قانون تونسي لتداول الصكوك البنكية يلقي بثقله على النمو الاقتصادي

اقتصاد وأعمال 08-03-2025 | 12:25

قانون تونسي لتداول الصكوك البنكية يلقي بثقله على النمو الاقتصادي

أقرّت الحكومة هذا القانون "لتحسين مناخ الأعمال" عبر تعزيز الثقة بهذه ‏الوسيلة المالية وتحسين الاقتصاد المتردي
قانون تونسي لتداول الصكوك البنكية يلقي بثقله على النمو الاقتصادي
أشخاص يتجولون منطقة تجارية وسط تونس (أ ف ب)‏
Smaller Bigger

تقف ألفة مرياح الموظفة أمام واجهة محلّ يبيع الهواتف الذكية في ‏محافظة أريانة في شمال تونس، وتقول والحيرة بادية على وجهها "كيف ‏سأتمكن من شراء هاتف جديد على أقساط؟" بعد أن عدّلت السلطات قانون ‏الصكوك الذي يرى خبراء أن وقعه سكون ثقيلا على الاستهلاك وعلى ‏نمو الاقتصاد.‏

وتضيف ألفة (43 عاما) "منذ أن صدر القانون الجديد وأنا أبحث عن حلّ ‏لتقسيط ثمن الهاتف على أشهر من دون أن يتأثر راتبي، لكن الصكوك ‏الجديدة لا تسمح بذلك".‏

يستعين التونسيون بالصكوك كضمان أو لتقسيط ما عليهم من أموال، لكن ‏مع دخول قانون التعامل بالصكوك البنكية الجديد حيّز النفاذ في الثاني من ‏شباط/فبراير الفائت، عاد الصك وسيلة للدفع الفوري.‏

أقرّت الحكومة هذا القانون "لتحسين مناخ الأعمال" عبر تعزيز الثقة بهذه ‏الوسيلة المالية وتحسين الاقتصاد المتردي. وقررت بهذا الشأن "مراجعة ‏العقوبات السجنية والمالية في اتجاه تخفيفها" في حين كانت تصل في ‏حال عدم كفاية الرصيد إلى السجن أيا كان المبلغ.‏

غير ان التعديلات تنبئ بتداعيات على الوضع الاقتصادي من خلال ‏التأثير مباشرة على استهلاك الطبقة الوسطى، وفق تقدير أستاذ الاقتصاد ‏في الجامعة التونسية رضا الشكندالي.‏

فغالبية التونسيين غير قادرين على الدفع فورا في حين لا يزيد متوسط ‏الرواتب عن ألف دينار (نحو 300 يورو) وعليهم إعطاء الأولوية للسكن ‏والمواد الغذاية والصحة والتعليم.‏

فرض القانون القديم عقوبات بالسجن في حال تقديم صك من دون رصيد ‏وصنّف ذلك جريمة تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات وغرامات ‏مالية.‏

نتيجة لذلك وصل عدد القضايا في ملفات الصكوك من دون رصيد في ‏نيسان/أبريل 2024 إلى 11265 قضية. ولكن القانون الجديد خفّف ‏العقوبات التي تفرض عندما يفوق المبلغ 5 آلاف دينار (نحو 1500 ‏يورو).‏

 

 

 

‏"مشكلات أكثر تعقيدا" ‏
تقول صاحبة محل بيع الهواتف ليلى "منذ أن أعلنوا عن تنقيح القانون، ‏تراجعت الحركة وعدد العملاء. لم يعد هناك من يشتري، تراجعت ‏مبيعاتنا لأكثر من النصف".‏

وتتابع: "نحن التجار لم نفهم القانون الجديد لأنه معقد وليس لنا ثقة فيه، ‏فقررنا عدم قبول الصكوك ونتعامل بالسيولة النقدية ... عندك كاش ‏تفضل، ما عندكش كاش أنا آسف".‏

ووضع القانون سقفاً للصكوك الجديدة يحدّده المصرف استنادا لمداخيل ‏العميل ويمكن للتاجر أن يتحقق من خلال منصة الكترونية من وضعية ‏العميل المالية عبر مسح رمز الاستجابة السريعة الذي يحصل عليه ‏العميل من المصرف، ليقرر في ما بعد قبول الصك  أو رفضه.‏

يدير بدر الدين الدبوسي واحدة من أعرق المكتبات في العاصمة تونس، ‏ويشكو قلّة الاقبال على الكتب خلال السنوات الأخيرة لإرتفاع أسعارها. ‏وهذا دفعه للتفكير جِديا في إغلاقها. ويقول إن بدء التعامل بالصكوك ‏الجديدة "خلق مشكلات أخرى أكثر تعقيدا".‏

ويقول إن غالبية عملاء المكتبة من الباحثين والأساتذة والطلاب "في ‏السابق كنت أتعامل معهم بالصكوك مؤجلة الدفع، لكن اليوم لم يعد ذلك ‏متاحا لأنهم لا يتمكنون من الحصول عليها من بنوكهم ولأن المنصة ‏الإلكترونية معقدة وغير متاحة" في أكثر الأحيان.‏

ويلفت الى أنه "لم يعد بمقدور العملاء شراء الكتب لعدم امتلاكهم السيولة ‏اللازمة، ومن ثم تراجع الاستهلاك. فما العمل؟".‏

خلال شهر رمضان تبلغ نسبة الاستهلاك الخاص ذروتها عند التونسيين، ‏خصوصا في عيد الفطر حين يزداد الاقبال على شراء الملابس ‏والحلويات وتجد العديد من العائلات نفسها أمام مصاريف كبيرة كانت ‏عادة تتحملها من خلال الصكوك المؤجلة.‏

ويقدّر الشكندالي أن "قانون الصكوك الجديد عطل المعاملات التجارية ‏وسيتراجع بذلك الاستهلاك الخاص... وإذا تراجع الاستهلاك فبالضرورة ‏سيتراجع النمو الاقتصادي الضعيف في الأصل ... وسيدفع ذلك لمزيد ‏من الانكماش والركود".‏

 

 

تقلّص الطبقة الوسطى ‏
يواجه الاقتصاد التونسي منذ ثورة 2011 أزمات متعاقبة مع عدم ‏الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية وصولا إلى أزمة كوفيد-‏‏19 والحرب الروسية الأوكرانية، ما عمّق من مديونية الدولة لتصل إلى ‏‏80% من اجمالي الناتج المحلي.‏

والمؤشر الأهم على تداعيات الأزمات هي نسبة النمو التي لم تتجاوز ‏‏1,4% في 2024. ورفعت الموازنة الجديدة سقف التوقعات إلى أكثر ‏من 3% غير أنه يبدو صعب المنال مع معدّل بطالة من 16% وتضخم ‏يناهز 6%.‏

أهم المتضررين من القانون الجديد في تقدير الشكندالي هي "الطبقة ‏الوسطى التي ستتقلص وتتقهقر".‏

كانت الطبقة المتوسطة عاملا مهما للاستقرار الاقتصادي والسياسي ‏والاجتماعي في تونس، وكانت تشكل حتى 60% من السكان قبل ثورة ‏‏2011.‏

لكنّها تدهورت بسرعة كبيرة وتنزلق نحو الطبقة الفقيرة، وفق أستاذ ‏الاقتصاد.‏

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.