الجمعة - 03 أيار 2024

إعلان

كيف تخرق إسرائيل أمن "حزب الله" في عقر داره وتغتال العاروري والقيادات؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
موقع اغتيال العاروري (حسام شبارو).
موقع اغتيال العاروري (حسام شبارو).
A+ A-
كشف اغتيال القياديّ في حركة "حماس" صالح العاروري في الضاحية الجنوبيّة حجم الخرق الأمنيّ الموجود في صفوف "حزب الله" بالدرجة الأولى، والحركة الفلسطينيّة بالدرجة الثانية، نسبةً إلى أنّ العملية استهدفت القياديّ الأوّل لـ"حماس" في لبنان وأبرز قياديّيها في الإقليم، في منطقة محسوبة بشكل تامّ على "حزب الله" سياسيّاً وأمنيّاً، يصعب خرقها.

أسئلة عديدة طُرحت بعد تنفيذ عملية الاغتيال حول الشكل، فكيف لإسرائيل معرفة موقع العاروري في الضاحية الجنوبيّة؟ وكيف لها أن تعرف حركة العاروري وتوقيت تواجده في مكتب "حماس"؟ وكيف لإسرائيل اختراق الأجواء اللبنانية بمسيّرة لم يُعرف بعد مصدر إطلاقها، وتنفيذ عملية أمنية في عقر دار "حزب الله"؟ والأسئلة تطول حول مصادر المعلومات.

ليس خافياً أنّ أساس عمل أجهزة الاستخبارات في العالم دسّ عملاء لها لدى الأجهزة الأخرى، ولو كانت حليفة. وليس خافياً أنّ أكبر أجهزة الاستخبارات تعاني من مسألة الخرق. ومعلوم حجم خرق الموساد لـ"حزب الله"، وكان في وتيرة متزايدة في السنوات الأخيرة. وقد كشفت تقارير وتحقيقات عن وجود العديد من العملاء المجنّدين لصالح إسرائيل في صفوف "الحزب"، وتبيّن أنّ بعضهم تربطه صلات قرابة بقياديّين، إلى جانب الخرق الموجود في "حماس"، واعتقال أحد كوادرها قبل فترة أشهر بسبب تعامله مع إسرائيل.
 
 
وفي ما خصّ واقعة العاروري، فإنّ مسؤولية أمنه خلقت جدلاً، باعتبار أنّه يُقيم في الضاحية الجنوبيّة، أي بيئة "حزب الله" ومركز قوّته، خصوصاً وأنّه يمتلك المقوّمات للحماية، عكس "القسّام" المتواجدة بشكل رمزيّ في لبنان، وقدراتها مقارنة بغيرها قد تكون خجولة.

وللتذكير، فإنّ واقعة العاروري ليست يتيمة، بل إنّ إسرائيل استهدفت في الآونة الأخيرة العديد من قادة "حزب الله" العسكريّين جنوباً وفي سوريا، منهم قادة كتائب النخبة، أي قوّات "الرضوان"، ومن بينهم نجل النائب محمّد رعد وغيرهم تواجدوا في منازل بشكل سرّيّ، ما يشي بأنّ حجم الخرق الإسرائيليّ الاستخباراتيّ لصفوف "الحزب" وكوارده ليس بسيطًا.

  
هذه أساليب خرق إسرائيل لأمن "حزب الله"
الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية العميد خالد حمادة يُشير إلى أنّ "كلّ الأجهزة الأمنية الرسمية وغير الرسمية عرضة للاختراق، وذلك من خلال العملاء، مراقبة الشخصيات عبر المسيّرات وغيرها من التقنيّات، الاختراق الإلكترونيّ لأجهزة الاتصالات، والتعاون مع أجهزة استخباراتية خارجية من أجل التقاطع على معلومات موثوقة".

وفي حديث لـ"النهار"، يتحدّث حمادة عن الخرق الحاصل في صفوف "حزب الله" في الضاحية الجنوبيّة، ويلفت إلى أنّ "إسرائيل تمكّنت من اختراق منظومة أمن "حزب الله" في لحظة معيّنة من خلال الأساليب المذكورة سلفاً، وقد يكون ثمّة تقاطع معلومات بين إسرائيل وأجهزة استخبارات خارجيّة، كالأميركيّة أو الألمانيّة على سبيل المثال، ما أدّى إلى نجاح العمليّة".

ويُضيف في السياق نفسه: "منظومة "حزب الله" الأمنية لا تتمتّع بالاحترافيّة الكافية، وكان ثمّة هفوات استغلتها المخابرات الإسرائيلية لتنفيذ العملية، فالعاروري حضر بموكب إلى مكان الاجتماع، والمواكب ثغرة أمنية استخباراتية، ثمّ أنّ مكان الاجتماع كان شقّة عادية، وليس ملجأ للحماية، وبالتالي فإنّ إغفال بعض التفاصيل أو الارتفاع في منسوب الثقة بالنفس من قبل الحزب والعاروري قد يكون سبباً في تسهيل إنجاز العملية".

ويُشير حمادة إلى أنّ "الحزب قد يكون الجهة الوحيدة التي تُسيطر أمنياً في الضاحية الجنوبية، ولا يُشارك معلوماته مع أيّ طرف، إلّا أنّ الضاحية نفسها قد تكون مخترقة من قبل جهات قد يكون لها مصلحة في إرباك "حزب الله"، كمجموعات فلسطينية لها اعتباراتها نتيجة موقف الحزب من الصراع بين المجموعات الفلسطينية والسلطة على سبيل المثال، كما أنّ قيادات الحزب نفسه قد تكون متناقضة على صعيد الموقف من الحرب في غزة ما يسمح بحصول اختراقات على خلفية تضارب المصالح في ما بينهم". 

ولا يغفل حمادة الفرضية التي انتشرت في الرأي العام، والتي تتحدّث عن تلكّؤ مقصود من قبل "حزب الله" لجهة تأمين حماية أمن العاروري، أو التخلّي عن حمايته للقول أنّ الحزب ليس جزءاً من الصراع الدائر في غزّة. ويُشير إلى أنّ "أي شخصية تعمل في الشقّ السياسي والعسكري والأمني تكون عرضة للاغتيال، وقد يكون ثمّة تقاطع دولي إقليمي لاغتيال العاروري، ويكون الاغتيال جزءاً من عملية مقايضة في الأمن أو السياسة، فتُسلّم إيران قيادي "حماس" مُقابل ثمن سياسيّ، ولكن يبقى الأمر فرضية".

أمّا وعن الخرق الحاصل في صفوف الحزب جنوباً، وتمكّن إسرائيل من تحديد مواقع قياديي "حزب الله" في المنازل وعناصر نخبته، وعلى سبيل المثال "سراج" نجل النائب رعد، يقول حمادة إنّ "عدم وجود منظومة أمنية محترفة لدى الحزب يؤدّي إلى الخرق، ووفق ما تمّ التداول به، فإنّ نجل رعد أجرى اتّصالاً هاتفياً قبل اغتياله، ربّما أدّى إلى تمكّن إسرائيل من خرق أجهزة الاتصالات وتحديد مكانه، وهذا ربما ما يحصل جنوباً مع اغتيال قادة في الحزب من خلال خرق أجهزة الاتصالات والكاميرات وغيرها، بالإضافة إلى احتمال وجود عملاء".

وبالنسبة إلى سوريا، حيث يقصف الطيران الإسرائيليّ بشكل دائم مواقع تابعة للحزب، ويغتال عناصره ويدمّر مستودعاته، فيُشير حمادة إلى أنّ "في سوريا عامل إضافيّ على عوامل الضعف المذكورة سلفاً، وهي تعدّد  الفصائل المقاتلة الموجودة إلى جانب الحزب، ما يعني عدم وجود منظومة أمنية موحّدة ومتماسكة، فيحصل الخلل وتستغلّ إسرائيل الثغرات وتجمع المعلومات بالتنسيق مع أجهزة استخباراتية أخرى".

ويختم حمادة حديثه مجيباً على السؤال الأكثر تداولاً، وهو عن قدرة إسرائيل على اختراق أمن "حزب الله" واغتيال أرفع قادته بعد اغتيال العاروري في مقرّ الحزب، ويقول: "إن الاختراق الأمنيّ لا حدود له، وإسرائيل قادرة على استغلال أيّ ثغرة بالتعاون مع أجهزة أمنية أجنبية، إلّا أنّ أيّ اغتيال له حساباته السياسية وليس فقط الأمنية".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم