العالم العربي 23-09-2025 | 11:27

إماراتيّة أفقدها المرض صوتها فحوّلت محنتها سبيلاً لعلاج حالات مشابهة

كانت تظن أن تدريب الصوت لا يُستخدم إلا في مجال الغناء أو في مجالات الإعلام وأعمال الدبلجة، إلا أنها اكتشفت مع التجربة أن للصوت بصمة شخصية قوية ومؤثرة وقادرة فعلياً على تغيير حياة الكثيرين.
إماراتيّة أفقدها المرض صوتها فحوّلت محنتها سبيلاً لعلاج حالات مشابهة
مدربة الصوت الإماراتية حمدة الصيعري.
Smaller Bigger

قبل خمس سنوات فقدت الإماراتية حمدة الصيعري صوتها نتيجة توقّف رئتيها عن العمل وفقدت القدرة على التنفس، فوُضعت لمدة طويلة في العناية المركزة على جهاز تنفس اصطناعي وغابت تماماً عن الوعي. عاشت فترة من دون صوتها، وبعد خروجها من أزمتها الصحية واسترداد صوتها نجحت من خلاله في تغيير حياة الكثير من الناس ورفع سقف توقعاتهم من أصواتهم.

تقول الصيعري لـ"النهار": "خلال تلك الفترة لم يكن يبلغني من العالم من حولي إلا تلك الخطوات المسرعة وأصوات الأجهزة وهمسات أطباء لا أفهمها، ولم أكن أقدر على الحركة أو الرؤية أو الكلام، لقد غصت في ظلمة لا تشبه الليل، وكان صوتي محبوساً في عزلة لا نهاية لها إثر غيابي الكامل آنذاك عن الحياة، ولكنني وسط هذه العزلة كنت أسمع صوت أمي تبكي وتدعو وتناديني".

 

حمدة الصيعري في ورشة تدريب. (وكالات)
حمدة الصيعري في ورشة تدريب. (وكالات)

 

حاربت صمت صوتها بـ"صوتها"
المرض الذي قلب حياتها رأساً على عقب وغيّر مسيرتها أحبطها في المرحلة الأولى، ولم تكن تقوى على الحركة عقب خروجها من المستشفى. وبرغم الإحاطة والعناية بها من  أهلها كانت تشعر بالغربة "أصبت بخوف دائم من عدم قدرتي على التنفس مجدداً، فانطلقت في رحلة بحث عن أي وسيلة تساعدني على استعادة تنفسي المفقود ونفسي التائهة، إلى أن رأيت إعلاناً عن تجربة التنفس البطني، فبادرت إلى التسجيل في هذه الدورة التي كانت نقطة التحول الكبرى في حياتي". وتضيف: "لم أكتف بدواء الأطباء، ولا بالعيش على بخاخ يُبقيني معلّقة بين الحياة والاختناق، فبدأت أبحث وأسعى، وأتدرّب يومياً لأستعيد حقي في الشهيق والزفير بلا خوف".
 نجاح التجربة مع التدريب الصوتي لفت نظرها إلى عالم جديد تمكنت من خلاله من الغوص في أعماقه والتطور فيه لتصبح مرشدة مساعدة لأشخاص فقدوا أصواتهم أو لديهم صعوبات في النطق، تقول: "مع كل نفس كان صوتي يتغير ليصبح أقوى، ومن هنا بدأت رحلتي مع الصوت الذي درسته بفضول واهتمام وإصرار على التعلم من المتخصصين حول العالم، ثم التجربة والتدريب المستمرين وصولاً إلى حصولي على شهادة التدريب الدولي المعتمد في الصوت وتأسيس مركز فويس آرت للتدريب الذي يحمل الناس في رحلة فريدة لاستكشاف أصواتهم وجمالياتها، وقوتها وتأثيرها، ليرتقوا من ثم بتأثيرها وبصمتها الفارقة في حياتهم".

 

مدربة الصوت الإماراتية حمدة الصيعري. (وكالات)
مدربة الصوت الإماراتية حمدة الصيعري. (وكالات)

 

التخلص من التأتاة والرهاب الاجتماعي بالعلاج الصوتي
كانت تظن أن تدريب الصوت لا يُستخدم إلا في مجال الغناء أو في مجالات الإعلام وأعمال الدبلجة، إلا أنها اكتشفت مع التجربة أن للصوت بصمة شخصية قوية ومؤثرة وقادرة فعلياً على تغيير حياة الكثيرين "وهذا ما حاولت تجسيده من خلال الاتجاه نحو إدماج تجارب الصوت في حياتنا اليومية لما لمسته من تجاربي الشخصية مع المتدربين من تأثير على واقع الناس، والدلائل هنا كثيرة في تأثير تدريب الصوت على علاقة عدد من الأمهات بأبنائهن، أو  بأزواجهن الذين باتوا أكثر إصغاءً لهن، أو في بيئات العمل التي بات فيها البعض أكثر تأثيراً على زملائه وتقديراً من مسؤوليه وصولاً إلى ارتقائه وظيفياً، أو أن يظفر كفيف بفرصة عمل أو اندماج شخص يعاني تحديات التأتأة أو الرهاب الاجتماعي أو حتى ذوي الأمزجة العصبية وغيرهم بشكل أفضل في المجتمع".

أهمية التدريب الصوتي تكمن في معالجة الرهاب الذي يتسبب في الدرجة الأولى بالتأتاة. وتشرح الصيعري تقنية علاج التأتأة والرهاب الاجتماعي بقولها: "يرتكز علاج التأتأة على التنفس السليم من خلال استخدام الحجاب الحاجز لتخفيف التوتر، وعلى التمارين الصوتية من خلال التدريب على الإيقاع، الإطالة، والانتقال السلس بين المقاطع، وعلىإعادة البرمجة الذهنية من خلال استبدال الثقة التدريجية بالخوف والتوقع السلبي. كما يساعد على علاج الرهاب الاجتماعي مرتكزاً على التحكم بالنبرة، أي تدريب الصوت على الهدوء والثبات عند التحدث أمام الآخرين وعلى تقنيات الاسترخاء مثل تمارين التنفس والتأمل لخفض التوتر الجسدي والمحاكاة (Role Play) وهي تجارب واقعية لمواقف اجتماعية لكسر حاجز الخوف والتفكير الإيجابي، أي إعادة صوغ الأفكار السلبية برسائل ثقة بالنفس".

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟