اقتصاد وأعمال
15-03-2025 | 08:00
المغرب: هل تفي الحكومة بوعدها خفض البطالة إلى 9% في 2030؟
الحكومة المغربية تعلن عن تعهدها بخفض البطالة إلى 9% بحلول عام 2030.. بين التحديات الاقتصادية ورهانات المناخ، هل ستتحقق هذه الوعود أم ستظل مجرد أرقام على الورق؟

بطالة في المغرب
في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة والتحديات المناخية المتزايدة، أعلنت الحكومة المغربية عن خطة طموحة تهدف إلى خفض معدل البطالة إلى نحو 9% بحلول عام 2030. وتعد هذه الخطة جزءًا من خارطة الطريق لسوق العمل، والتي تهدف إلى خلق 1,45 مليون فرصة عمل جديدة بنهاية العقد الجاري. ومع ذلك، يظل تحقيق هذه الأهداف رهينًا بعدة عوامل غير مضمونة، مثل عودة التساقطات المطرية إلى مستوياتها المعتادة، تحفيز الاستثمارات، وتعزيز ديناميكية سوق العمل. هذه العوامل جعلت بعض الخبراء الاقتصاديين الذين تواصلت معهم "النهار" يشككون في إمكانية تحقيق هذه الطموحات، معتبرين أن الأرقام المعلنة لا تعكس الواقع المعقد لسوق العمل في المغرب.
يشهد المغرب للعام السادس على التوالي موجة جفاف غير مسبوقة تعد الأطول في تاريخه المعاصر، مما أثر بشكل مباشر على القطاع الزراعي الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المغربي، حيث يساهم بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب البيانات الرسمية، أدى الجفاف إلى فقدان أكثر من 137 ألف فرصة عمل في هذا القطاع خلال العام الماضي فقط، مما زاد من تعقيد أزمة البطالة.
على الرغم من تعهد الحكومة المغربية بإحداث مليون وظيفة جديدة خلال ولايتها التي تنتهي العام المقبل، تشير الأرقام إلى عجز واضح في تحقيق هذا الهدف، خصوصًا أن القطاع الزراعي، الذي يعتمد بشكل كبير على التساقطات المطرية، كان أول المتضررين، مما أدى إلى تقليص فرص العمل فيه وأثر على القدرة الشرائية لعدد كبير من الفئات الهشة.
خصصت الحكومة المغربية في ميزانية هذا العام نحو 15 مليار درهم (1,5 مليار دولار) لدعم سوق العمل وخلق وظائف جديدة. تتوزع هذه المخصصات على عدة محاور تشمل 12 مليار درهم (1,2 مليار دولار) لتحفيز الاستثمار، مليار درهم للحفاظ على فرص العمل في المناطق القروية المتضررة من الجفاف، وملياري درهم لدعم برامج التوظيف والمساعدة في الإدماج المهني.
تؤكد الحكومة أن ارتفاع معدل البطالة يعود بشكل أساسي إلى تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة إلى التأثير السلبي لتوالي سنوات الجفاف على القطاع الزراعي. ولكن، وفقًا لمنشور صادر عن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، فإن خارطة الطريق للتشغيل تتضمن ثماني مبادرات رئيسية لتحفيز فرص العمل، أبرزها دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر توفير تمويلات تحفيزية للمشاريع التي تتراوح قيمتها بين مليون و50 مليون درهم، وتسهيل ولوجها إلى الصفقات العمومية والتصدير.
تحقيق النمو الاقتصادي: رهانات وتحديات
تسعى الحكومة المغربية إلى تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 4.6% خلال العام الجاري، اعتمادًا على انتعاش القطاعات غير الزراعية، بعد أن سجل الاقتصاد المغربي نموًا بنسبة 3.3% العام الماضي. وتراهن الحكومة أيضًا على زيادة المساحة المزروعة بالحبوب إلى 4 ملايين هكتار، إضافة إلى إطلاق منصة إلكترونية لتنسيق العرض والطلب على اليد العاملة الزراعية، في محاولة للحد من فقدان الوظائف في هذا القطاع الحيوي.
ومع ذلك، يأتي هذا الطموح في وقت يتسم بمؤشرات مقلقة، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في المغرب أقل من المتوقع، في ظل استمرار التباطؤ الاقتصادي العالمي وتراجع معدلات الاستثمار المحلي والأجنبي.
تشكيك الخبراء: وعود غير واقعية؟
في هذا السياق، يعتقد الخبير الاقتصادي أحمد الكتاني أن الأرقام التي تروج لها الحكومة بشأن خلق فرص العمل تبدو بعيدة عن الواقع، مشيرًا إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في عدد الوظائف المعلنة، بل في استدامتها وجودتها.
ويضيف الكتاني في تصريح لـ "النهار": "الوظائف المؤقتة أو غير المستقرة لن تحل أزمة البطالة، بل ستفاقم مشكلة الهشاشة الاجتماعية. هناك غياب واضح لاستراتيجية بعيدة المدى تضمن خلق فرص شغل مستدامة مبنية على قاعدة اقتصادية صلبة."
ويرى الكتاني أن اعتماد الحكومة المفرط على القروض لتمويل مشاريع التشغيل يمثل مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى تفاقم أزمة المديونية، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن لأي اقتصاد أن يبني نموه على الديون وحدها."
كما نبّه إلى أن "المغرب أصبح معتمدًا بشكل مفرط على الاقتراض، مما يهدد استقراره المالي على المدى البعيد"، مشددًا على أن الحكومة المغربية "يجب أن تتبنى سياسات بديلة مثل تقليل الإنفاق غير الضروري، ومحاربة الريع، وتشجيع الصناعات الإنتاجية."
البطالة: بين تراجع جودة التعليم وهجرة العقول
من جانبه، يرى عبد اللطيف جدودي، الخبير في السياسات العمومية والحكامة، أن المشكلة الحقيقية ليست فقط في البطالة، بل في عدم توافق سوق العمل مع مخرجات التعليم. ويؤكد لـ "النهار" أن "التعليم هو المفتاح الأساسي لخلق فرص الشغل. لكن في المغرب، ما زالت نسبة الأمية مرتفعة، إذ يعاني أكثر من 10 ملايين شخص من الأمية، أي ما يفوق 25% من المجتمع".
ويضيف جدودي: "حتى الذين ينالون تعليمًا جامعيًا يجدون أنفسهم في مواجهة واقع مرير، حيث تفتقر العديد من التخصصات إلى فرص عمل حقيقية، مما يدفع الآلاف من الكفاءات للهجرة سنويًا بحثًا عن آفاق أفضل".
ويشير الخبير إلى أن المغرب يفقد سنويًا ما بين 8 آلاف و12 ألف إطار وكفاءة بسبب الهجرة نحو أوروبا وكندا، مما يزيد من استنزاف الرأسمال البشري.
كما يلفت جدودي إلى ظاهرة النزوح القروي نحو المدن، حيث ينتقل سنويًا ما بين 60 ألفًا و120 ألف شخص من القرى إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل، مما يؤدي إلى تفاقم البطالة في المدن، وانتشار ظواهر اجتماعية مقلقة مثل السكن العشوائي، والباعة المتجولين، وتزايد معدلات الفقر والهشاشة.
هل تراهن الحكومة على الطقس بدل السياسات الفعالة؟
ينتقد جدودي الربط المستمر بين خلق فرص الشغل والتساقطات المطرية، معتبرًا أن ذلك يعكس ضعف التخطيط الاقتصادي، مؤكدًا لـ "النهار": "الرهان على الطقس هو خطأ استراتيجي. الحكومات الناجحة هي التي تعتمد على سياسات صناعية واستثمارية مدروسة، لا على مزاج الطبيعة."
ويختم حديثه مؤكدًا أن معالجة أزمة البطالة تتطلب إصلاحات هيكلية جذرية، تبدأ بتأهيل منظومة التعليم، وتعزيز التكوين المهني، ومحاربة الفساد والريع، وتحفيز الاستثمار الإنتاجي، بدل الاكتفاء بإطلاق وعود يصعب تحقيقها على أرض الواقع.
يشهد المغرب للعام السادس على التوالي موجة جفاف غير مسبوقة تعد الأطول في تاريخه المعاصر، مما أثر بشكل مباشر على القطاع الزراعي الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المغربي، حيث يساهم بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب البيانات الرسمية، أدى الجفاف إلى فقدان أكثر من 137 ألف فرصة عمل في هذا القطاع خلال العام الماضي فقط، مما زاد من تعقيد أزمة البطالة.
على الرغم من تعهد الحكومة المغربية بإحداث مليون وظيفة جديدة خلال ولايتها التي تنتهي العام المقبل، تشير الأرقام إلى عجز واضح في تحقيق هذا الهدف، خصوصًا أن القطاع الزراعي، الذي يعتمد بشكل كبير على التساقطات المطرية، كان أول المتضررين، مما أدى إلى تقليص فرص العمل فيه وأثر على القدرة الشرائية لعدد كبير من الفئات الهشة.
خصصت الحكومة المغربية في ميزانية هذا العام نحو 15 مليار درهم (1,5 مليار دولار) لدعم سوق العمل وخلق وظائف جديدة. تتوزع هذه المخصصات على عدة محاور تشمل 12 مليار درهم (1,2 مليار دولار) لتحفيز الاستثمار، مليار درهم للحفاظ على فرص العمل في المناطق القروية المتضررة من الجفاف، وملياري درهم لدعم برامج التوظيف والمساعدة في الإدماج المهني.
تؤكد الحكومة أن ارتفاع معدل البطالة يعود بشكل أساسي إلى تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة إلى التأثير السلبي لتوالي سنوات الجفاف على القطاع الزراعي. ولكن، وفقًا لمنشور صادر عن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، فإن خارطة الطريق للتشغيل تتضمن ثماني مبادرات رئيسية لتحفيز فرص العمل، أبرزها دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر توفير تمويلات تحفيزية للمشاريع التي تتراوح قيمتها بين مليون و50 مليون درهم، وتسهيل ولوجها إلى الصفقات العمومية والتصدير.
تحقيق النمو الاقتصادي: رهانات وتحديات
تسعى الحكومة المغربية إلى تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 4.6% خلال العام الجاري، اعتمادًا على انتعاش القطاعات غير الزراعية، بعد أن سجل الاقتصاد المغربي نموًا بنسبة 3.3% العام الماضي. وتراهن الحكومة أيضًا على زيادة المساحة المزروعة بالحبوب إلى 4 ملايين هكتار، إضافة إلى إطلاق منصة إلكترونية لتنسيق العرض والطلب على اليد العاملة الزراعية، في محاولة للحد من فقدان الوظائف في هذا القطاع الحيوي.
ومع ذلك، يأتي هذا الطموح في وقت يتسم بمؤشرات مقلقة، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في المغرب أقل من المتوقع، في ظل استمرار التباطؤ الاقتصادي العالمي وتراجع معدلات الاستثمار المحلي والأجنبي.
تشكيك الخبراء: وعود غير واقعية؟
في هذا السياق، يعتقد الخبير الاقتصادي أحمد الكتاني أن الأرقام التي تروج لها الحكومة بشأن خلق فرص العمل تبدو بعيدة عن الواقع، مشيرًا إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في عدد الوظائف المعلنة، بل في استدامتها وجودتها.
ويضيف الكتاني في تصريح لـ "النهار": "الوظائف المؤقتة أو غير المستقرة لن تحل أزمة البطالة، بل ستفاقم مشكلة الهشاشة الاجتماعية. هناك غياب واضح لاستراتيجية بعيدة المدى تضمن خلق فرص شغل مستدامة مبنية على قاعدة اقتصادية صلبة."
ويرى الكتاني أن اعتماد الحكومة المفرط على القروض لتمويل مشاريع التشغيل يمثل مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى تفاقم أزمة المديونية، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن لأي اقتصاد أن يبني نموه على الديون وحدها."
كما نبّه إلى أن "المغرب أصبح معتمدًا بشكل مفرط على الاقتراض، مما يهدد استقراره المالي على المدى البعيد"، مشددًا على أن الحكومة المغربية "يجب أن تتبنى سياسات بديلة مثل تقليل الإنفاق غير الضروري، ومحاربة الريع، وتشجيع الصناعات الإنتاجية."
البطالة: بين تراجع جودة التعليم وهجرة العقول
من جانبه، يرى عبد اللطيف جدودي، الخبير في السياسات العمومية والحكامة، أن المشكلة الحقيقية ليست فقط في البطالة، بل في عدم توافق سوق العمل مع مخرجات التعليم. ويؤكد لـ "النهار" أن "التعليم هو المفتاح الأساسي لخلق فرص الشغل. لكن في المغرب، ما زالت نسبة الأمية مرتفعة، إذ يعاني أكثر من 10 ملايين شخص من الأمية، أي ما يفوق 25% من المجتمع".
ويضيف جدودي: "حتى الذين ينالون تعليمًا جامعيًا يجدون أنفسهم في مواجهة واقع مرير، حيث تفتقر العديد من التخصصات إلى فرص عمل حقيقية، مما يدفع الآلاف من الكفاءات للهجرة سنويًا بحثًا عن آفاق أفضل".
ويشير الخبير إلى أن المغرب يفقد سنويًا ما بين 8 آلاف و12 ألف إطار وكفاءة بسبب الهجرة نحو أوروبا وكندا، مما يزيد من استنزاف الرأسمال البشري.
كما يلفت جدودي إلى ظاهرة النزوح القروي نحو المدن، حيث ينتقل سنويًا ما بين 60 ألفًا و120 ألف شخص من القرى إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل، مما يؤدي إلى تفاقم البطالة في المدن، وانتشار ظواهر اجتماعية مقلقة مثل السكن العشوائي، والباعة المتجولين، وتزايد معدلات الفقر والهشاشة.
هل تراهن الحكومة على الطقس بدل السياسات الفعالة؟
ينتقد جدودي الربط المستمر بين خلق فرص الشغل والتساقطات المطرية، معتبرًا أن ذلك يعكس ضعف التخطيط الاقتصادي، مؤكدًا لـ "النهار": "الرهان على الطقس هو خطأ استراتيجي. الحكومات الناجحة هي التي تعتمد على سياسات صناعية واستثمارية مدروسة، لا على مزاج الطبيعة."
ويختم حديثه مؤكدًا أن معالجة أزمة البطالة تتطلب إصلاحات هيكلية جذرية، تبدأ بتأهيل منظومة التعليم، وتعزيز التكوين المهني، ومحاربة الفساد والريع، وتحفيز الاستثمار الإنتاجي، بدل الاكتفاء بإطلاق وعود يصعب تحقيقها على أرض الواقع.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة
10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع
10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع
10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.