اقتصاد وأعمال 18-01-2025 | 13:46

تركة ثقيلة للعهد الجديد... التعافي الاقتصادي في لبنان يبدأ بتصحيح "خطايا" الماضي

أمين سلام لـ"النهار": للوزير الجديد أقول له كن شجاعاً.
تركة ثقيلة للعهد الجديد... التعافي الاقتصادي في لبنان يبدأ بتصحيح "خطايا" الماضي
لبنان.
Smaller Bigger

فتح انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بعد أكثر من سنتين من الفراغ، آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد اللبناني الذي يعاني منذ سنوات من تحديات جمّة، أنهكت اللبنانيين وجعلتهم ضحية لفساد لامحدود انتقل عبر حكومات متعاقبة من دون توقّف، حتى التهم "الأخضر واليابس" من جيوب المواطنين.

 

خطاب قسم الرئيس حمل عناوين اقتصادية مهمّة أعطت أملاً بالمرحلة المقبلة، وشملت معظم المشاكل الواجب معالجتها وترميمها ووضعها على السكة الصحيحة، وامتزجت بالأبعاد السياسية والاجتماعية والأمنية والقضائية لينتعش الاقتصاد الوطني مجدداً في حال صدقت النوايا وتضافرت الجهود. فما هي تحديات التعافي الاقتصادي والدور المنتظر من رئيس الجمهورية والحكومة للنهوض من جديد؟

 

 


 

 

"العمود الفقري" لقيامة الاقتصاد

 

اعتبر وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمين سلام أن القطاع المصرفي والقضاء هما "العمود الفقري" لتعزيز الثقة وقيامة الاقتصاد اللبناني.

وأشار في حديث خاص لـ"النهار"، أنه "لا بد من العمل فوراً على إعادة هيكلة المصارف، وجدولة أموال المودعين ورد حقوقهم، والتي بدورها ستُثتثمر في البلاد وتعيد الحركة الاقتصادية، وتعطي الثقة بالداخل للقطاع المصرفي"، وقال "لا اقتصاد في لبنان من دون القطاع المصرفي، وهناك تأكيد خارجي أن الاستثمارات لن تعود إلى البلاد قبل فتح المصارف وعودة الطمأنينة التي بنظري تحتاج إلى دخول مصارف أجنبية بالإضافة إلى اللبنانية".

وفي السياق، يضيف أنه "من الضروري الانتقال بعد ذلك إلى إعادة القروض عبر المصارف لإحياء الشركات الناشئة الصغيرة، التي تحتاج إلى تسهيلات، فالصناعة المحلية باتت أكثر من ضرورة لتحسين الميزان التجاري في لبنان".

كما تطرّق سلام إلى أهمية استقلالية القضاء التي شدد عليها كل من الرئيسين جوزف عون ونواف سلام، لما لهذه الخطوة من انعكاسات مباشرة على الاقتصاد.

 

 

 

 

نصيحة سلام للحكومة الجديدة

 

شغل أمين سلام منصب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة نجيب ميقاتي منذ العام 2021، ومرّ بالكثير من التحديات خلال هذه المدة الطويلة التي تخللتها عقبات مصيرية في تاريخ لبنان.

وفي السياق، يقول سلام لـ"النهار": "بخبرتي ثلاث سنوات ونصف في الوزارة، نحو 35 في المئة من شلل القطاع الخاص تحديداً الصناعي والخسائر التي تكبدها، هي بسبب فاتورة الكهرباء غير المسبوقة في العالم".

ونصح سلام الوزير الجديد الذي سيخلفه بأن "يكون شجاعاً ويُفعّل دور الوزارة في الاقتصاد والتخطيط، على أن تكون الوزارة رأس حربة في الخطة الاقتصادية في الحكومة الجديدة، وأن يذهب إلى الآخر في العمل مع الوزارت الأساسية كالصناعة والزراعة لتحفيز كل القطاعات التي تنهض بالاقتصاد المحلي".

ويضيف في رسالة إلى الوزير المقبل: "لديك بلد فيه مقومات ليست موجودة في منطقة الشرق الأوسط، من موقع جغرافي وإطلالته على البحر المتوسط، مع احتمالات وجود ثروة نفطية، كذلك بلد ترانزيت وسياحي بامتياز، فلا تقبل بتاتاً ألا تكون الوزارة أساسية، وتستعمل كل إمكانيات القطاع الخاص والدراسات الموجودة مع إعادة تقييمها، والمضي قدماً بخطة اقتصادية تحت غطاء الوزارة. كما أن على الوزير التركيز على المواضيع التي عملنا عليها، من قانون المنافسة إلى الكهرباء وكل القوانين الإصلاحية المطلوبة، تحديداً موضوع القطاع المصرفي".

وأمل سلام من الحكومة الجديدة والوزير الجديد القيام بالأمور التي لم يستطع القيام بها خلال تولّيه وزارة الاقتصاد بسبب الظروف الصعبة التي مرّت بها البلاد، فـ"بدل أن يكون للوزارة خطط اقتصادية، صبّ تركيزنا على المشاكل والأزمات كالأسعار والخبز وسعر الصرف... أي أدرنا أزمة بدل وضع رؤية وخارطة طريق، فسُحب دور وزارة الاقتصاد إلى مكان آخر".

 

ماذا يتطلب التعافي الحقيقي؟

 

النصائح أساسية في هذه المرحلة الجديدة من لبنان، فخطأ الحكومات المتعاقبة هي عدم توظيف أخطاء الماضي لتصحيح مسار المستقبل. ولكن النصائح وحدها لا تكفي، بل يجب العمل على أرض الواقع والانغماس بتحديات كثيرة حتى يخرج عهد الرئيس الجديد والحكومة المنتظرة بانتصارات حقيقية.

فالتعافي الاقتصادي الحقيقي يتطلب رؤية شاملة توازن بين توجيه القيادة السياسية وصياغة خطط حكومية عملية، مع إعطاء أولوية للقطاعات الإنتاجية القائمة على التكنولوجيا.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي د. بيار خوري لـ"النهار"، أن "دور الرئيس يتمثل في الدفع نحو تبني رؤية وطنية متكاملة، تجمع كافة أصحاب المصلحة من القوى السياسية والقطاع الخاص، المجتمع المدني والأكاديميين، لتحديد مسار يعكس طموحات البلاد الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن الحكومة هي الجهة التنفيذية المسؤولة عن تحويل هذه الرؤية إلى خطط تفصيلية وبرامج قابلة للتطبيق".

 

التكنولوجيا هي المفتاح

 

ويضيف خوري أن "القطاعات الإنتاجية، خصوصاً تلك المرتبطة بالتكنولوجيا والابتكار، تمثل مفتاحاً لتجاوز الأزمات الاقتصادية وتأسيس اقتصاد مستدام قادر على المنافسة في بيئة عالمية متغيرة والحكومة مطالبة بوضع سياسات تشجع على تطوير الصناعات التقنية، مثل التصنيع المتقدم، الطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، التي تعتمد على تكنولوجيا البيانات والذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والإنتاج. ودور الحكومة هنا يمتد إلى خلق بيئة تدعم الابتكار من خلال تحسين جودة التعليم والتدريب المهني، والتركيز على المهارات المستقبلية التي يتطلبها الاقتصاد الرقمي".

ولفت خوري إلى أن "الرؤية الوطنية التي يدفع الرئيس نحو تبنيها يجب أن تعكس التزاماً واضحاً نحو بناء اقتصاد إنتاجي، حيث تُوظَّف التكنولوجيا كأداة استراتيجية لتطوير القطاعات التقليدية كالزراعة والصناعة، وتحفيز النمو في القطاعات الناشئة. هذه الرؤية تتطلب دعماً تشريعياً من مجلس النواب لضمان تحديث القوانين بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي، مثل حماية البيانات، وتشجيع الاستثمار في الابتكار".

وفي هذا الإطار، يؤكد أن "إعادة هيكلة القطاع المصرفي تعد ضرورة لضمان تدفق التمويل إلى هذه القطاعات التكنولوجية الإنتاجية. ويجب أن تتحول المصارف من التركيز على الإقراض الاستهلاكي إلى تمويل المشاريع الابتكارية، مع وضع سياسات لضمان توجيه التمويل نحو أولويات التنمية المستدامة".

 

تحديات كثيرة أمام رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة، تبدأ بحلّ المشاكل التاريخية والآنية، وصولاً إلى التفكير بتنمية المستقبل، فهل ينجح العهد الجديد بوضع خارطة طريق لسكة صحيحة تعيد لبنان إلى نهضته؟

 

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال