الكرد بين الاندماج والدولة المستقلّة... وقلق من خدمة إسرائيل

الكرد بين الاندماج والدولة المستقلّة... وقلق من خدمة إسرائيل
سيارة رياضية ترفع العلم الكردي (أ ف ب).
Smaller Bigger
ستبقى القضية الكردية حاضرة عند الاستحقاقات الإقليمية في الشرق الأوسط، لأن الواقع السياسي والديموغرافي في الدول التي تحضر فيها هذه القومية لا يتناسق مع تطلّعاتها، ومشروع إقامة الدولة الكردية لا يغيب عن هذه الجماعة التي توجد في تركيا وإيران والعراق وسوريا، وترغب ضمنياً في الانفصال عن القوميات الثلاث، الترك والفرس والعرب، وتأسيس كيانها الخاص.

يعترف وزير العدل السابق في إقليم كردستان آزاد الملا أفندي، خلال حديث خاص مع "النهار"، بهذا الواقع. ويقول إن "كل كردي يطمح بأن تكون له دولة، وهذا ما لا أستطيع إنكاره، لكن لا فكرة حالياً من هذا النوع، وواقعياً لا توجد أرضية لمثل هذا الطرح". ولهذا السبب، يندفع الكرد باتجاه أفكار التعايش المشترك مع ضمان هامش تمايز والاعتراف بهويتهم والحفاظ عليها.

في هذا السياق، نظّمت "دار النهار للنشر" لقاءً حوارياً حمل عنوان "القضية الكردية وإدارة التنوّع في البلدان المتعدّدة الثقافات"، تحدّثت خلاله نخب كردية ولبنانية، بينهم مفكرون وسياسيون وأساتذة جامعيون وصحافيون، وكان النقاش بشأن واقع الكرد في المنطقة، الهوية الكردية والثقافة العروبية ومشاريع الاندماج والانفصال.

تشدّد إيمان أسعد، مسؤولة العلاقات الإعلامية بمؤسسة "كردستان كرونيكل" على مبدأ "التعايش المشترك" في الدول ذات القوميات المختلفة و"القدرة على تحقيق هذا الهدف" مع ضرورة حفظ هويتهم وعدم اندثارها في ظل وجود هويات مختلفة، انطلاقاً من مبدأ "التعددية عامل قوّة لا ضعف"، لكن ثمّة أكراد يميلون إلى الطروحات التي تعطيهم هامشاً سياسياً أوسع وحكماً ذاتياً، كالفيديرالية ونموذج إقليم كردستان.

التوجهات الانفصالية التي تراود بعض الكرد، ينسبها وزير العدل الكردستاني السابق إلى "الظلم الذي تعرّضوا له" في الدول التي يعيشون فيها، فيقول إن "الكردي لم يشعر بالمواطنة، ويعامل كمواطن درجة رابعة"، ما يشكّل شعوراً بعدم الانتماء إلى الدولة ويزيد من حدّة الشقاق الذي يتسبّب به اختلاف القوميات، مع العلم بأن الاندماج مسؤولية ثنائية من قبل الكرد والدولة التي هم فيها وجزء منها.


يتفق المشاركون على أن الكرد "تعرّضوا لمظلومية في الدول التي يتواجدون فيها"، ووفقاً لرأي الكاتب وأستاذ العلوم السياسية ناصر زيدان الذي قدّم مداخلة، فإن "الأنظمة العربية كانت قاسية معهم، والفكرة القومية العربية لم تتعاطَ مع القضية الكردية بفلسفة واقعية أو رؤية وطنية، ما خلق إشكاليات كثيرة أسهمت بتعميق الشرخ بين العرب والكرد"، لكن يشير إلى أن الواقع السياسي في المنطقة يتبدّل "ولا ينبغي البناء على التباعد والتقسيم".

المشاريع الانفصالية التي يطالب بها بعض الكرد، أو التقسيمية، أو حتى الفدرلة، تقابل بترحيب من جهة وانتقاد من جهة أخرى. الرأي الثاني يتحدّث عن خطورة هذه المشاريع و"تقسيم المقسّم"، انطلاقاً من أن كل مشروع انفصالي يقوم على إنشاء دولة ذات بعد قومي أو مذهبي "قد يخدم مشاريع إسرائيل"، وهو ما يخشاه زيدان الذي يقول إن "الفكر العروبي لا يتقبّل مطالبة الكرد بدولة مستقلّة"، ومن المعلوم أن إسرائيل تعمل على تقسيم الإقليم إلى دويلات قومية وطائفية متناحرة وتكتسب شرعيتها كدولة قومية من خلال وجود دول قومية أخرى، وإنشاء دولة كردية سيكون عاملاً دافعاً لقوميات أو مذاهب لإنشاء دولها الخاصة وانتشار المشاريع الانفصالية.


ويتحدّث المجتمعون عن حلول للتعدّدية، تقوم على "التعاون" لكون الثقافتين العربية والكردية متقاربتين برغم الاختلاف، ويؤكّد عدد من الكرد الحاضرين مناصرة الكرد لقضايا العروبة انطلاقاً من التمييز بين القومية العربية والقضايا العروبية، فيما يعتبر آخرون أن حقوق الكرد لا تتناقض مع المصلحة الوطنية والعربية.

في المحصّلة، فإن تحدّيَي الاندماج الكردي في المنطقة العربية أو إنشاء الكيان الكردي الخاص دونهما عوائق كثيرة، لكن وجب في الحالتين الأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية والاستراتيجية للدول التي يعيشون فيها والمحيط، حتى لا يكون الحل الموضعي لقضيتهم أساساً لمشكلة أوسع ومقدّمة لحروب لا تنتهي.

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.