
أكدت وزارة النفط العراقية بشكل قاطع عدم وجود أيّ عقود لتصدير النفط الخام إلى سوريا، نافية ما تداولته بعض وسائل الإعلام بشأن إيقاف صادرات النفط العراقي إلى الجانب السوري.
وجاء في بيان صادر عن الوزارة، نقلته وكالة الأنباء العراقية: "شركة تسويق النفط (سومو) تؤكّد عدم وجود أيّ عقود مع الجانب السوري لتزويدهم بالنفط الخام، وبالتالي لم يتمّ إيقاف أيّ صادرات من النفط الخام إلى سوريا".
السياق السوري: أزمة طاقة ومعوقات محلية ودولية
في الجانب السوري، أشار وزير النفط والثروة المعدنية السوري، غياث دياب، الأسبوع الماضي، إلى أن استمرار خروج عدد كبير من الآبار النفطية عن سيطرة الدولة يمثل أحد أبرز التحدّيات التي تواجه القطاع النفطي في سوريا. واعتبر دياب أن العقوبات المفروضة على سوريا تزيد من معاناة الشعب السوري، قائلاً: "لا معنى لبقاء العقوبات المفروضة على سوريا بعد التخلّص من النظام السابق وحلفائه. كان النظام يعتمد على حلفائه للتزود بالنفط، ولم يتأثر بتلك العقوبات كما تتأثر سوريا الجديدة اليوم".
قبل اندلاع الأزمة في عام 2011، كانت سوريا تنتج نحو 400 ألف برميل يوميًا، وهو ما يمثل مصدر دخل رئيسيًا للدولة. ومع خروج هذه الموارد عن سيطرة الحكومة السورية، تراجع الإنتاج بشكل حادّ. ووفقًا لتقديرات العام الحالي، فإن استعادة السيطرة على هذه الآبار يمكن أن تحقق عائدات تصل إلى 32 مليون دولار يوميًا، مما يُسهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية وإعادة بناء الاقتصاد السوري المتهالك.
تحليل للأزمة النفطية السورية
تواجه سوريا أزمة طاقة خانقة تفاقمت بسبب عدة عوامل:
1. فقدان السيطرة على الموارد: لا تزال مناطق واسعة غنية بالنفط، خاصة في الشمال الشرقي من البلاد، خارج سيطرة الحكومة المركزية. تُدار هذه المناطق من قبل قوى محلية وأجنبية، مما يعوق استغلال الموارد بشكل كامل.
2. العقوبات الدولية: لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا تعرقل استيراد المعدات والمواد اللازمة لإعادة تشغيل الحقول النفطية والبنية التحتية. ورغم أن الحكومة السورية تحاول الالتفاف على هذه العقوبات عبر استيراد النفط من دول صديقة مثل إيران، فإن ذلك يبقى غير كافٍ لتلبية احتياجات السوق المحليّة.
3. الطلب المحلي المتزايد: يعاني المواطن السوري من نقص حادّ في الوقود والطاقة، مما يزيد من الأعباء اليومية، ويؤثر بشكل مباشر على قطاعات النقل، الزراعة، والصناعة.
التعاون الإقليمي: فرصة غير مستغلّة
رغم النفي العراقي لأيّ تعاون نفطي مع سوريا، فإن هناك فرصة محتملة لتوسيع التعاون بين البلدين في المستقبل. يُمكن للعراق، الذي يمتلك فائضًا من النفط الخام، أن يلعب دورًا في تخفيف الأزمة السورية من خلال اتفاقيات طويلة الأجل لتوريد النفط بأسعار تفضيلية. هذا النوع من التعاون قد يُحقّق مكاسب مشتركة، حيث يساعد العراق على توسيع أسواقه الإقليمية، بينما يوفر لسوريا حلاً جزئيًا لأزمة الطاقة.
أبعاد اقتصادية وسياسية أعمق
من الناحية السياسية، يعكس التصريح العراقي حرص بغداد على تأكيد حيادها في القضايا الإقليمية الحساسة، خاصةً مع استمرار التوترات الدولية بشأن سوريا. ومن الناحية الاقتصادية، يعكس التركيز على زيادة الإنتاج المحليّ في سوريا أهمية الموارد الطبيعية كأداة رئيسيّة لإعادة بناء الاقتصاد.
ختاماً، تعكس أزمة الطاقة السورية أحد أوجه التحديات العميقة التي تواجه البلاد في مرحلة ما بعد الصراع. وبينما يتّضح أن التعاون الإقليمي والدولي سيكون مفتاحًا لتجاوز هذه العقبات، يبقى على الحكومة السورية تطوير استراتيجيات شاملة لاستعادة السيطرة على مواردها، وتحسين بنيتها التحتية النفطية، وإيجاد طرق مستدامة لتلبية احتياجات شعبها.