هل يستعيد مشتركو الإنترنت نسبة الـ25% أم مصيرها كمصير الـ500 دولار؟

ما إن صدرت الاستشارة الصادرة عن هيئة التشريع والاستشارات حيال طريقة احتساب نسبة 25% لقاء الترخيص لشركات نقل المعلومات، حتى عادت إلى الأذهان كيفية فرض شركتي الخليوي في تسعينيات القرن الماضي مبلغ 500 دولار عن كل مشترك دون وجه حق. فهل تلزم الشركات بإعادة ما اقتطعته للمشتركين، أم سيكون مصيرها مصير الـ500 دولار؟
أهمية الموضوع لا تتعلق بعملية حسابية بسيطة، بل بنهج متّبع من بعض الشركات الخاصة التي تقوم بإدارة أو استثمار امتياز عام وكيفية تطبيقها للقوانين والمراسيم النافذة بطريقة مواربة لتحقيق أرباح غير مستحقة. مع التذكير بأن نموذج الاحتساب لحصة الدولة من الإيرادات الذي اعتمدته وزارة الاتصالات منذ عام 2017 هو نموذج يخالف نص الترخيص المعطى للشركات، لكونه لا يحتسب حصة الدولة من الإيرادات الخام بل من فواتير المشتركين.
ينص المرسوم 9472 الصادر عام 2022 على أن "تستوفي وزارة الاتصالات لقاء رخصة انترنت (DSP) 25% من مجموع فواتير القبض الصادرة عن الشركة لمشتركيها". وأكثر، النص واضح حيال تحديد الفواتير "الصادرة" لا "المحصّلة".
عادة ما تدفع الشركات رسوم ترخيص للدولة قبل البدء بتقديم خدماتها. أما في الحالة الحاضرة، فقد قررت الدولة استبدال هذا المبدأ بنظام يضمن حصولها على نسبة من الإيرادات السنوية بدلاً من تحصيل رسوم ترخيص لمرة واحدة. وتالياً، فإن الـ25% تُعدّ كلفة تشغيلية على الشركات، ويجب أن تُحسم من إيراداتها، ولكن الشركات حمّلت المشتركين هذه النسبة، إذ عندما تضيف الشركات 25% على فواتير المشتركين وتحصيلها منهم، فإنها تنقل العبء المالي إلى المشترك.
مصادر معنية أكدت أنه لتصحيح الوضع يجب على الشركات إعادة احتساب قيمة 25% بناءً على إجمالي الإيرادات، ودفع الفارق المستحق فوراً إلى الخزينة، مع الأخذ في الاعتبار أيّ غرامات أو فوائد تأخير. وبما أن المشتركين دفعوا رسوماً إضافية غير مستحقة، يجب إعادة هذه المبالغ إليهم من خلال استرداد نقدي مباشر للمبالغ غير القانونية". وإذا أخذنا المثال الوارد في الاستشارة وهو 25 دولاراً للرسم الشهري على كل مشترك، يصبح المبلغ المستحق لكل مشترك 900 دولار خلال السنوات الثلاث الماضية منذ صدور المرسوم، علماً بأن الاسترداد النقدي المباشر يطال جميع مشتركي الإنترنت من شركات الـISP الخاصة.
في المساءلة القانونية والإدارية، قد تواجه الشركات تبعات قانونية نتيجة الإخلال بالمراسيم المالية. وبما أن المرسوم ينص بوضوح على أن الـ25% تُحتسب على الفواتير الصادرة لا المحصلة، فإن تحميل المشتركين هذه النسبة برأي المصادر خطأ قانوني، ويؤدّي إلى أرباح غير مشروعة للشركات على حساب المشتركين والخزينة، ودعت ديوان المحاسبة إلى وضع يده على الملف لإجراء تدقيق في تطبيق المرسوم والتحقيق في أي مخالفات وفرض تصحيحها، وإحالته إلى الجهات القضائية عند اللزوم. وختمت بالإشارة إلى أن الشركات هي GDS وWaves، وPesco Telecom، وCable One، فيما الاستشارة الحاضرة حمّلت المديرية العامة للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات المسؤولية الأساسية بالإضافة إلى مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد.
في ما يلي مثال تطبيقي لواحدة من شركات الانترنت DSP:
- على سبيل المثال، إجمالي الفواتير الصادرة عن الشركة: 10,000,000 دولار.
- المبلغ الذي تم تحصيله فعليًا من المشتركين: 9,000,000 دولار.
- نسبة الدولة وفقًا للمرسوم: 25% من إجمالي الفواتير الصادرة وليس من المحصل.
1. التطبيق الصحيح (وفق المرسوم)
- المبلغ المستحق للدولة: 10,000,000 × 25% = 2,500,000 دولار.
- الإيرادات الفعلية للشركة بعد التحصيل: 9,000,000 دولار.
- بعد دفع المبلغ المستحق للدولة، يبقى للشركة صافي إيرادات:
9,000,000 - 2,500,000 = 6,500,000 دولار.
2. التطبيق الخاطئ (تحميل المشتركين هذه النسبة من الفواتير المحصلة بدلًا من الصادرة)
- إذا قامت الشركة بإضافة 25% على الفواتير المحصلة، فتصبح قيمة الفواتير الجديدة:
9,000,000 × 1.25 = 11,250,000 دولار.
في هذه الحال تقوم الشركة بدفع 2,250,000 دولار فقط للخزينة.
يبقى للشركة صافي إيرادات بعد الدفع:
11,250,000 - 2,250,000 = 9,000,000 دولار.
3. الفارق المالي والمخالفة
- في التطبيق الصحيح، صافي الإيرادات للشركة بعد دفع الـ 25% هو 6,500,000 دولار.
- في التطبيق الخاطئ، صافي الإيرادات هو 9,000,000 دولار، أي أن الشركة ربحت 2,500,000 دولار إضافية بشكل غير قانوني على حساب المشتركين والخزينة.
- المشتركين دفعوا 2,250,000 دولار أكثر مما يجب، وكان يجب أن تتحملها الشركة من إيراداتها وليس تحميلها لهم.
4. التصحيح المطلوب
- يجب على الشركات دفع الـ 2,500,000 دولار للدولة من إيراداتها الفعلية وليس 2,250,000 دولار من أموال المشتركين.
- يجب إعادة المبالغ الزائدة التي دفعها المشتركون، أي 2,250,000 دولار، من خلال استرداد نقدي.
- يجب تصحيح الفوترة بحيث لا يتم تحميل المشتركين هذه النسبة مستقبلا