إقليم كردستان يواجه قرار بغداد بوقف الرواتب: ما الخيارات المتاحة؟

فيما بلغت الأزمة السياسية والمالية بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية مستوى غير مسبوق، بسبب قرار وزارة المالية العراقية الامتناع عن تمويل رواتب موظفي الإقليم حتى نهاية العام، تساءل مراقبون عن الخيارات المتاحة أمام الإقليم في حال استمرار هذا الوضع، الذي قد يحرم نحو 1.2 مليون موظف ومتقاعد من رواتبهم الشهرية، ويتسبب في عجز استثنائي في الميزانية التشغيلية والاستثمارية.
وعقدت القوى والأطراف السياسية الكردستانية اجتماعاً رفيع المستوى في مقر المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني، وطالبت في بيان صدر عن اجتماع ضم 43 طرفاً سياسياً، الحكومة الاتحادية بـ"الالتزام بواجباتها تجاه شعب إقليم كردستان، وعدم خلط حقوق موظفي الإقليم بالصراعات السياسية، وذلك استناداً إلى الدستور الدائم للعراق، وقرارات المحكمة الاتحادية، وقانون الموظفين، والاتفاقات المبرمة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية".
وإذ أكد البيان أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل القضايا العالقة، أشار إلى أن "جميع الخيارات مفتوحة من أجل المصالح العليا للإقليم"، في حين أكد عدد من السياسيين الأكراد، بينهم وزير المالية في الإقليم آوات شيخ جناب، نية أربيل "عدم الاستسلام" لقرار الحكومة الاتحادية، معتبرين أن القرار ينطوي على نية سياسية مبيتة تهدف إلى إخضاع الإقليم سياسياً عبر الملف المالي.
ويوضح مصدر سياسي كردي رفيع، في حديث لـ"النهار"، الخطوات الخمس المتتالية التي قد يتخذها الإقليم خلال الشهرين المقبلين، قائلاً: "سيتوجه الإقليم أولاً إلى المحكمة الاتحادية، مطالباً بإصدار أمر ولائي لإلغاء القرار الحكومي بأسرع وقت. وإذا لم يتحقق ذلك، سيلجأ إلى تفاوض عاجل مع بغداد، مع استدراج وساطات ومراقبة دولية. وفي المرحلة الثالثة، سيقلص الإقليم وجوده وتمثيله في السلطات الاتحادية. وإن لم تفلح هذه الخطوات، سيعتمد على إمكانياته الذاتية لتأمين قدر من احتياجاته. وفي نهاية المطاف، سيواجه الرأي العام العراقي، مذكّراً بخروقات الحكومة لمواد الدستور التي تنص على أن تطبيقه هو الضامن لوحدة البلاد".
وكانت وزيرة المالية العراقية طيف سامي أصدرت بياناً أعلنت فيه امتناع وزارتها عن تمويل رواتب موظفي الإقليم، بحجة أن إقليم كردستان استلم ما يفوق حصته السنوية من الموازنة العامة، المحددة بنسبة 12.67%، والتي تُقدّر بـ13 تريليون دينار عراقي (نحو 10 مليارات دولار).
غير أن وزارة المالية في الإقليم شككت في دقة الأرقام التي أوردتها وزارة المالية الاتحادية، موضحة أن آلية الحساب تستند إلى افتراض إنتاج الإقليم 400 ألف برميل من النفط يومياً وبيعها بسعر 70 دولاراً للبرميل، ما يجعل العائد السنوي 14 تريليون دينار (نحو 10.66 مليارات دولار). إلا أن حكومة الإقليم تنفي تحقق هذه الأرقام، وتؤكد أن حسابات بغداد لا تأخذ في الاعتبار كلفة الاستخراج وعمليات البيع في السوق المحلية.
من جهته، يشرح المحلل السياسي سردار بروجي، في حديث لـ"النهار"، الخلفية السياسية للقرار، ويقول: "كما في حالات التصعيد السابقة، جاء قرار بغداد عقب مؤشرات إلى سعي الإقليم لتجاوز ما تعتبره الحكومة الاتحادية حدوده السياسية الطبيعية. فالقرار جاء بعد تراجع استثنائي للدور الإيراني في الإقليم، في وقت يسعى إقليم كردستان لتقديم بديل عن الغاز الإيراني المستورد، بالإضافة إلى اتفاقيات استثمار وشراكة أُبرمت أخيراً بين حكومة الإقليم وشركات أميركية. وهذا كله، من وجهة نظر بغداد، يشكل دافعاً لإعادة ضبط العلاقة مع الإقليم ووقف هذا المسار".