"حماس" تحت الضغط لتجرع "كأس السم": هل تلاعب نتنياهو ببنود الخطة الأميركية؟

في الوقت الذي تدرس فيه "حماس"، تحت ضغط سياسي وعسكري هائلين، ردها على الخطة الأميركية لغزة، تواجه الحركة أخطر تحدٍ منذ تأسيسها في 1987، أي التخلي عن السلطة والسلاح وإطلاق الأسرى الإسرائيليين، من دون الحصول في المقابل على ضمانات أكيدة بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
ومع تحديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ثلاثة أو أربعة أيام" للحصول على الرد، وإلا "ستدفع الحركة ثمناً في الجحيم"، فإن الوقت ليس مفتوحاً أمامها كي تناقش بعض البنود الواردة في الخطة، لا سيما منها المتعلقة بغياب جدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي، وترك الأمر لتقدير تل أبيب.
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن مجرد أحتمال أن تطلب "حماس" مناقشة بعض بنود الخطة الأميركية، سيعتبر عرقلة لها، ويمنحه تالياً الحق في مواصلة الحرب.
رجحان الكفة الإسرائيلية في الخطة قد يجد تفسيراً في ما أورده موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي ليل الإثنين، من أن الخطة "احتوت على تغييرات جوهرية طلبها نتنياهو، ما أغضب مسؤولين عرباً مشاركين في المفاوضات". وأوضح الموقع أن "الاتفاق المعروض الآن على ’حماس‘، يختلف اختلافاً كبيراً عن الذي اتفقت عليه الولايات المتحدة ومجموعة من الدول العربية والإسلامية، بسبب تدخل نتنياهو".
لا تترك الخطة الأميركية أمام "حماس" خياراً غير حلّ نفسها، وإلا ستكون موضع اتهام بعرقلة "السلام الأبدي"، الذي وعد ترامب بإحلاله في الشرق الأوسط، والذي سيكون جسر عبور له إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام. وهو عاد ليذكر غداة الإعلان عن خطة غزة، قائلاً إنه إذا لم يُمنح الجائزة، فذلك "إهانة" للولايات المتحدة.
القراءة الهادئة للخطة الأميركية تبين أن نتنياهو حصل بموجب بنودها على كل ما كان يأمل فيه تقريباً، رغم الضغوط الدولية التي تعرضت لها إسرائيل في الأشهر الأخيرة، وكادت أن تحولها إلى دولة منبوذة.
وفي مقابل وعود فضفاضة جداً وغير ملزمة لإسرائيل بمسارٍ نحو دولة فلسطينية، يبدو أن الخطة الأميركية في طريقها إلى احتواء الزخم الذي تولد أخيراً على صعيد إحياء فكرة "حلّ الدولتين"، بدفع من فرنسا والسعودية، وبتأييد 142 دولة في الأمم المتحدة لهذا المسار.
إن الخطة العشرينية التي أعادت جاريد كوشنر، صهر ترامب مهندس "صفقة القرن"، ورئيس الوزراء البريطاني سابقاً طوني بلير، إلى الأضواء مرت من بعيد على "تطلع" الشعب الفلسطيني إلى تقرير المصير والدولة.
في نهاية المطاف، "حماس" موضوعة الآن بين تجرع كأس السم، أو الظهور بمظهر من يقدم مصالحه الخاصة على مصالح الشعب الفلسطيني الذي يعيش منذ عامين جحيم الحرب الإسرائيلية، ويتوق فعلاً إلى وقفٍ للنار والتقاط الأنفاس.
وستجد الحركة صعوبة في قبول خطة تنص على تخليها عن الحكم، وتحرمها أيضاً أي دور في إدارة شؤون القطاع، الذي تحكمه منذ 2007.