومياً فقط، مقارنة بزيادة بلغت 555 ألف برميل في أيلول/سبتمبر، ما مثّل مفاجأة للأسواق التي توقعت أرقاماً أكبر. هذه الزيادة المتواضعة تعكس حذراً من جانب المنظمة في ضخ كميات كبيرة قد تضغط على الأسعار.

في المقابل، جاءت التطورات السياسية لتضيف مزيداً من الدعم للأسعار. فقد هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الدول التي تستورد النفط من روسيا، بالتزامن مع تحركات أوروبية وأميركية لفرض عقوبات جديدة على موسكو. فأي قيود إضافية على صادرات النفط الروسي تعني تراجع الإمدادات العالمية، وهو ما يُترجم سريعاً بارتفاع الأسعار. بالنسبة إلى الدول العربية المنتجة، هذه المعطيات تمنح الأسواق بعض التوازن، لكنها تضعها أيضاً أمام تحدي مراقبة التطورات بدقة، خصوصاً في ظل التنافس على الحصص السوقية.

 

هل باتت الجغرافيا السياسية لاعباً أساسياً في السوق؟
إلى جانب قرارات الإنتاج والعقوبات، برز عامل آخر لا يقل خطورة: التوترات الأمنية. فقد أعلنت جماعة الحوثي عن استهداف ناقلة نفط قرب السواحل السعودية في البحر الأحمر. ورغم أن الهجوم لم يسفر عن أضرار جسيمة، غير انه أعاد إلى الواجهة المخاوف من تهديدات الملاحة في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يعبر قرابة تريليون دولار من السلع سنوياً.

بالنسبة إلى العالم العربي، وتحديداً إلى دول الخليج المطلة على البحر الأحمر، فإن أي اضطراب أمني يرفع تكلفة التأمين والنقل، ويضع علاوة أخطار إضافية على الأسعار.

 

كيف يتفاعل الطلب العالمي في ظل هذه التطورات؟
هو بالحقيقة لايزال أدنى من التوقعات الأولية، بخاصة مع تباطؤ النمو في بعض الاقتصادات الكبرى. ومع ذلك، فإن الأسواق تترقب قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي حول أسعار الفائدة. خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية أو أكثر سيؤدي إلى تنشيط الاقتراض، وتحفيز النمو الاقتصادي، وبالتالي رفع استهلاك الطاقة والنفط، أي أن ضعف في قوة الدولار سيؤثر حتماً على زيادة الطلب العالمي على النفط والمحصلة هي ارتفاع الأسعار. وهذا يعني أن أسعار النفط ستتأثر ليس بالعرض والإمدادات فحسب، بل أيضاً بمسار السياسة النقدية الأميركية التي توجه حركة الطلب العالمي.

 

 

أوبك+ (وكالات)
أوبك+ (وكالات)

 

إلى أين يمكن أن تصل الأسعار في المرحلة المقبلة؟
تشير التقديرات الراهنة إلى أن أسعار النفط ستبقى في المدى القصير ضمن نطاق 60 – 65 دولاراً للبرميل لخام غرب تكساس. أما الزيادة المحدودة في إنتاج تشرين الأولأكتوبر، فهي إشارة إلى أن أي خطوات أكبر قد تُرحَّل إلى تشرين الثاني/ نوفمبر مع اتضاح صورة السوق بشكل أفضل. هذا قد يشجع أوبك على رفع الإنتاج إذا واصلت الأسعار مسارها التصاعدي. وفي المقابل، فإن استمرار التوترات الجيوسياسية والعقوبات المحتملة على روسيا قد يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى مما هو متوقع حالياً.

 

ماذا يعني ذلك للعالم العربي؟
بالنسبة إلى الدول العربية المنتجة، وعلى رأسها السعودية، العراق والكويت، فإن هذا النطاق السعري يحقق معادلة مقبولة بين تأمين الإيرادات وعدم إضعاف الطلب العالمي. لكنه في الوقت نفسه يفرض عليها الاستمرار في التنسيق داخل أوبك+ للحفاظ على استقرار السوق.
أما الدول العربية المستوردة للنفط، مثل الأردن ومصر وتونس والمغرب، فتواجه معادلة أكثر صعوبة: أي ارتفاع إضافي للأسعار سيضغط على موازناتها العامة، ويرفع من فاتورة الاستيراد، وبالتالي قد يفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

 

في المحصلة، المرحلة المقبلة ستختبر قدرة الدول العربية على الموازنة بين استقرار الأسعار وحماية اقتصاداتها الداخلية من تقلبات السوق العالمية. النفط عاد إلى النطاق الأخضر، ليس فقط بفضل قرارات إنتاج متواضعة من أوبك+، بل أيضاً نتيجة لتشابك العوامل السياسية والأمنية والاقتصادية، من العقوبات على روسيا، إلى تهديدات الملاحة في البحر الأحمر، وصولاً إلى ترقب قرارات الفيدرالي الأميركي. وفي خضم هذه التطورات، يجد العالم العربي نفسه لاعباً أساسياً ومتأثراً في الوقت ذاته، في سوق لا تزال حساسة على أي إشارة أو قرار قد يعيد رسم خريطة الأسعار عالمياً، فهل سينجح العالم العربي في تحويل هذه التحديات إلى فرص، أم سيبقى رهينة لتقلبات سوق النفط العالمية؟

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟