الأربعاء - 08 أيار 2024

إعلان

وزارة لحقوق الإنسان في لبنان أم هيئة مستقلة بصلاحيات واسعة؟

ألين فرح
وزارة لحقوق الإنسان في لبنان أم هيئة مستقلة بصلاحيات واسعة؟
وزارة لحقوق الإنسان في لبنان أم هيئة مستقلة بصلاحيات واسعة؟
A+ A-

تحديات كثيرة تواجه لبنان في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان، من العنف المنزلي، الى حرية الرأي والتعبير وحقوق المواطنين، وآخرها ما رأيناه في الفيلم المسرّب عن تعذيب مساجين في سجن رومية. الجميع استنكر انتهاك حقوق الانسان، من سياسيين ومنظمات دولية ومجتمع مدني، حتى ان لجنة حقوق الانسان النيابية سارعت الى الاجتماع في حضور وزير الداخلية وأوصت بلجنة طوارىء وزارية لتحسين أوضاع السجون. لكن بين المطالبة بإنشاء وزارة تعنى بحقوق الانسان بدلاً من تعيين وزراء دولة عدة لاكتمال العدد في التوزيع السياسي في تشكيل الحكومات، أو انشاء هيئة وطنية مستقلة، أي من الطرحين يحتاجه لبنان أكثر؟


وفق شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية يوضع لبنان في المرتبة 106 عالمياً في ما يتعلق بحماية حقوق الانسان. ويعدد التقرير الأخير لمنظمة "هيومن رايتس واتش" المتعلق بحقوق الانسان في لبنان أن أبرز العوامل التي تدل الى تدهور حال حقوق الانسان هي: التعذيب، وأوضاع السجون، شؤون اللاجئين، حقوق العمال الأجانب، حقوق المرأة، اضافة الى مخلفات النزاعات والحروب الماضية. فما العمل في ظل هذا التدهور في مجال حقوق الانسان؟
تؤكد الباحثة والاستاذة المحاضرة في جامعة القديس يوسف رينا سركيس، التي تعمل في مجال حقوق الانسان منذ أكثر من 10 سنين لـ"النهار"، انه إذا لم تعالج كل هذه التحديات فيمكن أن تهدد نموّ البلد وتطوره. وتكمن المعالجة الأساسية في ضرورة إنشاء وزارة لحقوق الإنسان، مستقلة وغير تابعة لأي وزارة أخرى، وذلك من مبدأ ضمان حقوق الانسان وتعزيز العدالة وتأكيد حماية الأفراد، وبذلك يكون عملها أفعل وأقوى، وخصوصاً أن ثمة تدهوراً سريعاً في مجال حقوق الانسان في لبنان، وتزايداً للانتهاكات في هذا المجال.
سركيس، خاضت تحرّكاً منذ سنة لإنشاء وزارة لحقوق الانسان في لبنان، كما ان حكومة الظل الشبابية التابعة لجمعية "نهار الشباب" عملت في العام 2009 على اعداد مشروع قانون لإنشاء وزارة حقوق الإنسان، على أن يتم مرحلياً تخصيص وزارة دولة لهذا الغرض... لكن كل المطالبات بقيت حبراً على ورق!.
ثمة عدد كبير من المنظمات اللبنانية غير الحكومية مسجلة رسمياً في وزارة الداخلية، وسبب تأسيسها يرتبط بطريقة مباشرة، او غير مباشرة، بحقوق الانسان، لكن العاملة منها في طريقة مباشرة، أخذت على عاتقها الاهتمام بملفات معينة، وتساعد المجتمعات وتطالب بتغيير قانون ما أو تعديل او الغاء قانون، كما ان الضحايا موجودون، لكن الغائب الأكبر هو الدولة عبر هذه الوزارة عن معالجة انتهاكات حقوق الانسان المتكررة، مما شكّل فراغاً كبيراً على هذا الصعيد، وهنا تبرز الحاجة ملحة لملء هذا الفراغ.
لكن هل في الامكان إنشاء وزارة لحقوق الانسان في لبنان؟ في هذا السياق، تقول الاستاذة في القانون الدولي والمستشارة في مجال حقوق الانسان الدكتورة ماري غنطوس لـ"النهار" انه اذا أردنا تطوير أي قطاع واعارته أهمية ما ننشىء له وزارة لتنظيمه. فانتهاكات حقوق الانسان في لبنان كثيرة، وكذلك الكلام عنها، من تمييز عنصري الى حقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهي في حاجة الى عمل كثير". "فوجود وزارة مهمّ شرط ألا يكون دورها استشارياً فقط، وألا تكون حبراً على ورق، بل أن تتمتع بصلاحيات مهمة يعطيها إياها قانون تأسيسها وتمارسها في شكل كامل". من ناحية ثانية، تؤكد غنطوس ان انشاء وزارة في حاجة الى تكلفة وموازنة غير موجودة أصلاً، وثمة أمر يوازي بأهميته انشاء وزارة، إذا تعذر ذلك، وهو انشاء معهد مستقل أو هيئة مستقلة لحقوق الانسان. و
تختم ان وجود وزارة ضرورة لكنها غير واردة في ظل عدم وجود إرادة سياسية لذلك ولتعذر الموازنة، لكن هناك دولاً نامية لديها وزارة وهيئة وطنية لحقوق الإنسان في الوقت عينه، فالمهم تحديد صلاحيات كل من تلك المؤسسات.


هيئة مستقلة
وعن أهمية وجود هيئة مستقلة، فيؤكد رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية الدكتور ميشال موسى انه لا يوجد اي مشروع قانون مقدّم الى مجلس النواب لإنشاء وزارة حقوق الانسان. ويضيف سريعاً ان انشاء وزارة خطأ، اذ ان هذا يعني سلطة حكومية تحاسب من؟ الوزارات الأخرى؟ هل يمكن ان يحاسب وزير زملاءه؟ ثانياً، تشكل الوزارة مادة خلافية، فمن أين ستأخذ صلاحياتها؟ من كل الوزارات فيتعطّل عملها؟.
يشدد موسى على ان المطلوب اليوم انشاء هيئة مستقلة لحقوق الانسان لا علاقة لها بالسلطة، على غرار الدول المتقدمة، تتألف من رجال قانون ومجتمع مدني وشخصيات معروفة بالقانون الدولي واللبناني ومن اساتذة الجامعة، وتكون غير تابعة لأي فئة سياسية وتملك استقلالية مالية وإدارية وصلاحيات ولا تؤخذ من أمام أي وزارة. وبالتالي هذه الطريقة الآيلة الى تحسين الأمور والحد من الانتهاكات. "نحن وقّعنا في العام 2008 على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب وملتزمون انشاء هيئة مستقلة لمناهضة التعذيب، فبدلاً من انشاء هيئتين وتوفيراً للمال ولتضارب الصلاحيات بينهما، طلبنا الى المنظمة الدولية المعنية بمناهضة التعذيب ان نشكّل "الهيئة الوطنية لحقوق الانسان ومناهضة التعذيب"، وتقدّمت والنائب غسان مخيبر باقتراح قانون في هذا الاطار، نال موافقة اللجان المختصة واصبح جاهزاً لعرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب، لكن للأسف المجلس معطّل حالياً".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم