الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

المليارات باقية في خزائنهم

المصدر: النهار - سعد نسيب عطاالله
المليارات باقية في خزائنهم
المليارات باقية في خزائنهم
A+ A-
صدقنا بعد 17 تشرين الأول عام 2019، أن إقفال المصارف أسبوعين كاملين بعد هذا اليوم، وأن عمليات تحويل الأموال التي اختلسها ونهبها السياسيون الفاسدون في الدولة من الخزينة العامة إلى الخارج، هي القشة التي قصمت ظهر بعير العملة الوطنية، الليرة، وجردت المصارف المحلية من أموال المودعين بالعملة الخضراء!
حيث إن الاقتصاد اللبناني يعتمد على الاستيراد الذي يتطلب العملات الأجنبية من أجل توفير السلع الضرورية والكمالية، فقد أدى ذلك إلى ازدياد الطلب على العملة الخضراء، ما رفع من قيمتها إلى معدلات خيالية!
تدخل مصرف لبنان في سوق القطع، ممّا ادّى الى تدنّي الاحتياطي المالي، الذي يتشكل من نسبة مئوية من أموال المودعين، جراء تبني سياسة الدعم الجهنمية، التي فتحت أمام المستوردين أبواب تبييض أموالهم، وتحويلها إلى حساباتهم في مصارف الخارج، واستعمالها أيضاً لتخزين كميات هائلة من السلع الغذائية لتهريبها وتسويقها لاحقاً بأسعار تفوق قدرة المستهلك اللبناني، وتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطنين "غير الميسورين"!
لا أعتقد أن تحويل أو تهريب كل الأموال المنهوبة إلى مصارف الخارج يمكن أن يحدث بهذه السهولة الكلامية، لأن حبل النظام الرأسمالي في دول الغرب ليس متروكاً على غاربه، كما هو حال الفساد المزري في لبنان.
أعتقد أن كميات هائلة، من مليارات العملة الحضراء المودعة في المصارف، قد سحبت نقداً من المصارف اللبنانية، وحفظها الفاسدون، والسياسيون والمستوردون، والمتعهدون، في خزائنهم الخاصة، قبل وبعد 17 تشرين الأول عام 2019، وهم يتآمرون اليوم مع وسائل الإعلام للتعمية على ذلك، ويوهمون الناس أنها ليست في متناولهم، والترويج أنها موجودة في حساباتهم في الدول الأجنبية!
لقد شارك كل الفاسدين الذين أتيت على ذكرهم أعلاه، بعمليات سلب أموال المودعين، في غفلة مدبرة عنهم، وها هم يلهون الناس على مدى العامين المنصرمين بخلافاتهم المفتعلة بين بعضهم البعض، عن سابق قصد وتصميم، ويقولون للمودعين "الأوادم" إن جنى أعمارهم قد تبخر، وإن لا أمل باسترجاعها!
إن دهاء هؤلاء الفاسدين في لبنان يفوق دهاء كل الماكرين في العالم، إذ أدركوا أن كل تحويل مالي إلى الخارج سوف تكون الخزينة الأميركية على علم مباشر به، وسوف يجري تجميده ووضع اليد عليه، كما حصل مع الودائع الإيرانية بعد سقوط نظام الشاه، وأنظمة أخرى سواه، التي كانت تدور في فلك الأمبراطورية الدولارية الإميركية المعاصرة؛ وعليه، فإنهم آثروا تخزينها نقداً، بحيث تضيع وجهة استعمالها وأماكن تواجدها لاحقا عن عيون المراقبين الماليين الأميركيين!
علينا أن نسلم أن كل عملية سحب حتى دولار واحد من ماكينة الصراف الآلي ATM، وفي كل أرجاء العالم الرأسمالي، تستوجب الموافقة الفورية من جهاز الرصد الأميركي المالي العالمي، ويجري تسجيلها وحفظها في أجهزة المعلوماتية الإلكترونية الضخمة لديهم، كما يمكن الإدارة الأميركية استرجاعها على شاشاتهم الإلكترونية واستعمالها متى يشاؤون!
يدرك ذلك جيداً الفاسدون في لبنان المزرعة، وهذا دليل على بقاء مليارات الدولارات النقدية في قصورهم، وكهوفهم السوداء العميقة!
نعم إن هؤلاء هم المتلاعبون في منصات الدولار السوداء، المسحوبة من خزائنهم السوداء، الموجودة في كهوفهم العميقة السوداء.
إنهم يجوعون الشعب، ويتركونه غارقاً في خضم الأمراض والعوز، إلى أن يجيء يوم يمكنهم شراء كل مؤسسات الدولة بأرخص الأثمان، حتى يبقوا سيوفهم مصلتة على رقاب كل من تبقى من القطيع اللبناني المتناقص بوتيرة متسارعة، جراء الهجرة، والفناء الوجودي المستدام!
إنهم جميعاً، مشاركون، في تشكيل عصابة سلطوية فاسدة، لا يمكن التخلص منها سوى بتشكيل مجموعات شبابية من طلبة الجامعات، تمتلك رصيداً من روح البطولة والعزيمة، تقوى على هدم الجبال الصخرية الشاهقة، ومستعدة للمبادرة والقيام بتقديم التضحيات الفردية والجماعية، أضاحي في هيكل تحرير لبنان، من موبقات شرور أمراء الحرب، ومافيات المستوردين، والتجار الفجار، ومن وباء زعرانهم الذين يحرسون مقامات هؤلاء الأبالسة الكفرة!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم