الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

عتب على الدولة لدى أهالي ضحايا تفجيرَي مسجدَي التقوى والسلام \r\nالرافعي: ننتظر الإنصاف من الثوار في سوريا

مصطفى العويك
عتب على الدولة لدى أهالي ضحايا تفجيرَي مسجدَي التقوى والسلام \r\nالرافعي: ننتظر الإنصاف من الثوار في سوريا
عتب على الدولة لدى أهالي ضحايا تفجيرَي مسجدَي التقوى والسلام \r\nالرافعي: ننتظر الإنصاف من الثوار في سوريا
A+ A-

"محبطون من اللاعدالة في لبنان". إنه لسان حال أهالي الضحايا وجرحى تفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس. يجمعون على مرجعية الدولة في الاقتصاص من المرتكبين، لكن طال الانتظار، وضبط النفس يصلح لشهر أو لسنة، لكن من يضمنه الى ما شاء الله؟
أكثر المحبطين هو الشيخ سالم الرافعي خطيب مسجد التقوى الذي دوى فيه الانفجار. والاحباط الذي يعيشه الشيخ المبعد من المانيا بتهمة الدعوة الى التطرف عام 2005، تمظهر في انكفائه عن الساحة، وتخلّيه عن رئاسة هيئة علماء المسلمين، رغم مطالبة "الاخوة" له بالترشح مرة أخرى. يقول: "إنهم يضيقون علينا ولا يمكننا ان نتحدث حتى عن مظلوميتنا"، وهو رأي يتشاركه مع شيخ قراء طرابلس إمام مسجد السلام بلال بارودي.
في منزله الكوراني البعيد عن صخب الحياة المدنية في طرابلس، ينكب الرافعي على المطالعة ومتابعة تطورات الشأن السوري من بعيد، هنا حيث السكينة تسود المكان، وتخرقها بين الحين والآخر زقزقة عصفور يبحث عن قوته، ينزوي الشيخ على كرسيه ويعيد قراءة تجربته في العمل الاسلامي خلال 10 سنوات: "كانت تجربة صعبة ومعقدة، وقد شهدت فترات طويلة من الضغط النفسي والتضييق والتحامل"، الى أن أصيب في عرسال مع آخرين يوم توسط للتنسيق مع الامنيين لحل مشكلة الجنود المخطوفين لدى "داعش".
"وزير العدل يستبطئ الامر، وأجابنا يوم سألناه عن الجديد في الملف: احيل على المجلس العدلي، ثم ماذا؟" لا جواب، يقول الرافعي لـ"النهار"، "وزير العدل لا يمتلك جوابا فكيف الحال بنا نحن اولياء الدم والشهداء الاحياء؟" عبارة يكررها بغصة واضحة، ينظر الى السماء ويطيل النظر ثم يردد: "لم أتوقع أن تصل وحشية هذا النظام المجرم الى قتل المصلين والنساء والاطفال في بيوت الله"، وصلتنا تحذيرات من الاجهزة الامنية، وهي مشكورة، لكن لم يخطر ببالنا يوما ان تفجر المساجد، في الحرب الاهلية لم يحصل مثل هذا الاجرام في لبنان".
في كل جواب عن أصغر تفصيل يتعلق بالملف، يحضر النظام السوري "بمجرمه الاكبر ومساعديه من جيش المستشارين والمنتفعين والشبيحة، سواء أكانوا شبيحة بربطة عنق او بـ"شحاطة". ويجزم الرافعي بأن "أمر التفجير أتى من بشار شخصيا، عن طريق رئيس فرع الامن السياسي، وهو رد على موقف اهل طرابلس من الثورة ودعمهم لها، وكل ما يجري من مماطلة في الملف واستبطاء فيه يعود الى ان الاسد وجماعته لا يريدون ان تظهر الحقيقة لانها ستدينهم مباشرة، وإلا فلماذا تكشف تفاصيل كل التفجيرات في لبنان باستثناء تفجير المسجدين في طرابلس؟"
الإحباط ليس الانطباع الوحيد الذي يخرج به من يلتقي الرافعي هذه الايام، إذ يتقدم العتب على الدولة اللبنانية على الاحباط بأشواط، وهو عتب يشاركه فيه الشيخ بلال بارودي، فتتحد كلماتهما: "ضبطنا الشباب ومنعناهم من الثأر والانتقام باليد، وبيّنا لهم أن الدولة هي المسؤولة عن كشف المجرمين والاقتصاص منهم وإحقاق الحق، لكن ماذا فعلت الدولة؟ كشف فرع المعلومات مشكورا الخيوط الاساسية للجريمة لكن ماذا بعد؟ لماذا لا يصار الى التوسع بالتحقيق ومحاكمة من اعتقل؟ يقول البارودي لـ"النهار": "لماذا لم تدهم الامكنة التي جرى فيها التخطيط للجريمة؟ولماذا لم تراجع داتا الاتصالات بشكل دقيق؟".
الاقتناع مشترك بين الشيخين: "يريدون اطفاء الملف، والعدالة لا تقف موقفا حقيقيا ازاء تفجيري طرابلس".
رغم كل هذه المماطلة، ورغم محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرافعي وبارودي وكل من كان الى جانبهما في المسجدين آنذاك، فإن شيئا لم يتغير في الموقف مما يجري: "الموت لا يرهبنا ولا التخويف، وموقفنا بعد التفجير اننا نؤيد اكثر من اي وقت مضى ازاحة الطاغية عن صدر السوريين، وكل من يتواصل معه من لبنان هو شريك معه في جريمة التفجير"، وفق تعبير بارودي.
اما الرافعي فيستقيم في جلسته ويأخذ نفسا طويلا ثم يقول: "اذا لم تنصفنا الدولة اللبنانية بالاقتصاص من المجرمين، فإننا ننتظر الانصاف من الثوار في سوريا". وعندما تسأله عن شكل الانصاف الذي يمكن ان يقدمه له الثوار في سوريا يجيب: "رفعت عيد وغيره من المشاركين في الجريمة هربوا الى سوريا، وكان واجب الدولة محاكمتهم، ولا ندري كيف سمح له بالهروب، واذا لم تستطع الدولة اللبنانية اعتقاله وانصافنا بمعاقبته، فالثوار السوريون يعتقلونه ومن معه ويقتصون منهم في سوريا".
ثلاث سنوات مضت على التفجيرين، ولا يمتلك احد من اهالي الشهداء او الجرحى جوابا عن مآل الملف داخل دوائر التحقيق، البعض يجزم بأن الملف عبارة عن ورقة او ورقتين لا أكثر، هما محضر التحقيق الاول مع يوسف دياب الذي وضع السيارة المتفجرة امام مسجد السلام، وعدا ذلك كله كلام فارغ من اي مضمون. تأتي هذه الجريمة وتعامل الدولة معها لتعيدنا بالاذهان سنوات طويلة الى الماضي: طرابلس والدولة والعلاقة الملتبسة دائما.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم