أكبر احتجاج بيئي في تاريخ تونس... مدينة قابس تقف على فوهة الغضب البيئي

العالم العربي 18-10-2025 | 09:28

أكبر احتجاج بيئي في تاريخ تونس... مدينة قابس تقف على فوهة الغضب البيئي

هذه الاحتجاجات هي الأولى من نوعها التي تشهدها المدينة منذ عام 2011، ويخرج سكان قابس منذ أيام في تظاهرات يومية للمطالبة بتفكيك وحدات المجمع فيما استعملت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين ليلاً
أكبر احتجاج بيئي في تاريخ تونس... مدينة قابس تقف على فوهة الغضب البيئي
تظاهرة احتجاجية في قابس.
Smaller Bigger

تعيش مدينة قابس جنوب تونس منذ أيام على وقع احتجاجات متواصلة وذلك على خلفية انبعاث غازات سامة من "المجمع الكيميائي" في مشهد أعاد إلى السطح واحدة من أكبر القضايا البيئية في تاريخ البلد. 

وهذه الاحتجاجات هي الأولى من نوعها التي تشهدها المدينة منذ عام 2011، ويخرج سكان قابس منذ أيام في تظاهرات يومية للمطالبة بتفكيك وحدات المجمع، فيما استعملت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين ليلاً.

ولا يستبعد المحتجون الإضراب العام في حال عدم استجابة السلطات لمطالبهم.
وسجلت المدينة في الأسابيع الأخيرة عشرات حالات الاختناق بسبب انبعاث غازات سامة من المجمع الكيميائي.

(محتجون في قابس.(النهار
(محتجون في قابس.(النهار

 

 

 

أخطر الملفات البيئية
وملف المجمع الكيميائي في قابس يُعدّ من أخطر الملفات البيئية في تونس، ولم تجد كل الحكومات المتعاقبة منذ إنشائه في فترة سبعينيات القرن الماضي حلاً له بسبب عجزها عن تحقيق التوازن بين معادلة البيئة والتشغيل.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد دخل على خط هذه الأزمة ووجّه بتشكيل لجنة من أجل القيام بتحقيق في حقيقة ما يجري بالمجمع واتخاذ الإجراءات اللازمة لحلّ الأزمة.

ويُعدّ المجمع إحدى أبرز ركائز الصناعة الكيميائية بتونس، إذ ينتج الأسمدة ومشتقات الفوسفات، وهو إحدى أبرز المؤسسات المشغلة في المحافظة التي تعاني ككل المحافظات التونسية من ارتفاع نسبة البطالة وهو ما يجعل من وقف نشاطه قراراً اقتصادياً موجعاً.
ويوفر المجمع قرابة 57% من الإنتاج الوطني للحامض الفسفوري المستخدم في المخابر والصناعات المعدنية وأيضاً في صناعة المياه الغازية، ومواد التنظيف والأسمدة.

الصناعة على حساب الإنسان
لكن رغم أهميته في النسيج الاقتصادي شكل المجمع مصدراً رئيسياً للتلوّث.
ويطالب السكان بتفكيك وحدات المجمع الذي يُعدّ المصدر الأول للتلوّث بالمدينة، ويقولون إنه يشكل مصدر خطر على صحتهم مشيرين إلى ارتفاع عدد حالات الإصابة بمرض السرطان في المحافظة.

ويقول الناشط خير الدين دبية لــ"النهار" إن ما تعيشه المدينة ليس حادثاً عرضياً، بل هو نتيجة لسياسات تنموية قديمة خيّرت التنمية عبر التصنيع الملوّث على البيئة والإنسان.
ويؤكد أن النفايات غير المعالجة تسببت بتدهور التربة والمياه والهواء.

ويجمع سكان قابس التي طالما شكلت نظاماً بيئياً نادراً يجمع بين الواحة والبحر، على أن واحتهم التي كانوا يصفونها بـ"جنة الصحراء" تحوّلت إلى جحيم بسبب نفايات المجمع التي أضرّت بالأرض وبالخليج.
ويوضح دبية أن هذه النفايات أضرّت بغابات النخيل وبأراضي زراعة الحناء، ما أجبر المزارعين على هجر أراضيهم، فيما يعاني الصيادون من تلوّث البحر ونفوق الأسماك.
ويؤكد أن سكان المدينة يطالبون بحقهم بالعيش في بيئة سليمة معتبراً أن ذلك لن يتم إلا "بتفكيك وحدات هذه المصانع وإخراجها من المحافظة".
ويشدد على أن التحركات الاحتجاجية متواصلة لحين تحقيق مطالب السكان، مؤكداً أنهم فقدوا ثقتهم بالوعود الحكومية المتكررة منذ عقود.
بدوره اعتبر النائب في البرلمان التونسي محمد علي في تصريح لـ"النهار" أن الحق في العيش في محيط سليم هو حق دستوري. 
وأوضح أن الاحتجاجات الأخيرة هي أكبر تحرك شعبي من أجل البيئة في تاريخ تونس.
وشارك المحتجين مطلبهم بتفكيك الوحدات الملوثة للمركب الكيميائي، داعياً إلى وضع خطة انتقال بيئي عادل تحفظ حق العمال في الشغل وحق الأهالي في الحياة.

كلفة مرتفعة
غير أن تفكيك وحدات المجمع ليست بالعملية البسيطة وفق العديد من المراقبين ما يجعل السلطات عاجزةً عن حل هذه الأزمة البيئية الخطيرة.
ويقول الخبير البيئي حسين الرميلي إن كلفة تفكيك أقل وحدة صناعية تبلغ نحو 1.7 مليار دولار، فيما يضم المجمع 13 وحدة لإنتاج الفوسفات والفوسفوجين.
وفي تقديره فإن تفكيك الوحدات ونقلها إلى منطقة أخرى يعني نقل مكان الأزمة دون حلها.

وأشار إلى أن المجمع يعاني من صعوبات مالية تجعله غير قادر على تأهيل وصيانة معداته، لافتاً إلى أن الحلّ يجب أن يكون بقرار سياسي يحرص على وضع الاعتمادات المالية اللازمة لتوفير تقنيات متطورة للحد من التلوّث.
وبين وعود التنمية وغياب العدالة البيئية، تقف قابس التونسية على حافة الاختناق، مطالبة بالحق في تنفس هواء نظيف.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ثقافة 10/17/2025 6:10:00 AM
تُعدّ المقاهي الشعبية البيروتية مرآة دقيقة لتحوّلات المشهد الاجتماعي والثقافي للمدينة (1950–1970).
ثقافة 10/17/2025 6:15:00 AM
هذا المشروب الساحر لا يمكن تخيّله منفصلًا عن الشعور بالمشاركة وتحسين المزاج والحب.
ثقافة 10/17/2025 6:17:00 AM
المقهى.. أكثر من مجرد قهوة: تجربة حياة كاملة
ثقافة 10/17/2025 6:12:00 AM
كان الـ "هورس شو" في بناية المرّ قاطرة القافلة التي ضمت مقاهي الـ "إكسبرس" في بناية صباغ، و"مانهاتن" في بناية فرح، ثم مقاهي "نيغرسكو" و"ستراند" و"الدورادو" و"كافيه دو باري" و"مودكا" و"ويمبي" وغيرها.