اشترى بيتاً بـ500 ألف دولار واليوم صار مليونيراً! تعرّف إلى "مليونيرات الصدفة" في دبي
في قلب النهضة العقارية التي تشهدها دبي، تبرز ظاهرة لافتة تحمل اسماً غير تقليدي: "مليونيرات الصدفة". هم أناس عاديون، اشتروا منازل بأسعار متواضعة قبل سنوات، ليتحولوا اليوم إلى أثرياء من دون أن يسعوا وراء الثروة أو يخططوا لها بدقة. والفضل في ذلك يعود إلى الزخم غير المسبوق في سوق العقارات الفاخرة في دبي.
بحسب تقرير حديث صادر عن شركة Knight Frank، فإن عدد الوحدات السكنية في دبي التي تجاوزت قيمتها 1 مليون دولار وصل إلى 110,000 وحدة، أي ما يعادل 17.7% من إجمالي 624,000 وحدة تم بيعها منذ عام 2002. ولكن اللافت للنظر أن من بين هؤلاء، هناك 37,000 شخص لم يشتروا هذه العقارات بهذا السعر، بل اشتروها بأقل من $1 million، لتتضاعف قيمتها مع مرور الوقت، ويجدوا أنفسهم اليوم ضمن فئة "المليونيرات"، فقط بفضل تضخم الأسعار العقارية.
هؤلاء هم "مليونيرات الصدفة"، مالكو عقارات تحولت إلى ثروات صافية من دون تدخل مباشر أو خطط استثمارية كبيرة. ما حصل لم يكن مغامرة مالية، بل مجرد قرار بشراء منزل في المكان والتوقيت المناسبين.
وتقدر القيمة الإجمالية لهذه المنازل التي يزيد ثمن الواحد منها عن 1 مليون دولار ، بنحو 994 مليار درهم، أي نحو 271 مليار دولار، ما يبرز حجم الثروة العقارية التي باتت تمثل ركيزة أساسية من الاقتصاد الشخصي للعديد من السكان.
وعلى الرغم من أن 21,000 وحدة من هذه المنازل مؤجرة حالياً – أي ما يشكل 19% من هذه الفئة – فإن الغالبية العظمى يحتفظ بها مالكوها كمساكن رئيسية أو منازل ثانية، أو حتى كممتلكات طويلة الأجل تُستخدم وسائل لتنمية رأس المال.
ويشير التقرير إلى أن عدد "مليونيرات الصدفة" ارتفع بنسبة 79.5% خلال السنوات الثلاث الماضية فقط، في دلالة واضحة إلى قوة الزخم العقاري ونمو الثقة بالسوق السكني في الإمارة، لا سيما لدى الأفراد الأثرياء محلياً وعالمياً.
يقول فيصل دوراني، الشريك - رئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في Knight Frank، لـ"النهار"، إنّ " إن بروز "مليونيرات الصدفة" في دبي كان أمراً حتمياً نظراً إلى النمو القوي لأسعار العقارات خلال العقدين الماضيين. فقد استفاد بشكل كبير أولئك الذين اشتروا منازل واحتفظوا بها لفترات طويلة، سواء كمستخدمين نهائيين أم كمستثمرين بنظام الإيجار. وعلى رغم أن نسبة "مليونيرات الصدفة" اليوم تمثل 17.7% من إجمالي المنازل المُباعة في المدينة منذ عام 2002، فإن هذه النسبة لا تزال أقل مقارنةً بمراكز الثروة العالمية الأخرى. فعلى سبيل المثال، 68% من المنازل في وسط لندن تتجاوز قيمتها مليون دولار أميركي، بينما تبلغ النسبة في مانهاتن نحو 63%".

ومع ذلك، فإن هذا التركز المتزايد للثروة الخاصة في دبي يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي القوي، ويدعم نضوج سوق الإسكان في المدينة، والذي لا يزال - على الرغم من ارتفاع الأسعار في هذه الدورة العقارية - يُعتبر ميسور التكلفة نسبياً مقارنة بالسوق العالمية.، بحسب دوراني. فعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط سعر القدم المربعة في المنازل السكنية نحو 360 دولاراً، بينما يبلغ السعر في المنازل الفاخرة نحو 1,035 دولاراً للقدم المربعة.
أما عن توزع هذه العقارات الفاخرة، فتأتي Palm Jumeirah في الصدارة بـ 9,071 وحدة، تليها Downtown Duba i بـ 8,376 وحدة، ثم Dubai Hills Estate بـ 6,138 وحدة. وتستحوذ أعلى 10 مجتمعات سكنية في دبي على قرابة 47,000 وحدة عقارية تزيد قيمتها عن $ 1million، ما يمثل نحو 50% من سوق "المليونيرات العقاريين".
هذه الظاهرة لا تعبّر فقط عن طفرة سعرية، بل عن تحول في المفهوم التقليدي لبناء الثروة. ففي دبي، قد لا تحتاج إلى مغامرات مالية محفوفة بالمخاطر لتصبح ثرياً، بل يكفي أن تثق بديناميكية السوق، وتختار منزلك بعناية في الوقت المناسب.
هكذا، باتت دبي تصنع "مليونيرات" من نوع جديد... لا عبر البورصة، ولا من خلال الإرث أو المشاريع الكبرى، بل ببساطة من خلال عقار اشتُري يوماً ما بـ 500,000 دولار، ليصبح اليوم مضاعف القيمة، حاملًا صاحبه إلى عالم الثروة من حيث لا يحتسب.
وعن الاستراتيجيات التي توصي بها شركة knight Frank للمستثمرين الجدد الراغبين في دخول السوق من دون تفويت فرص العقارات ذات العائد المرتفع، يقول دوراني: “لقد تطورت طبيعة الطلب خلال الدورة الثالثة لسوق عقارات التملك الحر في المدينة. ومع اقترابنا من إتمام خمس سنوات كاملة من النمو، نلاحظ تزايداً في نسبة المشترين المستخدمين النهائيين مقارنة بالدورات السابقة.
فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة المنازل التي يُعاد بيعها خلال 12 شهراً من الشراء حالياً نحو 4%، مقارنة بنحو 25% في عام 2008. علاوة على ذلك، فإن 77% من الأفراد ذوي الثروات العالية على مستوى العالم (ممن لا يقيمون في دبي) يفضلون شراء منازل جاهزة، بينما يُبدي فقط 12% اهتماماً بسوق المخططات (العقارات غير المبنية)، ما يشير بوضوح إلى طبيعة المشترين في السوق وإلى أين تتجه الفرص الكبرى للمطورين".
نبض