ليس بالمال وحده يحيا لبنان

ليس بالمال وحده يحيا لبنان بل بالعناية الإلهية، مثله مثل بقيّة الدول العربيّة، التي تكافح شعوبها من أجل حياة تليق بالكرامة الإنسانيّة. وحين تعجز عن تحقيقها تُرسل شبابها إلى بلاد تؤمّن لهم أبسط حقوقهم الإنسانية على أمل النجاح في لمّ الشّمل والذهاب إليهم هرباً من الفقر والعجز والقهر. وبالرغم من تزايد أعداد المهاجرين والراغبين في اللحاق بهمّ، تصرّ تلك الدول على أنّها قوية سائرة على درب الإصلاح ثمّ التطور طالبة ممن اغترب أن يساهم فيهما. ولذلك كنت الأصدق حين أعلنت إفلاسك. ومع ذلك لا تحزن، فليس بالخبز وحده تحيا الأوطان، ولا بما لديها من احتياطيّ الذهب الرنّان، بل بما فيها من ذخائر روحيّة وفكريّة وفنيّة. فزوربا هو من عرّف بأدب وفنّ اليونان، وحمزاتوف هو من تغنّى ببلده داغستان، ولولا فيلم "حجر الصبر" لما عرف العالم ما يجري في أفغانستان، ولولا فيلم "فتى الطائرة الورقيّة" لما أدرك ما يجري في باكستان. ولا تزال الأفلام تنتج للتذكير بما أجرم به هتلر، وشكسبير هو المعروف من البريطانيين، والفاتيكان هو منارة الطليان. فما دام لديك يا لبنان مزار حريصا وغيرها من القديسين وأديرة الرهبان، وما دمت بلد فيروز ووديع ونعيمة وجبران، وما دمت قادراً على إنجاب البطل والكاتب والمناضل والفنان فلن تموت. وإن سرت مع شعبك على درب الآلام، ورقدت تحت أعباء الأزمات والقروض، فستقوم كما قام من تحتفل بصلبه وقيامته على مرّ الأزمان. ولكن حين تحوّل الألم إلى تمرّد، والعجز إلى قدرة، واليأس إلى تصميم على التغيير، تغيير عقليّة الإنسان فيك يا لبنان، وتحويلها إلى العلم والعمل والإيمان بنفسه بأخيه الإنسان بك يا أغلى الأوطان على قلبه يا لبنان.