اقتصاد وأعمال 19-08-2025 | 13:49

هل تعيد "ضمانات أوكرانيا" رسم ملامح الحرب… أم تفتح أبواب صفقة كبرى بين ترامب وبوتين؟

ليست غارة عسكرية هذه المرة ولا حزمة عقوبات، بل حزمة “ضمانات أمنية” تعمل الولايات المتحدة والدول الأوروبية على صياغتها.
هل تعيد "ضمانات أوكرانيا" رسم ملامح الحرب… أم تفتح أبواب صفقة كبرى بين ترامب وبوتين؟
لقاء ترامب وزيلينسكي (وكالات)
Smaller Bigger

تحركت واشنطن وبروكسل لوضع إطار أمني دائم لكييف تمهيداً للقاء ثلاثي بين ترامب وزيلينسكي وبوتي، فيما تخشى أوروبا أن تتحول “الضمانات” إلى ورقة مساومة على الأرض.

 

بين أروقة البيت الأبيض وغرف الطوارئ في العواصم الأوروبية، بدأت ساعة جديدة من لعبة النفوذ في أوكرانيا. ليست غارة عسكرية هذه المرة ولا حزمة عقوبات، بل حزمة “ضمانات أمنية” تعمل الولايات المتحدة والدول الأوروبية على صياغتها، في محاولة جريئة لفرض قواعد جديدة قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي. 

 

القرار الأميركي – الأوروبي يذهب أبعد من مجرد تمديد الدعم المالي أو إرسال دفعة صواريخ جديدة.

 

التصور الذي بُحث في قمة البيت الأبيض يوم الإثنين الماضي، بحضور ترامب وزيلينسكي وقادة من فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وبولندا، يقوم على منح كييف حق بناء قواتها المسلحة “بلا سقف أو قيود عددية” في المستقبل، أي تفادي الخطأ الذي ارتكب بعد اتفاق “مينسك” حين قُيّد حجم الجيش الأوكراني وترك باب الغزو الروسي مفتوحاً على مصراعيه. 

 

“مادة 5” بدون الناتو 
وفق مصادر دبلوماسية أوروبية شاركت في المشاورات، تدفع إيطاليا بمقترح مستند إلى “صيغة المادة 5” (المادة الخاصة بالدفاع المشترك داخل حلف الأطلسي)، لكن خارج مظلة الحلف – أي ضمان التزام مباشر بتقديم مساعدة عسكرية في حال تعرض أوكرانيا لهجوم جديد، من دون أن تصبح عضواً كاملاً في الناتو (وهو ما تعتبره موسكو خطاً أحمر مطلقاً). 

هذا النظام الأمني الجديد سيُبنى – بحسب المشاركين – على: 

• تحالف “الراغبين” بقيادة فرنسا والمملكة المتحدة 
• دعم لوجستي واستخباراتي أميركي 
• وللمرة الأولى، إمكانية تشكيل قوة متعددة الجنسيات داخل الأراضي الأوكرانية مستقبلاً 

لكن كل ذلك يبقى معلقاً بقرار سياسي واحد: هل سيقبل بوتين بمبدأ تقديم ضمانات دولية لكييف، حتى من دون عضوية في الحلف؟ 

 

لقاء البيت الأبيض… وقلق ما بعد “اللحظة الألاسكية” 
من وجهة نظر كييف والعواصم الغربية، ما جرى في البيت الأبيض شكّل انعطافة. 

المخاوف كانت عالية خلال الأيام السابقة، خصوصاً بعدما خرج ترامب من اجتماعه مع بوتين في ألاسكا متحدثاً عن “الحاجة إلى وقف القتال، ولو بتسويات قاسية”. 

في الكواليس، كانت أوكرانيا تخشى من أن تُطلب منها تنازلات إقليمية في دونباس مقابل وقف النار. 

لذلك، حرص زيلينسكي على الوصول إلى البيت الأبيض بـ«لهجة ودّية» مختلفة تماماً عن زيارته السابقة. 

ارتدى بدلة رسمية سوداء – بدلاً من الزي العسكري – وقدم رسالة شخصية لميلانيا ترامب، واصطحب معه رؤساء فرنسا وإيطاليا وألمانيا لعرض “موقف أوروبي موحّد”. 

 

النتيجة؟ 
ترامب لم يضغط على كييف من أجل التنازل المسبق عن الأراضي، ووافق على أن ملف دونباس يُترك لمحادثات مباشرة بين بوتين وزيلينسكي لاحقاً. 

الأهم من ذلك، هو موافقته على الانضمام إلى منظومة “الضمانات الأمنية” – ولو مع تحميل الأوروبيين القسم الأكبر من العبء المالي. 

مناورة ثلاثية… أم ولادة صفقة؟ 
بعد انتهاء اللقاء، أجرى ترامب اتصالاً مباشراً ببوتين وأكد له أن ترتيبات لقاء شخصي بينه وبين زيلينسكي باتت قيد الإعداد، في مكان لم يُعلن عنه بعد. 

وقال الرئيس الأميركي إنه سيشارك في لقاء “ثلاثي” بعد اجتماع الزعيمين مباشرة. 

لكن هنا تبدأ الأسئلة الثقيلة: 
هل يمنح توقيع الضمانات لكييف قوة تفاوض فعلية… أم يكون مجرد تمهيد لفرض تسويات إقليمية عليها لاحقاً؟ 

هل سيقبل بوتين بهذا الإطار، أم يعتبره مقدمة لتوسيع النفوذ الغربي داخل أوكرانيا؟ 

وهل يستطيع ترامب أن يوازن بين وعده بـ“إنهاء الحرب خلال أسابيع” وبين التزامه تجنيب كييف تسوية قسرية على الأرض؟ 

لقاء ترامب وزيلينسكي (وكالات)
لقاء ترامب وزيلينسكي (وكالات)

أوروبا… دعم معلن وقلق مكتوم 
في بروكسل، وصف المستشار الألماني فريدريش ميرتس اللقاء بأنه “فوق المتوقع”، فيما قالت جورجيا ميلوني إن “شيئاً تغيّر” بعد الاجتماع. 

لكن داخل الغرف المغلقة، هناك إدراك أوروبي بأن معظم عبء التمويل وشراء الأسلحة سيقع فعلياً على كاهل القارة، في وقت تواجه فيه تحديات اقتصادية وميزانيات دفاعية مرهقة. 

والأسوأ أن موسكو لوّحت مبكراً برفض أي قوة متعددة الجنسيات داخل أوكرانيا، مؤكدة أن “أي وجود لقوات تابعة لدول الناتو سيكون عملاً عدائياً مباشراً”. 

بمعنى أوضح: الضمانات قد تتحول إلى سبب إضافي للتصعيد… لا إلى بوابة سلام. 

 

ضربات في الظل… بينما الدبلوماسية في الضوء
ولأن الحرب لا تنتظر “الضمانات”، شنّت روسيا في الليلة نفسها ضربة واسعة على البنية التحتية النفطية في منطقة بولتافا، وقصفت مصفاة كريمنشوك – في أكبر هجوم على هذا الموقع منذ بداية الغزو الكامل. 

من حيث الشكل، الجميع يتحدث عن “وقف القتال”. لكن من حيث الفعل، كل طرف يراكم أوراق القوة قبل الجلوس إلى الطاولة.

 

الأسواق تتنفس… لكن الخوف لم يغادر

من نيويورك إلى فرانكفورت، كان ردّ فعل الأسواق بطيئاً ومليئاً بالتناقض؛ وكأن الاجتماع بلا نتيجة.

في الساعات الأولى التي تلت اجتماع البيت الأبيض، ارتفعت الأسهم الأميركية والأوروبية على وقع الحديث عن “ضمانات أمنية” واحتمال تنظيم لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي. حتى اليورو – الذي كان تحت ضغط بسبب احتمال اضطرار أوروبا لتحمّل العبء وحدها – تحسّن قليلاً أمام الدولار.

وبكل تأكيد الذهب هو دائماً ما يعكس تحركات التوترات الجيوسياسية ويحتسب دائماً علاوة المخاطرة... انخفض بالأمس بما يقارب 35 دولار للأونصة، وفي جلسة اليوم يتحرك ضمن نطاقات تداولات الأمس. وكأن حال لسان الذهب يريد أن يصف بأن "الانتظار لايزال سيد الموقف".

 

** رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟