هل يُثبّت الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماعه اليوم أم يُمهّد لخفضها وسط تصاعد المخاطر الاقتصادية؟

كتب أحمد عزام، المحلل الماليّ الأول في مجموعة إكويتي، لـ"النهار":
من المرجح أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماع اليوم، ما يتيح له الوقت لتقييم تأثير سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاقتصاد، الذي يواجه ضغوطًاً تضخمية مستمرة ومخاوف متزايدة بشأن النمو.
السؤال المطروح اليوم ليس حول قرار الفيدرالي بشأن الفائدة، بل حول كيفية تواصل الفيدرالي مع الأسواق لتهدئة تراجع الأسهم، واحتواء مخاوف الركود، ومعالجة تسارع التضخم، في ظل الحرب التجارية والتوترات الجيوسياسية.
أدت التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، إلى جانب الإجراءات الانتقامية من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إلى إضعاف ثقة المستهلكين وزيادة توقعات التضخم المستقبلي. وعلى الرغم من تأجيل بعض الرسوم الجمركية بعد الإعلان عنها، لا يزال من غير الواضح كيف ستنعكس الحرب التجارية على الاقتصاد في نهاية المطاف.
هذا الغموض قد يدفع صانعي السياسات إلى تبني نهج الانتظار والترقب، مترددين في الالتزام بمسار محدد للسياسة النقدية، ما قد يؤدي إلى تباين في تصويت أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بشأن مستقبل أسعار الفائدة. الجدير بالذكر أن المخطط النقطي الصادر عن الفيدرالي في كانون الأول/ديسمبر أظهر توقعات بتخفيضين للفائدة خلال عام 2025. لكن منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، تغيرت المعطيات بشكل ملحوظ؛ إذ أصبحت مخاطر الحرب التجارية واقعاً ملموساً، وازداد احتمال الركود، وتسارع التضخم بات وشيكًا.
بيان الفيدرالي والتوقعات الاقتصادية
رغم إبقاء الفائدة دون تغيير، قد يشهد بيان الفيدرالي بعض التعديلات الطفيفة، خاصة في ظل البيانات الأخيرة التي تعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي. ومن المرجح أن تبقى الإشارات المتعلقة بالتوقعات غير المؤكدة والمخاطر المتوازنة للتوظيف والتضخم كما هي، لكن صانعي السياسات قد يتخلون عن وصفهم السابق لـ"الوتيرة القوية" للنمو الاقتصادي، ما قد يشير ضمنياً إلى قلق الفيدرالي من تداعيات الحرب التجارية على الاقتصاد.
أما في ما يخص التوقعات الاقتصادية، فقد تطرأ تغيرات كبيرة منذ آخر تحديث قدمه مسؤولو الفيدرالي في ديسمبر الماضي. فقد تصاعدت التهديدات التجارية، وأثارت البيانات الاقتصادية—بما في ذلك تراجع ثقة المستهلكين—مخاوف بشأن توقعات النمو، كما سجلت أسواق الأسهم خسائر حادة خلال الأسابيع الأخيرة.
هذا التطور قد يدفع المزيد من صانعي السياسات إلى الإشارة إلى تفضيلهم الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، وهو ما يبدو نهجاً منطقياً في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط بسياسات ترامب التجارية. ووفقاً لمتوسط التوقعات في تقرير كانون الأول/ديسمبر، كان الفيدرالي قد توقع خفضين للفائدة خلال العام الحالي، وربما يستمر البنك المركزي في الإشارة إلى هذين التخفيضين لعام 2025 في المخطط النقطي المحدث.
علاوة على ذلك، قد تكشف التوقعات المحدثة عن قيام مسؤولي الفيدرالي بمراجعة تقديراتهم للنمو لهذا العام نحو الانخفاض، في مقابل رفع توقعاتهم لمعدلات التضخم.
أحمد عزام، المحلل المالي الأول في مجموعة إكويتي
مؤتمر باول في دائرة الضوء
سيكون المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي، جيروم باول محور اهتمام المستثمرين، الذين يسعون إلى الحصول على تأكيدات بأن الاحتياطي الفيدرالي مستعد لدعم الاقتصاد إذا دعت الحاجة.
وقد شدد باول مراراً على عدم الحاجة إلى التسرع في خفض أسعار الفائدة طالما ظل الاقتصاد في وضع جيد. ومن المرجح أن يؤكد أن السياسة النقدية الحالية مناسبة، ما يتيح لصانعي السياسات الانتظار حتى تتضح إشارات ضعف سوق العمل أو تسارع التضخم.
إلى جانب ذلك، سيكون على باول توضيح ما إذا كان يرى أن التعريفات الجمركية تمثل حدثاً مؤقتاً أم عاملًا مستداماً يؤدي إلى ارتفاع التضخم. كما سيواجه تحدياً في تهدئة الأسواق، التي شهدت تراجعاً ملحوظاً وسط تزايد المخاوف من الركود المحتمل.
تصريحات باول ستكون المحرك الأساسي لتحركات الأسواق، فقد تؤدي نبرته المتشائمة بشأن المخاطر الاقتصادية إلى مزيد من الانخفاض في المؤشرات الأميركية، بينما قد تساعد لهجته المتفائلة، التي تؤكد استمرارية واستثنائية النمو، في تهدئة المخاوف واستعادة الثقة في الأسواق.