إسرائيل تبدّل استراتيجيتها باستهداف حكومة الحوثيين: هل يتحوّل اليمن إلى ساحة مواجهة مباشرة؟

شهدت العاصمة اليمنية صنعاء واحدة من أعنف الضربات الإسرائيلية منذ اندلاع المواجهة الإقليمية الأخيرة، حيث استهدفت طائرة إسرائيلية اجتماعاً لقيادة حكومة الحوثيين، ما أسفر عن مقتل رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي وعدد من وزرائه البارزين.
هذه العملية التي وُصفت بأنها "الأكثر دقة" منذ بدء الغارات على اليمن، أعادت خلط أوراق الحرب في بلد أنهكته الصراعات الداخلية والإقليمية.
ضربة نوعية ورسالة سياسية
العملية التي وقعت في 28 آب/أغسطس 2025، لم تقتصر على تدمير موقع عسكري أو مستودع أسلحة كما جرت العادة، بل استهدفت القيادة السياسية للحوثيين، في إشارة واضحة إلى تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية نحو ضرب مراكز القرار لدى الجماعة.
ومع أن الرهوي لم يكن من أبرز القادة العسكريين، وكان محدود الصلاحيات بحكم تركّز السلطة في يد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، إلا أنّ منصبه كرئيس للحكومة شكّل واجهة سياسية وإدارية للجماعة، ما جعل مقتله يحمل دلالة رمزية.
من هم المستهدفون؟
أعلن الحوثيون السبت مقتل الرهوي وعدد من الوزراء، من دون تسمية جميع القتلى، غير أن مصادر متطابقة في صنعاء أكدت أن منهم محمد حسن إسماعيل المداني، نائب رئيس الوزراء ووزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية، وجمال عامر، وزير الخارجية والمغتربين، والقاضي مجاهد أحمد عبد الله، وزير العدل وحقوق الإنسان، ود. علي جار الله اليافعي، وزير الثقافة والسياحة، ورضوان الرباعي، وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، وهاشم شرف الدين، وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة، ود. محمد علي أحمد المولَّد، وزير الشباب والرياضة، واللواء عبد المجيد صغير أحمد المرتضى، نائب وزير الداخلية، ومحمد قاسم محمد الكبسي، مدير مكتب رئاسة الوزراء.
كذلك، أُصيب بجروح خطيرة: الفريق الركن جلال الرويشان، نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، ومحمد عياش قحيم، وزير النقل والأشغال العامة، ومعين المحاقري، وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار.
ونجا ثلاثة من الوزراء لغيابهم عن الاجتماع، هم: وزير الداخلية اللواء عبد الكريم الحوثي، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، ووزير المالية عبد الجبار الجرموزي.
تصعيد متوقع في البحر الأحمر
رد الحوثيون على العملية ببيان متوعد بـ"الانتقام"، ما يعزز التوقعات بتصعيد الهجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
مثل هذا التصعيد سيؤدي إلى رفع تكلفة الشحن والتأمين عالمياً، ويعمّق الأزمة الاقتصادية في اليمن، ويمتد أثره إلى أسواق المنطقة والعالم، خصوصاً مع هشاشة خطوط الملاحة وتأثيرها المباشر على أسعار الطاقة.
ويثير أي تهديد لممرات الطاقة عبر البحر الأحمر وباب المندب قلقاً دولياً يتجاوز حدود اليمن.
وبرغم أن البلاد ليست منتجاً رئيسياً للنفط، إلا أن موقعها الاستراتيجي يجعلها عقدة حيوية لنقل الإمدادات، وهو ما يرفع منسوب المخاطر ويدفع أسعار النفط للتذبذب، في وقت يواجه الاقتصاد العالمي تحديات متزايدة.
ساحة مواجهة مباشرة
وبرغم أن الوجوه السياسية لم تكن صاحبة القرار الفعلي، إذ يظل الجناح العسكري هو صاحب الكلمة الفصل داخل الحوثيين، فإن الضربة قد تعني عسكرة أكبر لقرار الجماعة وانغلاقها أمام أي مسار تفاوضي.
وباستهداف حكومة الحوثيين، وجهت إسرائيل رسالة بأن وكلاء إيران في المنطقة ليسوا بمأمن.
هذا التحول يجعل اليمن ساحة مواجهة مباشرة، ويرفع احتمالات توسيع رقعة النزاع.