الفيديرالي الأميركي في غرفة المراقبة: ما الذي قد يكشفه محضر مايو عن معركة التضخم والنموّ؟

بين أروقة الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، تسود حالة من الترقب الحذر. الجميع ينظر إلى محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة في 6 و7 أيار/ مايو 2025 وكأنها مرآة تعكس صراعاً داخلياً بين صوتين: أحدهما يهمس بخفض الفائدة، والآخر يصرخ بالحذر.
صدور المحضر في هذا التوقيت ليس مجرد تحديث روتيني. إنه لحظة فاصلة في سوق لم يعد يثق بسهولة، ولا يتنفس إلا بعد قراءة ما بين سطور صنّاع القرار. فماذا تخفي هذه الوثيقة المنتظرة؟ وماذا يمكن أن تعني للمستثمرين حول العالم؟
لعبة التوازن الدقيقة: الفيديرالي يمشي على حبل مشدود
عندما قرّر الفيديرالي إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في أيار/ مايو، بدا القرار كأنه "وقفة تنفس" لا أكثر. التضخم لم ينكسر بعد، لكنه يتراجع ببطء، والنموّ لا يزال قائماً، لكنه يُظهر إشارات تعب في الربع الأول. أما سوق العمل؟ فلا يزال صامداً، لكن التوظيف لا يزدهر كما اعتدنا.
لكن خلف هذا التوازن الهش، قنبلة موقوتة: سياسة ترامب الجمركية.
ترامب على الخط... حرفياً
الرئيس الأميركي العائد بقوة إلى الواجهة يشعل التوترات من جديد، هذه المرة مع أوروبا وقبلها مع الصين وقبلها مع العالم أجمع. تهديداته الجمركية الأخيرة، حتى وإن أُجّلت لتواريخ عدة، كانت حاضرة في خلفية تفكير الفيديرالي. ألقت حالة عدم اليقين والغموض على الاقتصاد.
جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيديرالي، أشار صراحة إلى القلق من "تضخم تغذّيه التعريفات الجمركية"، وهي إشارة لم تعد مبطّنة. الفيديرالي يدرك أن كل تغريدة أو تصريح ناري من البيت الأبيض قد تعيد تسعير الأسواق بلحظة. الأسواق تتداول الأسواق بكلمة واحدة وتصريح دون فعل حتى.
بيانات متناقضة... وشكوك متزايدة
المفارقة الكبرى في الاقتصاد الأميركي اليوم تكمن في انفصال واضح بين البيانات الصلبة أو الهشّة وبين مشاعر المستثمرين حيالها:
• التضخم (CPI) تباطأ في نيسان/ أبريل إلى 2.3%، وهو تحسن لافت.
• مبيعات التجزئة متراجعة، لكن البطالة لم ترتفع.
• ثقة المستهلك ارتفعت وفقاً لمجلس المؤتمرات، لكنها هبطت في تقرير جامعة ميشيغان إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق!
• النموّ الاقتصادي انكمش، لكن القراءة مشوّهة بسبب الواردات.
هل الاقتصاد يتحسّن أم يتدهور؟ الإجابة، كما يراها أعضاء الفيديرالي، ليست سهلة. فالمشهد مشوّش، والسياسة أكثر ضبابية.
الأسواق تراقب النبض: ماذا يعني ذلك للمستثمرين؟
منذ بداية العام، راهنت الأسواق على ثلاث خفوضات للفائدة في 2025. اليوم، هذا الحلم يتقلص إلى اثنين وربما واحد فقط، وفقًا لأداة CME FedWatch.
محضر اجتماع أيار/ مايو قد يلمّح إلى هذه التغيّرات، لكن الأهم أنه سيكشف لنا ما لا يُقال علناً: هل هناك انقسام داخلي في اللجنة؟ من الذي بدأ يدق ناقوس الخطر من التباطؤ؟ ومن لا يزال يرفع شعار "لن نخفض حتى نكسر التضخم"؟
المفاجآت قد لا تكون في الأرقام، بل في نبرة النقاشات، والتوتر بين الصقور والحمائم.
أيّ إشارة ستكون مهمة في المحضر حول الاقتراب من الانتصار على التضخم أو الانكسار للنموّ الاقتصادي. المستثمرون سيقرؤون كل كلمة مرتين.
ما نبحث عنه في المحضر ليس الجواب... بل درجة التوتر
محضر أيار/ مايو قد لا يحمل مفاجآت واضحة، لكنه سيكون مقياساً لمزاج صنّاع القرار. إنه ليس خريطة طريق، بل صورة لتفكير الفيديرالي في لحظة ارتباك.
وفي عالم تتغيّر فيه التوقعات كل ساعة بسبب كلمة، أصبحنا نقرأ محاضر الفيديرالي على أمل أن نجد فيها الخلاص... أو نذير السقوط القادم.