قانون الحشد في مهبّ التجاذب الإيراني – الأميركي: الترحيل بدلاً من الحسم

وسط تباين حاد في الآراء والتوجهات بين قوى الإطار التنسيقي وبعض الفصائل المسلحة الشيعية، تحدثت تسريبات عن "اتفاق رئاسي" يقضي بسحب مشروع قانون الحشد من مجلس النواب وترحيله إلى دورة تشريعية لاحقة، وذلك على خلفية "طلب إيراني" وضغوط أميركية ترفض تكريس "جيش موازٍ" يهدد وحدة القرار العسكري والسيادي للعراق.
اقرأ أيضاً: مستشار الأمن العراقي: طلبنا تأجيل قانون الحشد الشعبي إلى ما بعد الانتخابات
وكشفت المعلومات عن اتفاق بين الرئاسات الأربع في العراق على تأجيل إقرار قانون الحشد الشعبي وسحب مشروعه من مجلس النواب، حفاظاً على الاستقرار الداخلي، وتفادياً لجعل البلاد جزءاً من أي تصعيد إقليمي.
طلب إيراني وضغط أميركي
في السياق، يلمّح الشيخ أوس الخفاجي، الأمين العام السابق لـ"قوات أبو الفضل العباس"، التي جرى حلها ودمجها ضمن ألوية الحشد الشعبي، إلى وجود "ضغوط وطلبات إيرانية وأميركية أقنعت الحكومة بسحب المشروع".
ويؤكد الخفاجي، لـ"النهار"، أن قادة الإطار التنسيقي اتفقوا على ترحيل القانون إلى الدورة البرلمانية المقبلة. ويصف حديث الكتل وبعض الزعماء الشيعة وأعضاء مجلس النواب عن استعدادهم لتمرير القانون في الجلسات المقبلة بأنه "مجرد مناورة سياسية وذر للرماد في العيون". ويشير إلى أن الإدارة الأميركية تسعى إلى ضبط سلاح الفصائل خارج منظومة الحشد الشعبي وحصره بيد الدولة.
مأسسة الحشد ضرورة ملحّة
من جهته، يرى القيادي في "منظمة بدر" عبد الرحمن الكاظمي أن "إقرار قانون هيكلية الحشد بات ضرورة ملحة، فهو يضمن مأسسة هذه القوة العقائدية، ويعزز الانضباط من خلال إنشاء المقارّ والمعسكرات، إضافة إلى منع أي اختراق أو حديث خارج الإطار الرسمي باسم الحشد".
ويبدي الكاظمي، في تصريح لـ"النهار"، استغرابه من "موقف بعض الأطراف التي طالما تحدثت عن غياب الانضباط، لكنها تقف اليوم ضد القانون الذي من شأنه معالجة تلك الإشكاليات جذرياً". ويعتبر أن التصويت على هذا القانون "يمثل فرصة تاريخية أمام أعضاء مجلس النواب لإثبات حضورهم الفاعل، كما يعد اختباراً حقيقياً لمصداقية مَن يعلنون انتماءهم لخط الحشد وإيمانهم به".
ويؤكد الكاظمي أن جميع القوى الشيعية المؤيدة للقانون لديها "رفض تام لأي تدخل خارجي، أياً كان مصدره، في الشأن الداخلي العراقي، ولا سيما في ملف وطني وحساس مثل قانون الحشد".
واشنطن ترفض جيشاً موازياً
وفي هذا الصدد، يقول غابرييل صوما، عضو الفريق الاستشاري للرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريح موجز لـ"النهار"، إن الولايات المتحدة "ترفض إقرار قانون الحشد الشعبي لأنه قد يؤدي إلى إنشاء جيش ثانٍ موازٍ للقوات الأمنية الوطنية".
وأثار مشروع القانون جدلاً واسعاً بسبب الانقسامات داخل المكوّن الشيعي بشأن هيكلية المؤسسة ودور الحشد المستقبلي. وتستند الصيغة الحالية إلى دمج الحشد كجزء من الجيش العراقي ضمن قيادة عسكرية متدرجة، لكن بعض الأطراف النافذة في الحشد تعارض هذا التوجه.
يُذكر أن الحشد الشعبي تأسس بقرار حكومي منتصف عام 2014 استجابة لفتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقها المرجع الأعلى في العراق السيد علي السيستاني عقب سقوط الموصل.