تقارب روسي - أميركي يعيد رسم مشهد الاقتصاد العالمي: مقاربة جديدة تحقيق السلام عبر الاقتصاد؟

اقتصاد وأعمال 08-03-2025 | 08:57

تقارب روسي - أميركي يعيد رسم مشهد الاقتصاد العالمي: مقاربة جديدة تحقيق السلام عبر الاقتصاد؟

صرح ترامب سابقاً بأن المحادثات مع روسيا تسير بشكل جيد، وألمح إلى إمكانية عقد اتفاقات اقتصادية تعود بالفائدة على الطرفين
تقارب روسي - أميركي يعيد رسم مشهد الاقتصاد العالمي: مقاربة جديدة تحقيق السلام عبر الاقتصاد؟
العلم الروسي والأميركي
Smaller Bigger

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تبرز تساؤلات عديدة حول مستقبل العلاقات الأميركية الروسية، خاصة في ظل تحولات واضحة في الخطاب الأميركي تجاه موسكو. فبعد سنوات من العقوبات المتبادلة والمواجهة السياسية الحادة بسبب الحرب الأوكرانية، يبدو أن نهج ترامب سيعتمد على "السلام عبر الاقتصاد"، وهو ما قد يفتح المجال لصفقات اقتصادية محتملة بين البلدين.

تحول في السياسة الأميركية
التصريحات الأخيرة الصادرة عن البيت الأبيض تشير إلى تغيير جذري في طريقة التعامل مع الأزمة الأوكرانية، إذ باتت واشنطن تميل إلى حلول اقتصادية أكثر من الاستمرار في المواجهات العسكرية المباشرة.  وبدا ذلك واضحاً خلال المشادة الكلامية التي جرت على الهواء مباشرة، بين الرئيس الأميركي والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في لقائهما العاصف في البيت الأبيض، إذ تركّز اللقاء على إصرار أميركي على إيقاف الحرب بين روسيا وأوكرانيا وإلا ستوقف أميركا الدعم المالي لأوكرانيا.

 

وفي هذا الإطار أوضح الباحث الاقتصادي، د. محمد موسى في حديثه لـ"النهار" أنّ " سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا تشهد تحولاً واضحاً، خاصة في ظل مقاربة ترامب للحرب الروسية الأوكرانية. فهو كان دائماً يؤكد قدرته على إنهاء الحرب سريعاً، وهو يسعى الآن لتقارب مع موسكو، وهو ما ظهر في لقاءات سابقة بالرياض وإسطنبول، وجاء في تصريحات مسؤولين مثل وزير خارجية روسيا ، سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي ماركو روبيو حول تقدم العلاقات بين البلدين". 

 

اتفاقيات جديدة؟
ولفت موسى إلى أنّ "هذا التقارب الروسي- الأميركي قد يؤدي إلى اتفاقيات جديدة تتعلق بالأسلحة النووية، الصواريخ، وأسلحة الفضاء، مثل معاهدتي "ستارت 1 و2". ومن الناحية الاقتصادية، ترامب، بصفته رجل أعمال، يركز على عقد الصفقات، خاصة في قطاع المعادن النادرة بأوكرانيا، التي تقدر ثرواتها بأكثر من 11 تريليون دولار، حيث يسعى للحصول على استثمارات أميركية تصل إلى 50% منها".

 

وكان ترامب قد صرح  سابقاً بأن المحادثات مع روسيا تسير بشكل جيد، وألمح إلى إمكانية عقد اتفاقات اقتصادية تعود بالفائدة على الطرفين، وهو ما يطرح إمكانية تقليل العقوبات المفروضة على موسكو.

 

ويتزامن هذا التحول مع تحركات أميركية لاستكشاف إمكانية تفاهمات اقتصادية مع روسيا، خاصة في ما يتعلق بعودة الشركات الأميركية إلى السوق الروسية واستعادة التبادل التجاري الذي شهد تراجعاً كبيراً منذ 2022 بسبب العقوبات الغربية.

 

إمكانية تخفيف العقوبات
وفقاً لوزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، فإن روسيا قد تحصل على بعض الإعفاءات من العقوبات إذا أبدت استعداداً للتفاوض حول إنهاء الحرب في أوكرانيا. كما أبدى ترامب خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعداده لعقد صفقة اقتصادية مع روسيا، مؤكداً أن هذه المحادثات حققت "تقدماً كبيراً".

 

ويشير مراقبون إلى أن أي تخفيف للعقوبات سيؤدي إلى تحفيز التجارة بين البلدين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 3 مليارات دولار فقط حالياً، مقارنة بـ 34 مليار دولار في عام 2021. إذا تم رفع الحصار المصرفي واللوجيستي، فقد تشهد السوق الروسية تدفقاً جديداً للسلع الأميركية، خاصة في قطاع السيارات، بعد انسحاب الشركات الأوروبية.

 

وبحسب الباحث الاقتصادي، "يسعى ترامب لضبط أسعار النفط والغذاء وكبح التضخم، عبر تعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا بدلًا من أوروبا. يرى نفسه الطرف الوحيد القادر على ضبط العلاقات مع موسكو، محذراً من أن غيابه قد يؤدي إلى حرب أوسع وربما حرب عالمية ثالثة، وهو ما يوجه استراتيجيته السياسية والاقتصادية المقبلة".

 

تحديات أمام الشركات الأميركية
رغم الإشارات الإيجابية، لا تزال هناك شكوك كبيرة حول قدرة الشركات الأميركية على استئناف نشاطها في روسيا، إذ إن معظم الشركات التي غادرت السوق الروسية تم تأميمها أو بيعها لمستثمرين روس بأسعار زهيدة. كما أن الظروف الاقتصادية في روسيا حالياً، بما في ذلك ارتفاع معدلات الفائدة ونقص العمالة، تجعل العودة محفوفة بالمخاطر.

 

إضافة إلى ذلك، فإن البيئة السياسية غير المستقرة قد تؤثر على قرارات المستثمرين، حيث يمكن أن تتخذ الحكومة الروسية إجراءات تعسفية مثل فرض ضرائب ورسوم جديدة، وتقييد إعادة الأرباح، وحتى مصادرة الشركات الأجنبية.

 

مستقبل العلاقات الاقتصادية
إذا تمكنت واشنطن وموسكو من التوصل إلى تفاهمات اقتصادية، فقد نشهد إعادة إحياء التجارة بين البلدين لتصل إلى مستويات ما قبل 2022، بل وربما تتجاوزها. كما أن تقاربًا أميركيًا روسيًا قد يؤثر على سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه موسكو، ويقلل من حدة المواجهة الاقتصادية بين الشرق والغرب.

 

ومع ذلك، فإن هذه السيناريوات لا تزال رهينة التطورات السياسية وموقف المؤسسات الأميركية من أي تغيير في نهج التعامل مع روسيا. فترامب، رغم امتلاكه الصلاحيات، لا يستطيع بمفرده رفع العقوبات دون دعم الكونغرس والمؤسسات الأخرى.


في المحصّلة، عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تعيد تشكيل ملامح العلاقات الروسية - الأميركية، عبر مقاربة اقتصادية جديدة تهدف إلى تحقيق "السلام عبر الاقتصاد". ولكن نجاح هذه المقاربة يعتمد على مدى استعداد روسيا لتقديم تنازلات، وقدرة الولايات المتحدة على إقناع مؤسساتها السياسية والاقتصادية بجدوى هذا المسار. وفي حال تحقق هذا السيناريو، فقد نشهد انتعاشاً اقتصادياً جديداً، ليس فقط في التجارة بين البلدين، ولكن أيضاً على مستوى التوازنات الجيوسياسية العالمية.

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً. 
مجتمع 11/21/2025 8:31:00 AM
تركيا وسواحل سوريا ولبنان وفلسطين ستكون من بين المناطق المستهدفة بالأمطار بعد إيطاليا