مخطط صيني يسرق 3.7 مليارات دولار من وول ستريت! (فيديو)
فجأة يهتز هاتفك وتستقبل إشعارات كثيرة الواحد تلو الآخر عبر مجموعات للتوصيات المالية على منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وواتساب وانستغرام وتليغرام، وعادة ما تكون هذه التوصيات من وسطاء ماليين ومحللي أسهم معروفين، هنا أنت مُعرض للوقوع في فخ مخطط "الضخ والإغراق" الخطير الذي استخدمته عشرات الشركات الصينية الصغيرة غير الربحية وتسبب بنزيف خسائر لدى وول ستريت بلغ 3.7 مليارات دولار، وفقًا لبيانات الأسعار التي حللتها شركة التحليلات التنبؤية (InvestorLink).
وزلزال وول ستريت الأخير يدفعنا للتساؤل عما هو مخطط الضخ والإغراق الخطير، وكيف تورطت شركات التواصل الاجتماعي الكبرى مثل فيسبوك وانستغرام وواتساب في عمليات الاحتيال، وكيف تعاملت السلطات الفيدرالية مع الأمر، وما هي خطوات حماية استثماراتك من الاحتيال في أسواق المال؟
أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي في تموز (يوليو) الماضي أن شكاوى عمليات الاحتيال في وول ستريت ارتفعت بمعدل 300% على أساس سنوي، ولفت إلى انتشار عمليات استهداف المستثمرين عبر مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وواتساب وانستغرام.
.jpeg)
ما هو مخطط "الضخ والإغراق"؟
مخطط الضخ والإغراق (Pump-and-dump) هو حيلة خطيرة ينفذها بعض الأشخاص ممن ينتحلون صفة وسطاء مالييين قانونيين أو محللي أسهم مشاهير لخداع المستثمرين، وذلك من خلال تضخيم سعر السهم بشكل مصطنع عبر نشر بيانات مضللة عنه، وعندما يرتفع الطلب عليه ويقفز سعره الى مستويات قياسية وفق آلية العرض والطلب، تتم عمليات بيع كثيفة ويتراجع السهم الى أدنى مستوياته.
وبالسؤال عما أصاب وول ستريت؟ يقول عمرو وهيب، خبير أسواق المال، لـ"النهار" إن بورصة "ناسداك" شهدت منذ عام 2020 طروحات لنحو 60 شركة مقرها الصين وتحديداً في هونغ كونغ، وخلال عام 2024 ارتفعت وتيرة إدراج هذه الشركات الصغيرة، وجمعت كل منها 15 مليون دولار أو أقل حتى الآن.
وتابع: "كانت المفاجأة عندما تعرض أكثر من ثلث هذه الشركات لخفوضات مفاجئة بمعدل 50% أو أكثر في يوم واحد خلال العامين الماضيين، وفقاً لبيانات FactSet، كما خسرت 17 شركة أخرى مدرجة مقرها في هونغ كونغ نصف قيمتها السوقية في يوم واحد.
وفي تموز (يوليو) الماضي، انخفضت 7 أسهم مدرجة في بورصة "ناسداك" أكثر من 80% خلال بضع جلسات تداول في الأسابيع الأخيرة، وهي شركة كونكورد إنترناشونال (Concorde International)، وأوستين تكنولوجي (Ostin Technology)، وتوب كينغ وين (Top KingWin)، وسكاي لاين بيلدرز (Skyline Builders)، وإيفربرايت ديجيتال (Everbright Digital)، وبارك ها بيولوجيكال تكنولوجي (Park Ha Biological Technology)، وفيتون هولدينغز (Pheton Holdings).
وأوضح وهيب وهو مستثمر في أسواق المال منذ أكثر من 20 عاماً، أن غالب المستثمرين يشتركون في مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي لاستقبال توصيات الخبراء ومحللي أسواق المال بشأن تحركات الأسواق وتحديد صفقات البيع أو الشراء، وعادة ما يكون القائمون على هذه المجموعات من أهل الثقة، بحيث يتم إيهام المستثمر بأن شركة صينية صغيرة غير ربحية مثل (Liberal Education Holdings) المُدرجة في بورصة "ناسداك" الأميركية مرشحة بقوة للصعود من خلال اندماجها مع كيانات كبيرة أو تعرضها لصفقة استحواذ مرتقبة (وهذه بالطبع بيانات مُضللة)، وأنها فرصته للشراء وتحقيق مكاسب خيالية، وهنا يكون فخ مخطط "الضخ والإغراق"، لأن القرار الاستثماري يتخذ بناء على الثقة بالوسيط أو المحلل المالي وليس على أساس أصول الشركة وحجمها في السوق. وفي حالة الشركات الصينية، كان من الصعب على المستثمرين الأميركيين التحقق من أصولها في هونغ كونغ، نظراً للبيروقراطية ونقص معايير الإفصاح والشفافية هناك، لذلك كانوا فريسة سهلة للمحتالين وتبخرت 3.7 مليارات دولار من وول ستريت.
كيف تعاملت السلطات الأميركية؟
أعلنت "ناسداك" في بيان: "تأخذ ناسداك مسؤولياتها التنظيمية على محمل الجد". وأضافت: "في الحالات التي لا تتمتع فيها ناسداك بسلطة رئيسية، مثل أنشطة التداول عبر الأسواق، نعمل بشكل استباقي مع الجهات التنظيمية الأخرى ووكالات إنفاذ القانون للمساعدة في معالجة حالات التلاعب بالسوق".
وركزت السلطات أخيراً على التداول المشبوه في أسهم العديد من الشركات الأخرى التي تتخذ من الصين مقراً لها، بما في ذلك شركتا ليكسيانغ ونت كلاس تكنولوجي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
أما شركة ميتا المالكة لتطبيقات فيسبوك وواتساب وانستغرام، فقالت إنها تُجري تجارب على أدوات جديدة، مثل تقنية التعرف على الوجه، مُصممة لمنع عمليات الاحتيال المُعقّدة، كما علقت متحدثة باسم الشركة قائلة: "يتطلب التصدي لهذه الجريمة تعاوناً بين البنوك والحكومات وأجهزة إنفاذ القانون وشركات الاتصالات".
طرق التصدي للاحتيال
وطالب خبير أسواق المال بضرورة التوعية مع التثقيف المالي للمستثمرين والمتعاملين بالبورصات بأساليب الكشف عن الاحتيال وعدم الانجرار وراء التوصيات غير المدروسة، كما على الجهات التنظيمية والحكومية تعزيز الرقابة على التداولات والكشف المبكر عن المحاولات الاحتيالية، بالإضافة لمنع الترويج المضلل على وسائل التواصل الاجتماعي والتعاون مع شركات التقنية لتقليص انتشار المحتوى المضلل.
وبسؤاله عن إمكان استرداد الأموال المنهوبة، أوضح أن من الصعب إن لم يكن من المستحيل استرداد المستثمرين لأموالهم؛ لأنه غالباً هذه العمليات تبدو شرعية ظاهرياً وتعتمد على آلية العرض والطلب الحقيقية للسوق، لكنها مدفوعة بتلاعب ممنهج شبه قانوني، وبالتالي فإن التحقيقات القانونية فيها قد تستغرق وقتاً طويلاً والضرر فيها أولاً سيقع على المستثمر النهائي وبالتالي فإن الوقاية هنا أفضل بكثير من محاولة الاسترداد.
نبض