أحزاب جزائرية تتبادل انتقادات حادة... مؤشر لانفتاح سياسي؟

سجالٌ غير مسبوق عاشته الساحة السياسية الجزائرية خلال الأسبوعين الماضيين، بين الانتقادات والانتقادات المضادة، في مشهد سياسي أعاد البلاد إلى زمن السجالات الذي عرفته الساحة السياسية، على الأقل خلال بداية تسعينيات القرن الماضي، زمن الانفتاح السياسي.
فقد أطل رئيس حزب "صوت الشعب" أمين عصماني في مؤتمر صحافي، لينتقد أداء الأحزاب "المُسماة كبيرة"، وقال: "لا وجود لحزب كبير وآخر صغير"، في استصغارٍ لدور حزبي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديموقراطي"، معتبرا أنّ "جميع الأحزاب أصبحت بلا قيمة في المشهد السياسي"، بخاصة في ظل عدم اختيار رئيس البلاد أي اسم من تشكيلاتها في الحكومة الجديدة.
وردّ حزب "جبهة التحرير الوطني" (أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان)، ببيان على عصماني "الذي لم يقدم أي خدمة للمواطن والوطن"، متهما إياه بـ"الإفلاس السياسي"، فيما قال أمينه العام عبد الكريم بن مبارك: "أنا لا أرد على الشّطحات".
عصماني أوضج لـ"النهار" خلفيات تصريحه الأخير، بأن "الركود الذي تعيشه الساحة السياسية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة يدفع لا محالة إلى وضع الأصبع على الجرح"، مؤكدا أن ما قاله "يؤمن به الكثير من الشخصيات السياسية والمناضلين في الكثير من الأحزاب". وأكد أن "النُّخب السياسية مطالبة أكثر من أي وقت مضى برفع مستوى الطرح السياسي والتقدم بأفكار جديدة تخدم واقع الحال"، لافتا إلى أنّ مجتمع اليوم غير مجتمع الأمس، وما دفعه إلى الخروج عن صمته هو عدم ملاءمة الخطاب السياسي الحالي للكثير من الأحزاب على اختلاف توجهاتها، مع التوجهات الحالية للجزائريين، بخاصة الشباب منهم.
وعن تقليله من شأن الأحزاب الكبرى في الجزائر قال: "الأحزاب الأكثر تمثيلا في البرلمان والمسماة كبيرة هي قاطرة الطبقة السياسية في البلاد، وعندما تكون القاطرة دون المستوى المطلوب، يجب تسمية الأمور بمسمياتها بهدف إعادة تصويب المسار"، مشيرا إلى أنّ "الحزب السياسي الكبير لن يكون كبيرا باسمه أو بتاريخه أو بتمثيله النيابي بقدر ما يكون صانعاً للأفكار وحاضراً سياسياً ومجتمعياً ومقدماً لأطروحات وحلول اقتصادية واجتماعية وسياسية تخدم البلد".
ورأى أن "العزوف الذي تشهده الاستحقاقات الانتخابية المختلفة من الجزائريين، سببه الضعف الذي باتت عليه الأحزاب السياسية"، مؤكدا أنّ "استمالة الجزائريين ومنهم الشباب نحو الانتخاب أو الاندماج في العمل السياسي لا بد أن يخضع لمعايير جاذبة لا مُنفرة، ومن الضروري أن يتغير الخطاب السياسي للأحزاب ليكون مناسبا مع ما يعيشه شباب اليوم من تطورات تكنولوجية واهتماماتٍ جديدة".
وذهب عصماني إلى أبعد من ذلك عندما أشار إلى عدم اعتماد السلطة على الأحزاب السياسية في التشكيلات الحكومية خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أنّ "انعدام الثقة بالسياسيين مرده إلى قصور الأداء وتراجع الخطاب"، ومبرزا من جهة أخرى وجود كفاءات سياسية في مستوى التوجهات الحالية للبلاد وفي مستوى تطلعات الجزائريين. ولفت إلى أن "الشخصية التكنوقراطية، مهما كانت كفاءتها لا يمكن أن تكون نظرتها إلى العمل الحكومي كنظرة المناضل السياسي".