الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

من التسوية إلى ترسيخ البنيان

المصدر: النهار
المطران بولس مطر
Bookmark
البابا فرنسيس
البابا فرنسيس
A+ A-
 يسجل اللبنانيون بمزيج من الارتياح والترقب الدعوات المتعددة الصادرة أخيرًا عن شخصيّات وطنية في الداخل وعن مراجع أجنبية وعربية من الخارج، إلى سلوك دروب التسوية في لبنان، في حدود الممكن والمقبول، وصولاً إلى انتاج حكومة جديدة بات يعتبرها العالم شرقًا وغربًا حكومة إنقاذ وباب خلاص أوحد لهذا الوطن الصغير المعذب. ولم يعد أحد من الباحثين السياسيين بحاجة إلى أدلّة دامغة فوق ما يمكن منها أن يُرى بأمّ العين وأن يُلمس بلمس اليد، ليدرك أن لبنان بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط المريع في وهدة الانهيار الشامل، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وماليًّا وسياسيًا. والتسوية هذه التي يُدعى القيّمون على شؤون البلاد إلى قبولها والعمل بها لم تعد ترفًا فكريًّا أو وسيلة بين وسائل متعددة متاحة لإيجاد الحلول المطلوبة، بل تحولت بفعل التأزم الحاضر غير المسبوق إلى فرصة أخيرة يجب ألا تضيع إذا ما أردنا تجنيب البلاد اخطارًا رهيبًة تتهددها وتجعلها تترنح ما بين الحياة والموت. ولقد بات من الضرورة بمكان أيضًا، أمام هذا الوضع المأسوي المهدّد بضياع البلاد، أن نقدّر الخسارة العظمى التي سنُمنى بها ويُمنى العالم معنا، بخسارة كيان لبنان. فهذا الوطن هو وطن الرسالة والدعوة للعيش المشترك السويّ بين المسلمين والمسيحيين المنتشرين معًا تحت كل سماء. ولبنان هو إحدى المنارات المشعة على ضفاف البحر المتوسط، كما وصفه المجمع الماروني المنعقد في أوائل القرن الحادي والعشرين برعاية الصرح البطريركي في بكركي، وهو الشاهد الحقّ لحضارة التلاقي مع الآخر وللتعددية في المجتمعات، ولا سيما تلك التي تحيط به من الامصار الشرقية، إلى حد أن قداسة البابا فرنسيس قد أشار في خطابه التقليدي للسنة الحالية، أمام أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان، إلى أن وجود لبنان هو ضمانة "للتعدد والتسامح والتنوع على مساحة الشرق الاوسط برمته". لهذه الاسباب ولسواها نعتبر ومعنا العالم بأسره أن خسارة لبنان ليست خسارة لبنانية فحسب بل هي أيضًا، وبما هو أكثر، خسارة عربية وخسارة دولية. حيال هذا الواقع وهذا التقييم يجب أن تبرز أمام المسؤولين المباشرين عن تأليف الحكومة الجديدة ضرورة وضع الاولويات في موضعها الصحيح. فلا اعتبار يفوق اولوية وجود هذه الحكومة وعملها الانقاذي للبنان في...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم