الخميس - 09 أيار 2024

إعلان

تهافت على الأدوية بعد الحديث عن رفع سعر الدعم... تهريب وفرضيات أخرى!

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
هل تهافت الناس على شراء الدواء ادى إلى نقطاعه؟
هل تهافت الناس على شراء الدواء ادى إلى نقطاعه؟
A+ A-

عادت أزمة الدواء إلى الواجهة من جديد. الحديث عن انقطاع بعض الأدوية ومنها للأمراض السرطانية والمزمنة عاد ليشغل بال اللبنانيين بعد فترة من تأمينه بصورة منتظمة. أزمة الدواء في لبنان أصبحت بمثابة لعبة الشطرنج، "كش ملك" أو "ربح الملك"، عوامل كثيرة تلعب دوراً في اختفاء الدواء وانقطاعه قبل أن يُعاد تأمينه، إلا أن الحديث عن رفع الدعم عن الدواء أدى إلى تهافت كبير على الأدوية وبالتالي انقطاعها أو استهلاك التخزين والحاجة إلى الاستيراد السريع. 

منذ أشهر واجه لبنان انقطاعاً في بعض الأدوية وخصوصاً أدوية القلب، وترددت معلومات حول دخول كميات كبيرة من الأدوية إلى الجمارك، وهي أكبر من حاجة السوق، إلا أنها اختفت أو تمّ تخزينها. حتى إن هناك بعض الأدوية يجري تهريبها إلى الخارج، ومنها إلى العراق، وتُقدِم بعض الجهات على شراء الدواء الذي يُستورد بسعر 1517ل ل للدولار وبكميّات كبيرة، ومن ثم يتمّ تصديره إلى الخارج، أو يُخبَّأ في مكان ما ليُعاد بَيعه في السوق السوداء لاحقاً. 

أسئلة كثيرة تفرض نفسها في هذا الموضوع: من هو المستفيد من انقطاع الأدوية؟ ماذا عن تهريب الأدوية إلى بعض الدول ومنها سوريا والعراق وليبيا؟ لماذا التأخير في توقيع اعتمادات مستوردي الأدوية لاستيراد الأدوية؟ ولماذا لم نشهد بعد آلية لدعم الصناعة المحلية والتخفيف من عبء الفاتورة الدوائية؟

ما لا شك فيه وجود قطبة مخفية في ما يجري، والكل يتهرب من مسؤوليته. وفق نقيب الأطباء، يعود السبب الذي أدى إلى انقطاع الدواء إلى تهافت الناس لشراء كمية أدوية بعد الحديث عن رفع الدعم عن الدواء. يشرح لـ"النهار" أن "أزمة الدواء تعود إلى سببين:

الأول: آلية استيراد الدواء، فالمستورد عليه إرسال الفاتورة إلى المصرف الذي بدوره يرسله إلى مصرف لبنان. وبعد دراسة الفاتورة تأتي الموافقة للحصول على الاعتماد. هذه آلية تستغرق بين الـ20 يوماً والشهر. ونتيجة هذا التأخير، تضطر المصانع الخارجية إلى تصريف الكمية الموصى بها، وبالتالي تحتاج إلى وقت إضافي لإنهاء الطبخة الجديدة وتسليمها للبنان، ما يؤدي إلى تأخير وصول الدواء. 

الثاني: والذي زاد الطين بلّة، عندما تردد عن رفع الدعم عن الدواء ساد الهلع عند المواطنين ما أدى إلى تهافت كبير على الأدوية وشرائها بكميات أكثر من حاجتهم. وهذا التهافت تسبّب باستهلاك مخزون المستودعين وانخفاضه من 6 أشهر إلى الشهر ونصف الشهر، الأمر الذي دفع بتوزيع الأدوية "بالقطّارة" إلى الصيدليات حيث لم يعد لديها أدوية كما كان في السابق. 

وعن مشكلة التهريب، يؤكد الأمين أنه "انخفض مقارنة بالسابق، ما يعني أن ليس هناك تهريب للأدوية أو بنسبة بسيطة لا علاقة لها بالأزمة. ولكن ما يهمنا اليوم هو تطمين الناس ولا صحة لرفع الدعم عن الدواء، والإسراع في آلية الاعتمادات للمستوردين".

أما أبرز الأدوية المقطوعة فهي أدوية الأعصاب والأمراض المزمنة والسرطان. ولكن ماذا عن الصناعة المحلية؟ يشدد على أن "الحلّ يتطلب دراسة وتصحيحاً في السياسة الدوائية، وهذا بدوره يتطلب سنةً كحد أدنى حتى نلمس نتائجها، وفي الوقت الحالي ليس لدينا وقت للانتظار والحل الوحيد يكون في عدم إيقاف الدعم عن الدواء والإسراع في طلبات المستوردين في المصارف. علماً أن نسبة الصناعة الدوائية في الفاتورة الدوائية لا تتخطى الـ8%، وحتى نتمكن من رفعها إلى 60% يتطلب ذلك وضع خطة كاملة ومختبر مركزي، ولن نحصد نتائجها إلا بعد سنتين من بدء العمل بها".

هذا رأي نقيب الصيادلة... ولكنّ لرئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي وصفاً آخر لأزمة الدواء. يقول لـ"النهار" إن "المشكلة متعددة الأوجه. عندما حُكي عن رفع الدعم عن الدواء، ساد الخوف والهلع عند الناس الذين تهافتوا إلى تخزين الأدوية خوفاً من ارتفاع سعرها أو انقطاعها. وهذا التهافت يعتبر سبباً من الأسباب ولكن ليس السبب الوحيد المسؤول عن الأزمة الدوائية. نحن في بلد كل شيء مباح وليس هناك من يراقب ويحاسب. إحتمال تهريب بعض الأدوية إلى الدول المجاورة، أو شرائها من الصيدليات ومن ثم بيعها إلى الخارج نتيجة انخفاض سعر أدوية البراند بسبب دعمه بنسبة 85% من الدولة. كذلك حُكي عن فرضية جمع بعض الأدوية قبل رفع الدعم لبيعها على السعر المرتفع وليس المدعوم من الدولة. بالإضافة إلى معلومات تفيد بتصدير الأدوية التي تصل إلى لبنان، ولقد اجتمعتُ مع نقابة مستوردي الأدوية وسيكون لي اجتماع في اليومين المقبلين معهم لمعرفة حقيقة ما يجري، هل المشكلة فقط في خوف وتهافت الناس على شراء الأدوية أم هناك من يجمع الأدوية ويبيعها إلى الخارج؟!

يبدو واضحاً انقطاع أدوية كثيرة يوماً بعد يوم، وهذا يعني أننا مقبلون على أزمة دواء جدّية في البلد. وسيكون لنا كلجنة صحية اجتماع للتشديد على أهمية دعم الدواء من مصرف لبنان، لأن رفع الدعم سيؤدي إلى مشكلة خصوصاً أن وضعنا الاقتصادي والاجتماعي صعب جداً، ويجب عدم المسّ بصحة المواطن. انقطاع الدواء أو فقدانه له نتائج سلبية، نحن اليوم نلجأ إلى بدائل أدوية ولكن الخوف فقدان هذه الأصناف من السوق أيضاً. لذلك علينا حلّ هذه المشكلة بالتعاون مع مصرف لبنان ونقابة مستوردي الأدوية، والكل يتهرب من المسؤولية، وهذا ما يفرض علينا البحث في كل الأسباب والاستماع إلى المعنيين للتوصل إلى حل يمنع تكرار انقطاع الأدوية في السوق".

ويختم عراجي قائلاً: "ما نواجهه اليوم هو عينة من أزمات كثيرة يرزح تحتها البلد، والمحسوبيات وحماية بعض المسؤولين وعدم قدرة القضاء على محاسبتهم تعرقل خطة الإصلاح وتجعلنا فريسة بعض الحمايات والمحسوبيات. ونأمل عدم تكرار هذه الأزمة كلما "دق الكوز"، لأن صحة المواطن فوق كل اعتبار".

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم