لاريجاني في بغداد... تفاهم أمني يعزّز اتفاق 2023 ومحاولة لإحياء "محور المقاومة"

شهدت العاصمة العراقية، اليوم الاثنين، زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، حيث استقبله رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لبحث ملفات التعاون الثنائي وقضايا إقليمية، وانتهت الزيارة بتوقيع مذكرة تفاهم أمنية مشتركة بين مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي ونظيره الإيراني.
ووفق بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، فقد أكد السوداني حرص العراق على تطوير العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعزيز الشراكات المثمرة في مختلف المجالات، مجدداً الموقف العراقي "المبدئي والثابت" الرافض لأي عدوان على إيران، والداعم للحوار الأميركي – الإيراني، مع التشديد على ضرورة منع أي تصعيد إقليمي.
من جانبه، نقل لاريجاني تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأبدى اهتمام بلاده بتوسيع التعاون، خاصة في مجالات الربط السككي وربط المشاريع مع "طريق التنمية" والممرات الإقليمية الكبرى.
تفاصيل الاتفاق
مصدر في الحكومة العراقية قال لـ"النهار" إن مذكرة التفاهم الأمنية تأتي لتعزيز اتفاق أمني سابق بين بغداد وطهران، وتركز على أمن الحدود المشتركة واستمرار التنسيق المشترك لتنفيذ بنود اتفاق آذار/مارس 2023. وتتضمن المذكرة التزام العراق بطرد المعارضة الإيرانية من أراضيه، وإخلاء مقارّها في إقليم كردستان، ونزع سلاحها، وانتشار قوات حرس الحدود الاتحادية في شمال البلاد. وكذلك تشمل تأكيد التزام أربيل والسليمانية بعدم إيواء معارضين إيرانيين، وتشديد بغداد على عدم السماح باستخدام أراضيها أو أجوائها أو مياهها للإضرار بأمن دول الجوار.
وجاء الاتفاق الأمني الموقع عام 2023 في أعقاب توترات حدودية حادة، حين شنّ الحرس الثوري الإيراني هجمات صاروخية وضربات بطائرات مسيّرة على مواقع الجماعات الكردية الإيرانية في شمال العراق، متهماً إيّاها بالضلوع في احتجاجات داخل إيران وبالتعاون مع إسرائيل، بل ومع وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد). حينها نص الاتفاق على منع الجماعات المسلحة من شن أي هجمات عبر الحدود على إيران، وتعهد بغداد بضبط أمن الحدود ومنع أي نشاط مسلح يهدد أمن الجارة الشرقية.
وزيارة لاريجاني، وما رافقها من توقيع المذكرة الأمنية الجديدة، تعكس، بحسب مراقبين، إصرار بغداد وطهران على المضيّ في تنفيذ اتفاق 2023، مع توسيع التنسيق ليشمل ملفات إقليمية أوسع، وسط مشهد جيوسياسي يتسم بالتوتر وعدم اليقين.
أبعاد سياسية وإقليمية
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة، لـ"النهار"، إن أبرز محاور زيارة لاريجاني لبغداد تمثلت في "محاولة إعادة ترتيب صفوف محور المقاومة في المنطقة"، بعد ما وصفته المصادر بـ"تضعضع القيادة" في الفترة الأخيرة، إلى جانب تنسيق الأدوار والمهام في مرحلة ما بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق.
كذلك، بحث المسؤول الإيراني مع القادة العراقيين "ملف تشكيل الحكومة العراقية سريعاً لتحقيق الاستقرار الداخلي، وضرورة الحفاظ على التوازن في العملية السياسية لمواجهة التحديات الدولية الراهنة".