اقتصاد وأعمال 19-12-2024 | 08:03

طموح الشركات التركية في إعادة إعمار سوريا: فرص واعدة وتحديات محتملة

تشكل إعادة إعمار سوريا فرصة اقتصادية هائلة، وتركيا تبدو الأكثر تأهيلاً للاستفادة من هذه العملية بفضل قربها الجغرافي وخبرتها في البناء.
طموح الشركات التركية في إعادة إعمار سوريا: فرص واعدة وتحديات محتملة
سوريا
Smaller Bigger

تشهد سوريا تحولاً جذرياً مع سقوط نظام بشار الأسد، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة تتطلب جهوداً مكثفة لإعادة بناء الدولة وترميم ما دمرته الحرب. هذه العملية ليست فقط ضرورة إنسانية بل أيضاً فرصة اقتصادية هائلة، حيث تصبح سوريا ساحة مفتوحة للاستثمارات في مجالات إعادة الإعمار والبنية التحتية.

 

فرص الشركات التركية
تركيا، بجوارها الجغرافي وخبراتها العميقة في قطاع الإنشاءات، تبدو الأكثر تأهيلاً للاستفادة من عملية إعادة الإعمار في سوريا. تقرير صحيفة فايننشال تايمز يشير إلى أن تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، قد تصبح المستفيد الأكبر من إعادة الإعمار، خاصة بفضل علاقاتها مع المعارضة السورية ودورها السياسي البارز في المرحلة الجديدة.

 

التوقعات تُشير إلى أن حصة المشاريع التركية قد تصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأولى، مع احتمالية ارتفاع هذا الرقم إلى 100 مليار دولار على المدى الطويل. هذا الرقم يعكس ليس فقط إمكانات تركيا الاقتصادية بل أيضاً أهمية استعادة النشاط التجاري على طول الحدود الممتدة بين البلدين.

 

أسباب التفاؤل التركي
في هذا الإطار اعتبر الخبير الاقتصادي محمد فحيلي، في حديثه لـ"النهار" أنّ "حظوظ تركيا في لعب دور كبير في إعادة إعمار سوريا قوية للغاية، لأنها تُعتبر لاعبًا أساسيًا ومحوريًا في المشهد السوري على الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسية. ومن الطبيعي أن تطالب تركيا بدور في إعادة الإعمار، كما طالبت الولايات المتحدة بدور في إعادة إعمار العراق، وكما ترى إيران نفسها لاعبًا أساسيًا في لبنان. بناءً على ذلك، من البديهي أن يكون لتركيا دور في هذا المجال، خاصة بالنظر إلى حجم الدمار في سوريا وحجم البلاد الكبير".

 

وقد تكون تركيا متفائلة بضمان حصّتها بإعادة الإعمار لأسباب عدةّ أبرزها القرب الجغرافي، بفضل  الحدود المشتركة التي تسهل نقل المواد والمعدات. إلى جانب سمعة الشركات التركية بجودة وسرعة التنفيذ، فضلا عن الدعم السياسي، المرتبط بنفوذ تركيا في الشمال السوري وعلاقاتها بالمعارضة. كما تلعب القوة العاملة دورا أساسيا، حيث تتوفر العمالة التركية بتكاليف تنافسية.

 

وإلى ذلك، شهدت أسهم شركات التشييد والأسمنت التركية ارتفاعا، بدفعة من توقعات بأنها ستستفيد من إعادة إعمار سوريا. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الاثنين، إن تركيا ستعمل على إعادة اللاجئين السوريين اللذين تستضيفهم بأمان إلى بلادهم وعلى إعادة الإعمار في سوريا بعد رحيل الأسد. وقال يوسف دوان رئيس أبحاث الأسواق العالمية في إنفو ياتيريم إن فرصا كبرى ستتاح للشركات التركية العاملة في مجالات التشييد والأسمنت والصلب بعد التغيير السياسي في سوريا، بحسب ما نقلته رويترز. وأضاف أن القرب الجغرافي لتركيا ووجود علاقات تجارية قائمة بالفعل يعطي شركاتها ميزة تفضيلية في عملية إعادة إعمار سوريا. وارتفع مؤشر يشمل شركات الأسمنت 6.57 % كما ارتفع مؤشر قطاع التشييد 2.79%.

 

التحديات التي تواجه تركيا
رغم الفرص الواعدة، تواجه تركيا عدداً من التحديات، حيث لفت البير الاقتصادي إلى أنّ "إعادة بناء سوريا تتطلب جهدًا واسعًا، ليس فقط لإعادة الإعمار، بل أيضًا لإعادة صياغة البلاد كدولة ديمقراطية بمعنى الكلمة. هذا يعني أن اللاعبين الدوليين سيكونون كُثر، مثل الولايات المتحدة، دول الخليج العربي، تركيا، وفرنسا، وكلهم يمتلكون القدرات والخبرات اللازمة للقيام بهذا الدور. وكذلك هناك مؤسسات لبنانية تستعد للمشاركة في إعادة الإعمار، خصوصًا تلك التي تقدم خدمات استشارية في مجال البناء وما يشابهه".

 

وأضاف فحيلي "الاقتصاد السوري كبير ويمتلك موارد غنية، لكن حجم الدمار الهائل يُشكّل تحديًا وفرصة في الوقت نفسه. الأرباح التي يمكن أن تحققها تركيا من المشاركة في إعادة الإعمار تشبه تلك التي قد تحققها أي دولة أخرى تسهم في هذا الإطار"، شارحا أنّ "هناك العديد من الجوانب لإعادة الإعمار، بدءًا من إعادة بناء الوحدات السكنية والمؤسسات الصناعية الإنتاجية، وصولًا إلى إعادة بناء السياحة والبنية التحتية. طبيعة العقود في هذا السياق ستتطلب تعاونًا واسعًا وإدارة دقيقة لتحقيق هذا الهدف".

 

النظرة المستقبلية
بالتوازي مع الجهود السياسية والاقتصادية، تبدو الشركات التركية مستعدة للاستفادة من الفرص المتاحة في سوريا. إذا نجحت تركيا في التغلب على التحديات السياسية وتأمين التمويل الدولي، فإنها قد تصبح اللاعب الرئيسي في إعادة إعمار سوريا، ما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الإقليمي ويعزز دورها كقوة اقتصادية في المنطقة.

 

ختاماً، إعادة إعمار سوريا ليست فقط مشروعاً اقتصادياً بل اختباراً للتعاون الدولي، مع احتمالات أن تصبح تركيا شريكاً رئيسياً في هذا التحول التاريخي، مستفيدة من خبراتها وموقعها الاستراتيجي لتعزيز دورها الإقليمي.

 

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته.