الأربعاء - 08 أيار 2024

إعلان

الرومنطيقية العربية حفلة "سكس" في غرف البورنو، هذا ما قاله جبران خليل جبران لأسعد الجبوري

أسعد الجبوري
Bookmark
الرومنطيقية العربية حفلة "سكس" في غرف البورنو، هذا ما قاله جبران خليل جبران لأسعد الجبوري
الرومنطيقية العربية حفلة "سكس" في غرف البورنو، هذا ما قاله جبران خليل جبران لأسعد الجبوري
A+ A-
وجدناه على كتف "بحيرة الزمن الأخيرة" وهو يمارس الصيد بفرح غامر. ثوبٌ أبيض فضفاض مع قبعة قش على الرأس، فيما إلى جانبه طاولة صغيرة من المرمر الأزرق، عليها كأسٌ من الشمبانيا مع حبات من البازلّاء الطازجة وألبوم ضخم للصور. هذه ليست كل التفاصيل عن لقائنا بالشاعر والكاتب والرسام اللبناني جبران خليل جبران، لكنها مقدمةٌ لهيكل سفينةِ الحوار الذي كنا نُعدُّ له بعد طول زمن شبه معقد. كانت الرغبة أن نفتتح كلامنا معه حول الفلسفة الإنسانية والقيم الأخلاقية غير المرتبطة بالأديان مباشرة. لكنه سعى إلى أن نتحدث عن التراب الجغرافي كمنشأ للأرواح عاطفياً، أو كمكوّن للمعرفة الوجودية المولدّة للآداب وثقافات البشر. بعد أقل من ثوانٍ من وجودنا قربه، سحب صنّارته من جوف مياه تلك البحيرة، لينضم إلى الطاولة، حاملاً بعض الأسماك التي كانت من نصيب عمله في ذلك اليوم قائلاً: حتماً ستتذوقون اليوم طعمَ هذا النوع من السمك السموي على العشاء معي. حبذا لو كانت معنا دبجانة من العرق الزحلاوي، لكان الوضع هائلاً. هكذا فاجأنا جبران بتلك الدعوة مسروراً إلى حدّ غير متوقع. فسألناه : * ما الفارق بين ما رأيتَه هنا وبين ما كنتَ تعيشه في بشري أو نيويورك؟- يا له من سؤال !مع ذلك يمكن القول إنني أرى فرقاً شاسعاً ما بين المكانين. في بشري يمكن الكاتب أن يقرأ الأرض تاريخاً وشعوباً، أما في نيويورك مطلع العشرينات من القرن المنصرم، فلا يمكنه إلا أن يقرأ الوجودَ كتاباً في غرفةٍ مرتعشةٍ بين طلل غيوم مانهاتن، فيما الوضع هنا، يتسم بالبطالة الكاملة .* وهل كنتَ خائفاً من تلك الغيوم؟- عندما وصلتُ إلى أميركا، كانت غيومي معي. بمعنى أدق: وجدتُ ناطحات السحاب أفضل وسيلة لغسل جراحي وغربتي بدمع من تلك الغيوم العامرة. يوم ذاك، كانت نيويورك من ابرز مراكز العلم والتكنولوجيا، بعدما خصّها المهندسون العمالقة بأهم المباني التي أخذت مواقعها في مانهاتن، مثل كرايسلر (1931، 319 متراً، و77 طابقا، تشانين (1920، 215 متراً، و44 طابقاً)، مبنى شركة جنرال الكتريك (1931، 270 مترا، و70 طابقاً، ومبنى إمباير ستايت (1931، 381 متراً).* هل كان ذلك إحساساً شعرياً، قد يحمله كلُّ مهاجر إلى ما كان يُسمّى بالفردوس الأميركي؟!- في الأصل كان هو هكذا. لكن الوقائع بالنسبة لي مختلفة. فأنا كنت معنياً بقراءة تربتي جيولوجياً على ضوء المتغيرات التي طرأتْ على وجودي الثاني في أميركا. كان لبنان تراباً أو تربة مقروءة، روحاً وأحاسيس وتاريخاً. فيما وجودي على أرض الفرنجة، منحني قوةً تعبيرية لطرح ملايين الأسئلة عن تعاقب الليل والنهار النفسي بداخلي.* أكان ذلك كلّه يجري بعيداً عن متصرفية جبل لبنان العثمانية؟- بالتأكيد. فأنا استعدتُ حقوقي من الأتراك في أميركا بطريقتي الخاصة. دراستي الفن وكتاباتي في الشعر والأدب، كانت نوعاً من التأنيب القوي للأتراك على أفعالهم الفاشية في لبنان وسوريا والمنطقة عموماً.* تقول هذا الكلام قبل أن تؤلف "النبي" أم بعد صدوره كتاباً؟- صدر "النبي" في العام 1923. أما أحاسيسي ومشاعري وأفكاري ضد الظلام العثماني المحتل لبلادي فموجودة قبل ذلك بكثير، مثلما هي مستمرة وأنا بين طبقات السماء الآن.* هل تجد أن السلطتين العائلية والعثمانية، قد ضغطتا عليك لتنمو أو تنفجر تأليفاً في بوتقة التمرد الأدبي؟- أنا ولدتُ مشتتاً بالمعنى الوجودي: أمٌ مارونية بثلاثة من الأزواج مع كل ما يترتب على ذلك الواقع الاجتماعي من مصائب ومشكلات وكوارث؛ وأبٌ منح حياته للخمر والقمار والدروب التي جلبت للعائلة كلّ الشقاء والمرض والحرمان والكآبة.* هل كان ذلك الوضع الكارثي للعائلة، هو الذي تسبب لك ببعض المصائب مع رموز بيئتك في بشري؟- ماذا تقصد؟* ثمة منغمسون بالاعتداء الجنسي على من كانوا في أعمار جيلك، حسبما يقول بعض المؤرخين السريين. ما صحة ذلك في رأيك؟- هذا كلام افتراضي بُني ليكوّن صدىً سيئاً لأوضاع، كانت مزريةً في وقت عصيب، لم يستطع الجسدُ في أثنائها تلمس الحقيقة بوضوح كامل. كان اغتصاب بعض رجال الكنيسة للغير، لا يُعَدّ من الذنوب الكبرى. كان ذنباً بارداً عند الشعوب القديمة في لبنان، ولم تحدّ منه بعض العقوبات الرادعة، لأنه "تسلية" دينية للتفريغ عن احتياجات قساوسة محرومين فقط.* هل كنت مشغولاً بشهوة المكان أم الزمان؟- كنت مشغولاً بشهوة الشعر فقط. بشهوة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم