العالم العربي
15-08-2025 | 10:30
"إسرائيل الكبرى"... أفكار قديمة في عقل نتنياهو وجدت ضالّتها في "طوفان الأقصى"
مصطلح "إسرائيل الكبرى" الذي استُدعي في الحوار ليس جديداً على القاموس السياسي للمنطقة.

استخدم بعض الصهاينة الأوائل التعبير بمعنى يشمل إسرائيل الحالية وغزة والضفة والأردن. (أ ف ب)
استخدم بعض الصهاينة الأوائل التعبير بمعنى يشمل إسرائيل الحالية وغزة والضفة والأردن
في مساء 12 آب/أغسطس الجاري، وبين أضواء استوديو i24NEWS، جلس بنيامين نتنياهو أمام المقدّم شارون غال – النائب اليميني السابق – الذي أهداه تميمةً قال إنها على شكل "خريطة الأرض الموعودة". لم تظهر التميمة على الشاشة، لكن غال وجّه سؤالاً أكثر وضوحاً: هل يشعر بارتباط برؤية "إسرائيل الكبرى"؟ فأجاب نتنياهو: "بالتأكيد"، قبل أن يصف نفسه بأنه في "مهمة تاريخية وروحية".
مصطلح "إسرائيل الكبرى" الذي استُدعي في الحوار ليس جديداً على القاموس السياسي للمنطقة. فبعد هزيمة حزيران/يونيو 1967، استُخدم للتعبير عن إسرائيل والمناطق التي احتلتها لتوّها: القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وسيناء، والجولان.
كما استخدم بعض الصهاينة الأوائل – ومنهم زئيف جابوتنسكي الذي يتبنّى "الليكود" إرثه – التعبير بمعنى يشمل إسرائيل الحالية وغزة والضفة والأردن، في حين أن ثمة جذوراً توراتية تتحدث عن إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
أفكار قديمة في عقل نتنياهو
في هذا السياق، يقول الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن "تصريحات نتنياهو لا تمثّل أي مفاجأة للمتابعين للسياسة الإسرائيلية عموماً، وسياسات اليمين الإسرائيلي خصوصاً، وسياسات نتنياهو بصفة أخص".
ويضيف يوسف أحمد، لـ"النهار"، أن الأفكار التي عبّر عنها نتنياهو في لقائه الأخير مع "القناة 24" الإسرائيلية موجودة منذ التسعينات في كتاب نتنياهو "مكان تحت الشمس" الذي ألّفه قبل أن يتولى السلطة لأول مرة عام 1996.
ويشير الأكاديمي المصري إلى أن البعض يقول إن نتنياهو يخضع لابتزاز إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، معتبراً أن "هذا كلام فارغ". ويضيف: "نتنياهو جزء لا يتجزأ من هذا التيار المتطرف الحامل لإسرائيل الكبرى، إن لم يكن هو قائد هذا التيار وحامل رايته. ليست هناك أي مفاجأة في هذه التصريحات".
تصفّحنا في "النهار" كتاب "مكان تحت الشمس"، ووجدنا أن نتنياهو يبني موقفه من "إسرائيل الكبرى" على أسس تاريخية ودينية يراها غير قابلة للتفاوض، حتى عندما لا يستخدم المصطلح مباشرة، إذ إن الفكرة المحورية لديه أن شرعية إسرائيل داخل أي حدود معاصرة تستمد أساسها من الحق المزعوم في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، التي يصفها بأنها "قلب أرض إسرائيل" ومهد الحضارة اليهودية.
وفي فصول متعددة، وسّع نتنياهو الإطار ليشمل "أرض إسرائيل الانتدابية" – أي المساحة التي كانت تحت الانتداب البريطاني وتشمل الأردن وإسرائيل الحالية – ليؤكد أن التقسيمات التاريخية كانت تنازلات مجحفة عن أرض يهودية.
كذلك، ربط بين المطالب الصهيونية في مؤتمر فرساي ومواقع محددة في الخليل ونابلس والقدس، معتبراً أن هذه المطالب حظيت باعتراف دولي آنذاك، وهو ما يراه سنداً شرعياً معاصراً، ويعدّ رفضاً واضحاً لحدود ما قبل حزيران/يونيو 1967، ما يعكس رغبة توسعية لدى نتنياهو في أراضٍ عربية.
سياسة عملية
يوضح يوسف أحمد أن مشروع "إسرائيل الكبرى" تجاوز كونه مجرد تصريحات، ليصبح سياسة عملية ينفذها نتنياهو منذ "طوفان الأقصى"، بدأت بمواجهة المقاومة في غزة والضفة، ثم امتدت إلى لبنان بهدف استتباعه وإضعاف قدرته على التصدي لأي تهديد.
وحتى في ظل غياب خطر سوري وتصريحات مهادنة من طرف الحكومة الجديدة في دمشق، اتخذت إسرائيل خطوات تصعيدية شملت إلغاء اتفاقية 1974، والسيطرة على المنطقة العازلة وجبل الشيخ، وتدمير الجيش السوري، والتدخل في شؤونه الداخلية بذريعة حماية الدروز، بالتوازي مع ترديد نتنياهو شعارات "الشرق الأوسط الجديد" لتبرير التوسع.
سياسياً، يرى أن خطاب "إسرائيل الكبرى" حاضر في فكر غلاة اليمين الإسرائيلي، ويستند إلى أساطير دينية، مثل تصريحات سموتريتش عن امتداد القدس إلى دمشق، ما يفتح الباب لأطماع في سيناء وأراضٍ عربية أخرى.
وبشأن رد الفعل العربي حيال تصريحات نتنياهو الأخيرة، يقول الأكاديمي المصري: "بالنسبة للموقف الرسمي العربي، وأخص بالذكر الموقف المصري، لاحظت أن بيان الخارجية تحدث عن أجهزة الإعلام الإسرائيلية، وتجاهل أن التصريحات صدرت على لسان رئيس الوزراء. ولاحظت أن البيان طلب توضيحات، وما قاله نتنياهو في رأيي قمة الوضوح، ولا تفسير عندي لذلك. لغة البيان المصري بدت هادئة".
خطاب توراتي
من جهته، يوضح الدكتور خالد سعيد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإسرائيلية، أن الجذر الأعمق لرؤية "إسرائيل الكبرى" هو ديني–توراتي بالأساس، إذ يستند إلى ما ورد في نصوص توراتية تصف وعد الرب لإبراهيم بأرض تمتد بين النيل والفرات. ووفق هذا التصور، تشمل الخريطة التوراتية سيناء كاملة وصولاً إلى القاهرة، وكامل الأردن، وأجزاء واسعة من السعودية وسوريا ولبنان والعراق.
ويشير إلى أن هذه القراءة التوراتية تتبناها حركات يمينية متطرفة، وتنظيمات استيطانية منظمة مثل "الأمر تسعة" الداعية لإعادة احتلال غزة، و"فتيان التلال" الساعية لتوسيع الاستيطان كنواة للتوسع الإقليمي، و"أمناء الهيكل". وهذه الجماعات تحظى بدعم سياسي ومالي مباشر من وزراء في الحكومة مثل سموتريتش وبن غفير ووزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك، وقد شارك بعضهم في مسيرة إلى شمال غزة للمطالبة بإعادة استيطانها رغم الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005.
ويخلص إلى أن خطاب "إسرائيل الكبرى" المعاصر هو مزيج من رواية دينية–توراتية تاريخية وبرنامج سياسي يميني متشدد، تدعمه الحكومة الإسرائيلية وحركات استيطانية نشطة، بهدف إعادة رسم خريطة المنطقة على أسس أيديولوجية توسعية.
في مساء 12 آب/أغسطس الجاري، وبين أضواء استوديو i24NEWS، جلس بنيامين نتنياهو أمام المقدّم شارون غال – النائب اليميني السابق – الذي أهداه تميمةً قال إنها على شكل "خريطة الأرض الموعودة". لم تظهر التميمة على الشاشة، لكن غال وجّه سؤالاً أكثر وضوحاً: هل يشعر بارتباط برؤية "إسرائيل الكبرى"؟ فأجاب نتنياهو: "بالتأكيد"، قبل أن يصف نفسه بأنه في "مهمة تاريخية وروحية".
مصطلح "إسرائيل الكبرى" الذي استُدعي في الحوار ليس جديداً على القاموس السياسي للمنطقة. فبعد هزيمة حزيران/يونيو 1967، استُخدم للتعبير عن إسرائيل والمناطق التي احتلتها لتوّها: القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وسيناء، والجولان.
كما استخدم بعض الصهاينة الأوائل – ومنهم زئيف جابوتنسكي الذي يتبنّى "الليكود" إرثه – التعبير بمعنى يشمل إسرائيل الحالية وغزة والضفة والأردن، في حين أن ثمة جذوراً توراتية تتحدث عن إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
أفكار قديمة في عقل نتنياهو
في هذا السياق، يقول الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن "تصريحات نتنياهو لا تمثّل أي مفاجأة للمتابعين للسياسة الإسرائيلية عموماً، وسياسات اليمين الإسرائيلي خصوصاً، وسياسات نتنياهو بصفة أخص".
ويضيف يوسف أحمد، لـ"النهار"، أن الأفكار التي عبّر عنها نتنياهو في لقائه الأخير مع "القناة 24" الإسرائيلية موجودة منذ التسعينات في كتاب نتنياهو "مكان تحت الشمس" الذي ألّفه قبل أن يتولى السلطة لأول مرة عام 1996.
ويشير الأكاديمي المصري إلى أن البعض يقول إن نتنياهو يخضع لابتزاز إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، معتبراً أن "هذا كلام فارغ". ويضيف: "نتنياهو جزء لا يتجزأ من هذا التيار المتطرف الحامل لإسرائيل الكبرى، إن لم يكن هو قائد هذا التيار وحامل رايته. ليست هناك أي مفاجأة في هذه التصريحات".
تصفّحنا في "النهار" كتاب "مكان تحت الشمس"، ووجدنا أن نتنياهو يبني موقفه من "إسرائيل الكبرى" على أسس تاريخية ودينية يراها غير قابلة للتفاوض، حتى عندما لا يستخدم المصطلح مباشرة، إذ إن الفكرة المحورية لديه أن شرعية إسرائيل داخل أي حدود معاصرة تستمد أساسها من الحق المزعوم في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، التي يصفها بأنها "قلب أرض إسرائيل" ومهد الحضارة اليهودية.
وفي فصول متعددة، وسّع نتنياهو الإطار ليشمل "أرض إسرائيل الانتدابية" – أي المساحة التي كانت تحت الانتداب البريطاني وتشمل الأردن وإسرائيل الحالية – ليؤكد أن التقسيمات التاريخية كانت تنازلات مجحفة عن أرض يهودية.
كذلك، ربط بين المطالب الصهيونية في مؤتمر فرساي ومواقع محددة في الخليل ونابلس والقدس، معتبراً أن هذه المطالب حظيت باعتراف دولي آنذاك، وهو ما يراه سنداً شرعياً معاصراً، ويعدّ رفضاً واضحاً لحدود ما قبل حزيران/يونيو 1967، ما يعكس رغبة توسعية لدى نتنياهو في أراضٍ عربية.
سياسة عملية
يوضح يوسف أحمد أن مشروع "إسرائيل الكبرى" تجاوز كونه مجرد تصريحات، ليصبح سياسة عملية ينفذها نتنياهو منذ "طوفان الأقصى"، بدأت بمواجهة المقاومة في غزة والضفة، ثم امتدت إلى لبنان بهدف استتباعه وإضعاف قدرته على التصدي لأي تهديد.
وحتى في ظل غياب خطر سوري وتصريحات مهادنة من طرف الحكومة الجديدة في دمشق، اتخذت إسرائيل خطوات تصعيدية شملت إلغاء اتفاقية 1974، والسيطرة على المنطقة العازلة وجبل الشيخ، وتدمير الجيش السوري، والتدخل في شؤونه الداخلية بذريعة حماية الدروز، بالتوازي مع ترديد نتنياهو شعارات "الشرق الأوسط الجديد" لتبرير التوسع.
سياسياً، يرى أن خطاب "إسرائيل الكبرى" حاضر في فكر غلاة اليمين الإسرائيلي، ويستند إلى أساطير دينية، مثل تصريحات سموتريتش عن امتداد القدس إلى دمشق، ما يفتح الباب لأطماع في سيناء وأراضٍ عربية أخرى.
وبشأن رد الفعل العربي حيال تصريحات نتنياهو الأخيرة، يقول الأكاديمي المصري: "بالنسبة للموقف الرسمي العربي، وأخص بالذكر الموقف المصري، لاحظت أن بيان الخارجية تحدث عن أجهزة الإعلام الإسرائيلية، وتجاهل أن التصريحات صدرت على لسان رئيس الوزراء. ولاحظت أن البيان طلب توضيحات، وما قاله نتنياهو في رأيي قمة الوضوح، ولا تفسير عندي لذلك. لغة البيان المصري بدت هادئة".
خطاب توراتي
من جهته، يوضح الدكتور خالد سعيد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإسرائيلية، أن الجذر الأعمق لرؤية "إسرائيل الكبرى" هو ديني–توراتي بالأساس، إذ يستند إلى ما ورد في نصوص توراتية تصف وعد الرب لإبراهيم بأرض تمتد بين النيل والفرات. ووفق هذا التصور، تشمل الخريطة التوراتية سيناء كاملة وصولاً إلى القاهرة، وكامل الأردن، وأجزاء واسعة من السعودية وسوريا ولبنان والعراق.
ويشير إلى أن هذه القراءة التوراتية تتبناها حركات يمينية متطرفة، وتنظيمات استيطانية منظمة مثل "الأمر تسعة" الداعية لإعادة احتلال غزة، و"فتيان التلال" الساعية لتوسيع الاستيطان كنواة للتوسع الإقليمي، و"أمناء الهيكل". وهذه الجماعات تحظى بدعم سياسي ومالي مباشر من وزراء في الحكومة مثل سموتريتش وبن غفير ووزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك، وقد شارك بعضهم في مسيرة إلى شمال غزة للمطالبة بإعادة استيطانها رغم الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005.
ويخلص إلى أن خطاب "إسرائيل الكبرى" المعاصر هو مزيج من رواية دينية–توراتية تاريخية وبرنامج سياسي يميني متشدد، تدعمه الحكومة الإسرائيلية وحركات استيطانية نشطة، بهدف إعادة رسم خريطة المنطقة على أسس أيديولوجية توسعية.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق
10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته.
العالم
10/6/2025 5:00:00 PM
مرحبا من "النهار"...
لبنان
10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".